حدثٌ جَلَلٌ يهُــزُّ العالم الإسلامي ومحور المقاومة بما حصل اليوم
البيانات تتولى: الصوتُ والصورة التي يخشاها القتلة
متابعات| تقرير*:
نعت فلسطين، وقناة الجزيرة والمؤسسات الإعلامية وعموم الإعلاميين، الصحفية الزميلة شيرين أبو عاقلة التي استشهدت – بالقتل عمداً – على يد قوات الاحتلال أثناء تلبيتها لواجبها المهني وصوت ضميرها الحي في تغطية اقتحام مخيم جنين. واجب أدّته الشهيدة طوال 25 عاماً على أكمل أوجه نصرة القضية الفلسطينية محاولةً “على الأقل إيصال هذا الصوت الى العالم” (كما كانت تقول).
صباح الأربعاء في 11 أيار 2022، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم جنين وسط تصدٍ من المجاهدين حيث دارت الاشتباك، وكما جرت العادة، تواجد الصحافيون في الميدان لتغطية الحدث، الا أن الاحتلال أراد حجب الواقع وطمس الحقائق واستهداف عين الحقيقة التي تصدّر الى العالم – بالصوت والصورة المباشرة – بشاعة جرائمه في انتهاك المخيّم وأهله، فأصاب بقنّاصه أبو عاقلة التي كانت تحاول مساعدة زميلها علي السمودي الذي أيضاً طالته رصاصات الاحتلال في ظهره.
الاحتلال قتل شيرين عمداً
” لا تقولوا استشهد قولوا أُعدم بعد أن سقط على الأرض”، فقد أعدم الاحتلال شيرين بإطلاقه لرصاصته (من النوع المتفجّر) في منطقة الرأس وتحديداً أسفل الأذن حيث لا تغطيها الخوذة (حسب ما نقل مدير مكتب الجزيرة في فلسطين وليد العمري) على الرغم من معرفته بأن أبو عاقلة صحفية وكانت ترتدي السترة الخاصة وأشار الاتحاد الأوروبي للصحيفين أنه ” تم استهداف الصحفيين الذين يرتدون سترات صحفية محددة بشكل دقيق خلال عملهم في جنين من قبل قناصة الاحتلال”. وفي شهادة ميدانية لزميلة الشهيدة، شذا حنايشة، التي كانت الى جانبها في اللحظات الأخيرة فقد أكدت أن ” جيش الاحتلال تعمد استهدافنا رغم أن المنطقة التي كنا فيها لم تشهد إطلاق نار… كنا نرتدي سترة الصحافة والمنطقة التي كنا فيها لم تشهد أي تجمعات من غير الصحفيين… قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت وصول سيارات الإسعاف لإنقاذ شيرين أبو عاقلة”.
الاحتلال يزوّر الوقائع: هل تحاسبه الولايات المتحدة؟
غير أن الاحتلال يحاول التملّص من دم الصحفية ولجأ الى نشر مقاطع فيديو مضلّلة تزعم أن أبو عاقلة استشهدت في منطقة يطلق منها النار، فقد ذكر موقع “وللاه” العبري أن ” مقطع فيديو نشرته قناة الجزيرة لحادث إطلاق النار الذي راح ضحيته شيرين أبو عاقلة، من زاوية التصوير تبدو منطقة مختلفة عن تلك التي شوهدت في شريط فيديو وزعته إسرائيل ادعت فيه حدوث تبادل لإطلاق النار في المنطقة”. ثمّ ادعى وزير حرب الاحتلال بني غانتس “أن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى وجود فرصة معقولة لإطلاق النار على شيرين أبو عاقلة من قبل مسلحين فلسطينيين”.
فيما طالب سفير الولايات المتحدة في الكيان المؤقت، توم نيديس، بإجراء إجراء تحقيق شامل في ملابسات وفاتها مشيراً الى أن “شيرين أبو عاقلة تحمل أيضا الجنسية الأمريكية”. فهل تحاسب راعية هذا الكيان على جريمته التي تجاوز بها القوانين والأعراف الدولية؟ ويرفض – على لسان المتحدث السابق باسم الجيش آفي بنياهو – تقديم الاعتذار.
وذكّرت قضية شهادة أبو عاقلة، الفلسطينيين من جهة بمشهد قتل الاحتلال للطفل محمد الدّرة عام 2000 الذي شكّل شرارة انطلاق انتفاضة الأقصى الثانية حيث نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الصورتين للقول إن جرائم الاحتلال لم تتغيّر منذ 22 عاماً. ومن جهة ثانية، قال الصحفي الإسرائيلي براك رافيد على صفحته على “تويتر” “حدث هذا الصباح في جنين قصة مهمة للغاية، شيرين أبو عاقلة هي واحدة من أقدم وكبار الصحفيين في قناة الجزيرة، معروفة بها في جميع أنحاء العالم العربي وخارجه… قد يكون تأثير هذا الحادث مشابهًا لقصف مبنى الأسوشييتد برس أثناء الحرب الأخيرة في غزة”.
شيرين تعيد قضية انتهاك الصحفيين الى الواجهة
أعادت شهادة شيرين قضية انتهاك الاحتلال المتعمّد للصحفيين الفلسطينيين الى الواجهة حيث قتل 48 صحفياً منذ الانتفاضة الثانية، وفي العام 2021 فقط ارتكب الاحتلال 652 انتهاكاً بحق الإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة (بحسب لجنة دعم الصحفيين) خاصة خلال العدوان على قطاع غزّة في أيار الماضي حيث قَتل صحفياً ودمّر 59 مؤسسة إعلامية. ويعتقل الاحتلال الى الآن 10 صحفيين في سجونه.
شيرين أبو عاقلة: مسيرة من العطاء المهني
وُلدت شيرين في 3 كانون الأول / يناير 1971 في القدس المحتلة لأسرة مسيحية تنحدر من مدينة بيت لحم، وحازت على درجة “البكالوريوس” في الصحافة والإعلام من جامعة “اليرموك” في الأردن، عملت في إذاعة فلسطين، وقناة عمان الفضائية، إذاعة “مونت كارلو”، كما أنها أستاذة محاضرة في جامعة “بيرزيت” في الضفة الغربية، التحقت بشبكة الجزيرة الإعلامية منذ العام 1997، وكانت مراسلة غطّت أحداث الانتفاضة ومعركة “سيف القدس”.
* الخنادق