معادلة جديدة تفرضُها ظروفُ الحرب في اليمن
اليمن.. أيّ معادلة ستفرضُها ظروفُ الحرب!؟
هشام الهبيشان*
في وقت لا تزال أصداء العدوان السعودي ـ الأميركي على اليمن تلقي بظلالها على الوضع المأساوي والمعيشي في الداخل اليمني، جاء المشهد اليمني بجموعه، ليلقي بكلّ ظلاله وتجلياته المأساوية واقعاً جديداً على الواقع العربي المستباح، فيظهر إلى جانب هذا المشهد العربي المستباح واقع المشهد اليمني بكلّ تجلياته المؤلمة والمأساوية، والتي لا تزال حاضرة منذ اندلاع الحرب العدوانية السعودية ـ الأميركية على الشعب اليمني. وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على اليمن كلّ اليمن، تاركاً خلفه عشرات آلاف الشهداء والجرحى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكلّ البنى التحتية .
اليوم نسمع من جديد عن مؤتمرات دولية «لا تُغني ولا تُسمن جوع اليمنيين التواقين إلى الاستقرار» وهذه المؤتمرات التي تُعقد في مناطق جغرافية خارج الوطن اليمني، تسعى ـ كما يُقال ـ إلى وضع حدّ لحالة الحرب العدوانية الخارجية المفروضة على الدولة اليمنية، ولكن هنا، يمكن القول إنه بات من الواضح أنّ مسار الحلول السياسية قد نعته آلة الحرب السعودية ـ الأميركية، فقد عشنا منذ مطلع الربع الثاني من العام الماضي تحديداً على تطورات دراماتيكية «دموية»، عاشتها الدولة اليمنية بسبب العدوان السعودي ـ الأميركي على اليمن من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه، والواضح أنها ستمتدّ على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا اليمنية، وبشكل سريع ومفاجئ جداً، في ظلّ دخول متغيّرات وعوامل جديدة وفرض واقع وإيقاع جديد للخريطة العسكرية اليمنية.
في اليمن وداخلياً، يدرك معظم الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة «الإصلاح» الإخوانية وأنصار هادي والمتحالفين مع السعودية، طبيعة مسار هذه الحرب التي تستهدف اليمن، فمعظم صنّاع القرار اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، يعون اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى، أنّ اليمن أصبح بحاجة إلى سياسة ردع دفاعية، تزامناً مع اندفاعة السعودي والأميركي للاستمرار بالحرب على اليمن، وفرض معادلة صفرية على كلّ قوى الداخل اليمني المناهضة للعدوان السعودي ـ الأميركي على اليمن، فالصمود اليمني، هو رسالة يمنية واضحة للسعودي وللأميركي، مفادها أنّ المعادلة العسكرية في اليمن قد تغيّرت، خصوصاً أنّ المناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح، إلى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان، قد تنفجر تحت ضغط الخارج، لتفجر الإقليم بكامله.
وهنا، للتاريخ، نكتب ونقول، إنّ اليمنيّين فاجأوا الجميع ونجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة العدوان السعودي ـ الأميركي، ونجحوا ببناء وتجهيز إطار عام للردّ على هذا العدوان، ونحن هنا، نتوقع مزيداً من الردود اليمنية على العدوان السعودي ـ الأميركي، لكن طبيعة هذه الردودّ وشكلها لا يزالان طيّ الكتمان ولم يفصح عنهما ساسة وعسكر اليمن، لكنّ الواضح أنّ السعوديين كما الأميركان بدأوا، بدورهم، التحضير لاستيعاب واستقراء طبيعة هذه الردود، ويبدو أنّ الأيام المقبلة، ستحمل المزيد من التطورات على الساحة العسكرية اليمنية وخصوصاً في الحديدة، فالتطورات العسكرية، من المتوقع أن تكون لها تداعيات عدة، سنشهدها مع مرور الأيام، فهل يستطيع السعوديون ومن معهم تحمّل تداعياتها؟ خصوصاً أنّ لهم تجارب عدة في الصراع مع الشعب اليمني، منذ عام 1934، مروراً بأحداث عدة، ليس آخرها ولا أولها، أحداث عام 2009، بعد الاشتباك المباشر بين «أنصار الله» والسعوديين في مدينة صعدة اليمنية، ومن هنا، سننتظر المقبل من الأيام، لنقرأ هذه المعادلة بشكل واضح، تزامناً مع الأوضاع الماسأوية للشعب اليمني، نتيجة العدوان السعودي ـ الأميركي على اليمن المستمر منذ خمسة أعوام.
ختاماً، يمكن القول إنّ المشهد اليمني يزداد صعوبة بالنسبة للسعودي ومن معه مع مرور الأيام، وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الأرض اليمنية من قبل بعض القوى الوطنية بالداخل اليمني «أنصار الله وحلفاؤهم» لوضع وتنسيق حلول مقبولة مع الأطراف الوطنية الأخرى بالداخل اليمني للاستفادة من المنجزات العسكرية والسياسية التي يحققها الصمود اليمني، على الأقلّ لإيقاف حالة النزيف التي يتعرّض لها الوطن اليمني، نتيجة العدوان السعودي ـ الأميركي، وإلا ستبقى الدولة اليمنية بكلّ أركانها تدور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الأرض اليمنية.