صحيفةٌ عربية: اليمنُ الجديدُ الذي بدأ الإعدادَ والتصنيعَ العسكري من الصفر جيشٌ يُرهِبُ دولاً
اليمن الذي بدأ من الصفر: جيشٌ يُرهِب دولاً
متابعات| تقرير*:
مع انطلاق العدوان على اليمن، ظنّ السعوديون، على وجه الخصوص، أنّ «عاصفة الحزم» ستمُرّ ثقيلة على «أنصار الله»، خصوصاً بعدما ورثت الحركة مؤسّسات دولة، بجيشٍ وقوى أمنية، أنهكها انسحاق علي عبد الله صالح، وتالياً عبد ربه منصور هادي، أمام الإرادة الملَكية السعودية، بشكل سمح للرياض بتحويل اليمن وجيشه إلى حديقة خلفية تعمّها الفوضى والضعف. سريعاً، أثبتت قيادة «أنصار الله»، في المعركة المفتوحة مع السعودية وحلفها «العربي»، ومِن خلفهما الولايات المتحدة، أن ما لم يكن في الحسبان قد تَحقّق. وعلى قاعدة «تحويل التهديد إلى فرصة»، صار اليمنيون يتحدّثون اليوم عن تحوّلهم إلى «قوّة تُصنّع احتياجاتها من الأسلحة المناسبة لاستراتيجية المواجهة التي وضعتها القيادة لإدارة المعركة مع السعودية والإمارات، كعدو قريب»، فيما تقف إسرائيل في خلفية المشهد، وقد بدأ إعلامها وخبراؤها ومراكز الدراسات فيها يتحدّثون عن «التطورات الاستراتيجية في المنطقة»، والتي من شأنها أن تجعل هجوم «أنصار الله» على كيانهم «أكثر احتمالاً»، مدعوماً بـ«مخزون كبير من الأسلحة» و«تطوّر عسكري كبير»، ما يؤثّر سلباً على كيان العدو ويضع قادته أمام «معضلة الانجرار إلى المستنقع اليمني».
ورشة تطوير كبيرة انخرطت فيها «أنصار الله» بتشكيلاتها ووحداتها كافّة، مكّنتها بعد ثماني سنوات على بدء العدوان، من تطوير قدراتها العسكرية وتنمية خططها واستراتيجياتها الحربية، التي أهّلتها للتعامل مع التحوّلات الطارئة والمتسارعة لأحوال الجبهات والميدان، والانتقال بمرونة كبيرة بين الأنساق الدفاعية (مثال على ذلك معركة الساحل الغربي عام 2019، واستراتيجية التحصينات الدفاعية التي اتّبعتها الحركة داخل مدينة الحديدة)، والهجومية (نموذج من ذلك الغارات البرّية التي كان يشنّها مقاتلو الحركة على مواقع الجيش السعودي في مدن وقرى نجران، وعسير، وجيزان، الحدودية مع اليمن)، وحتى الجمع بينهما، في استراتيجية لم تقتصر على نوع واحد من العمليات العسكرية، بل اشتملت على:
– العمليات الجوّية التي استهدفت منشآت عسكرية واقتصادية في العمقَين السعودي والإماراتي بواسطة الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة أخيراً.
– العمليات البحرية عبر استهداف سفن «التحالف» وزوارقه بواسطة صواريخ أرض – بحر مطوّرة ومصنّعة محلياً، وزوارق غير مأهولة.
طول المدى الزمني للحرب شكّل تحدّياً كبيراً لـ«أنصار الله» ومفاجأة أكبر لقوى العدوان
كلّ ذلك عكس تطوّراً جعل الحركة الشعبية أقرب ما تكون إلى جيش نظامي، في شقّه الإداري والتجهيزي، مع الاحتفاظ بانسيابية التحرّك والانتقال بين الأنساق وتغيير الاستراتيجيات بمرونة فائقة، وهي من أبرز خصائص حركات المقاومة الشعبية التي تعتمد حرب العصابات.
بين سلاسل «توازن الردع» التي توغّلت في العمق السعودي لتصيب أهدافاً حسّاسة في الرياض وجدّة وأبها وجيزان ونجران، و«إعصار اليمن» التي ضربت العمق الإماراتي في دبي وأبو ظبي، و«كسر الحصار» التي استهدفت مفاصل القوّة الاقتصادية السعودية، تكمن خلاصة السنوات السبع للعدوان، حيث التطوّر في إدارة المعركة، والقفز خطوات كبيرة لتكريس معادلة ردع قائمة على توزان في القوّة، مبنيّ في الأساس على تراكم خبرات نوعي وكمّي في إنتاج السلاح المناسب، وعماده الطيران المسيّر.