مخابرات صنعاء تكشف مؤامرة التحالف ضد مجنديه
متابعات- صنعاء
تضع صنعاء من حينٍ إلى آخر شواهد ناصعة وحيَّة أمام مجندي التحالف المغرر بهم، على اختلاف المسميات التي أطلقت على تشكيلاتهم العسكرية لإضفاء صبغة رسمية عليها، منها قوات الشرعية والجيش الوطني والنّخب والأحزمة الأمنية وحراس الجمهورية،
تتمثل تلك الشواهد في ما تكشفه صنعاء عن واقع تعامل التحالف مع تلك الجحافل التي يجندها لخوض معاركه ذات الأهداف التي لا تخدم سواه، رافعاً شعارات وعناوين تضمن له تحرُّكَ أتباعه المخدوعين خلفها مقتنعين بما تُظهره من أن كل ما يحدث هو لمصلحتهم ومن أجلهم، رغم أن ما تُبطنه هو النقيض تماماً، ويعيشونه واقعاً ملموساً ومرئياً كل يوم أمام أعينهم، على مدى السنوات السبع الماضية من عمر الحرب، فالتحالف وفق ما رسمه من مسارات وأهداف عملياته العسكرية يمضي بالبلاد إلى مجاهل بعيدة من البؤس والدمار والانهيار والاستنزاف وانتهاك السيادة، معتمداً على أولئك الذين لا يزالون حتى اللحظة يثقون بشعاراته، كما لو كانوا في حالة من اللا وعي.
في هذا السياق، كشف جهاز الأمن والمخابرات التابع لسلطات صنعاء، في أحدث عملية استخباراتية معلوماتية، حقيقة ما أعلنه متحدث قوات التحالف خلال الأشهر القليلة الماضية عن مرحلة جديدة من الحرب أطلق عليها “اليمن السعيد”، مغلفاً إياها بديباجة منمقة عمّا تحمله من بشارات التحرير والنماء والازدهار المعيشي لليمنيين، ملهباً حماس جماهيره المخدوعة التي لم تصحُ بعد من تأثير شعارات عواصف الحزم والأمل التي سبقت، وأوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من كارثة إنسانية وصفتها التقارير الأممية بأنها الأسوأ على مستوى العالم، وفي تقريرها الاستخباراتي الجديد أزاحت صنعاء الستار عن أول مشاهد “اليمن السعيد” التي بشر بها التحالف أتباعه ومجنديه، حيث أنجز وفي وقت قياسي تشكيل ألوية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم المرحلة التي أعلن عنها “ألوية اليمن السعيد”، وهي فصائل عسكرية نشرتها السعودية على طول حدها الجنوبي لحمايته من هجمات قوات صنعاء، حتى تجنّب ما يفترض أنه جيشها الملكي النظامي مخاطر المواجهة وحماية الحدود، الأمر الذي وصفه تقرير مخابرات صنعاء بأنه اتفاقية مهينة وأشبه بالاتجار بالبشر، ويرى مراقبون أن التفسير الأقرب إلى المنطق لتلك الاتفاقية هو أن السعودية تحرص على سلامة جنودها وصون أرواحهم، بينما ترخص الدماء اليمنية ولا تقيم لها وزناً ولا تضع لها أي اعتبار إنساني، وكأن أولئك المجندون سلعاً اشترتهم بأموالها ولها حرية استخدامهم كيف تشاء.
التقرير المخابراتي أوضح أن اتفاقية تشكيل ألوية اليمن السعيد اشترطت أن تكون تبعية تلك الألوية لقيادة التحالف أو مندوبين من تجاهه، وبتوجيهات مباشرة من قيادته، ولا ترتبط بأي طرف يمني، أي خارج إطار وزارة دفاع الشرعية، أما الجزئية الأكثر مهانة في الاتفاقية فتتمثل في إلزام الوحدات المشكلة بالمشاركة الفعّالة في تأمين حدود المملكة وحفظ أمنها واستقرارها، والتعهد بالتصدي لأي تهديد أمني يمس سيادة السعودية، وكل ذلك مقابل امتيازات سيمنحها الجانب السعودي لقادة تلك الألوية وعائلاتهم، خصوصاً في ما يتعلق بمنح تصاريح دخول إلى المملكة أو خروج من أراضيها، أما الأفراد فهم أرخص من أن يحظوا باي امتيازات، وثمنهم لا يتعدى ما التزم به السعوديون من أجور أو مرتبات، وسواء التزموا بصرفها أو ماطلوا سيجد المجندون أنفسهم مجبرين على الانتحار دفاعاً عن حدود المملكة، كما حدث مع سابقيهم الذين منعتهم القوات السعودية حتى من التظاهر للمطالبة بصرف رواتبهم أو التفكير في العودة إلى ديارهم، فالمسألة بالنسبة للسعودية بيع نافذ للأرواح والسيادة، أو هكذا تظن.
ذلك جانب مما تحرص صنعاء على توضيحه لمجندي التحالف من أبناء اليمن، عن الزاوية التي ينظر إليهم التحالف من خلالها، والمكانة الأدنى التي يضعهم فيها رغم تضحياتهم الكبيرة، أما الممارسات الأخرى التي تمتهن كرامتهم وتحط من قدر ما يقدمونه في سبيل إرضاء التحالف والحصول على الفتات الذي يرميه لهم؛ فإن مواقع التواصل والناشطين على منصاتها خصوصاً المحسوبين على التحالف، يتكفلون بإطلاع الجميع عليها، وكان أحدثها صور قتلى الفصائل التابعة للتحالف والشرعية، التي أخذها الناشطون من مشاهد التسجيلات المرئية الحيّة التي بثها الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء، حيث ظهرت الجثث متناثرة في صحارى منطقة حرض، في أوضح تجسيد لاستهتار التحالف والشرعية والدونية المطلقة التي يعاملون بها مقاتليهم، حسب تعبير الناشطين الذين أبدوا استياءهم الكبير وتنديدهم الشديد بذلك الاستخفاف بالأرواح، معتبرين ذلك سبباً كافياً لفرار الآلاف من مواقع المواجهات، بمن فيهم القيادات، تاركين الجرحى وجثث القتلى خلفهم، حيث تجاوز عددهم خمسمائة وثمانين مصاباً وقتيلاً من قوات الشرعية والجيش السعودي والمجندين السودانيين.
يأتي تخلي التحالف والشرعية عن مقاتليهم الجرحى أو جثث قتلاهم، في وقت تبدي قوات صنعاء تعاملاً مسئولاً مع مقاتليها، سواء الجرحى أو جثث القتلى أو الأسرى أو المختطفين، حيث نفذت عملية نوعية حررت من خلالها مختطفاً لدى قوات الإصلاح غرب مدينة مارب، مضى على اختطافه أكثر من خمسة أعوام، وهي العملية الرابعة التي تمكنت فيها قوات صنعاء من اختراق التحالف وأتباعه استخباراتياً، وتحرير أسراها ومختطفيها في مارب والضالع وأبين.
يدفع التحالف والشرعية بمقاتليهم إلى معارك يعرفون نتائجها مسبقاً، فيتخلون عمّن أصيب، حتى وإن حالفه الحظ وسافر إلى بلد أجنبي للعلاج فسرعان ما يجد نفسه وحيداً وقد امتنعوا عن دفع تكاليف علاجه وإيجار سكنه، أما من قتل فليس بالضرورة أن تعود جثته ليدفنها أهله وذووه، ومن تعرض لعاهة مستدامة تعجزه عن العودة للمشاركة في القتال فيتعرض لعقوبة تتمثل في قطع راتبه ولا شأن لهم بمصيره وأولاده، فلم يعد لهم متاع عنده، ويعدُّ مراقبون هذه الممارسات أسوأ عملية امتهان للآدمية والكرامة الإنسانية على مدى تاريخ الحروب.