المهرة مختبَراً للتقارب السعوديّ – العُمانيّ: الإمارات ترمي أوراقها المـضادّة
المهرة مختبَراً للتقارب السعوديّ – العُمانيّ: الإمارات ترمي أوراقها المـضادّة
متابعات| تقرير*:
لم تَعُد العلاقات السعودية – العُمانية كما كانت في السنوات الماضية، إذ ثمّة تحوُّل متواصل في هذه العلاقات، لا يفتأ يلقي بثقله على صلة كلّ من طرفَيها بالإمارات. وإذ تتفاوت الدوافع ما بين الرياض ومسقط لتعزيز تقاربهما، فإن هواجسهما المشتركة حيال أبو ظبي تشكّل عاملاً رئيساً في ذلك التحوّل، الذي يتّخذ أشكالاً عدّة من بينها الهدنة المُرساة في محافظة المهرة شرقيّ اليمن، والتي تحاول الإمارات تعزيز أوراقها في مواجهتها، خصوصاً في أعقاب الموقف العُماني «المتخاذل» من ضربات «إعصار اليمن».
على خلفية ما تَقّدم، يمكن فهْم انسحاب القوات السعودية المتواجدة في محافظة المهرة، التي تمثّل عمقاً استراتيجياً بالنسبة إلى السلطنة، من معسكرات مهمّة أنشأتها عقب وصولها إلى المحافظة، أواخر عام 2017، على رأسها معسكر في ميناء نشطون المطلّ على بحر العرب في مدينة الغيضة، مركز المحافظة. وسبق الانسحابَ من نشطون الخروجُ من معسكرات أخرى في مديرية حات الصحراوية، ومديرية شحن الحدودية، ليقتصر التواجد العسكري والاستخباراتي السعودي على المعابر الحدودية (صرفيت وشحن) بين اليمن وعُمان، وكذلك المقرّ الرئيس للقوات السعودية في مطار الغيضة الدولي. على أن هذا الانكفاء السعودي لا يبدو، إلى الآن، أنه يستتبع موقفاً إماراتياً مماثلاً؛ إذ لا تفتأ أبو ظبي تحاول تعزيز خروقاتها في المهرة، بالتأسيس على «مكاسب» حقّقتها قبل فترة في محافظة شبوة، حيث استطاعت تعيين محافظ موالٍ لها هناك، هو عوض العولقي.
يعمل «الانتقالي» على تأليب الشارع المهَري ضدّ السلطات المحلية التابعة للسعودية
ويعمل «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، منذ بداية الشهر الجاري، على تأليب الشارع المهَري ضدّ السلطات المحلية التابعة للسعودية، انطلاقاً من مطالب خدمية وحقوقية، في ما يشبه الإرهاصات التي سبقت «الهَبّة الحضرمية الثانية». كذلك، بدأ «الانتقالي» عقْد لقاءات مع الشيوخ والشخصيات الاجتماعية والسياسية والأكاديمية، ومنظّمات المجتمع المدني والشباب والمرأة في مدينة الغيضة، في سياق المسعى «التحريضي» نفسه، علماً أن المهرة تُعدّ الأكثر استقراراً من بين المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي – الإماراتي، كما أنها تتمتّع بمستوى أفضل من الخدمات لارتباط بنيتها التحتية من كهرباء ومستشفيات ومياه وتعليم وغيرها، بسلطنة عُمان. على أن حقيقة الصراع ليست مرتبطة بدعوى «انتزاع الحقوق» التي جرى رفعها أيضاً في حضرموت، بل بالثروة النفطية والإدارة الأمنية والسياسية للمحافظة، والتي تحتلّ السعودية في سياق التنازع عليها موقعاً رئيساً، عبر رفْضها إزاحة حلفائها من القبائل وحزب «الإصلاح» من مواقع السلطة والنفوذ.
ولعلّ من بين أوضح صور هذا الصراع، امتناع مسقط عن مجاراة موقف أبو ظبي، في أعقاب الضربات الجوّية التي تعرّضت لها الإمارات الشهر الماضي، على أيدي الجيش اليمني و«اللجان الشعبية». إذ رفض وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، تصنيف حركة «أنصار الله» منظّمة إرهابية، معتبراً الحركة «جزءاً من الحلّ، وتصنيفها جماعة إرهابية تقويضاً لجهود إحضارها إلى طاولة المفاوضات». وأثار هذا الموقف غضباً إماراتياً، تُرجم بحملات إعلامية شنّها مقرّبون من أبو ظبي ضدّ مسقط، بالإضافة إلى حملات مماثلة على «تويتر» نفّذها الجيش الإماراتي الإلكتروني.
* الأخبار اللبنانية| لقمان عبدالله