قرية التالبي.. حصونٌ وآثار
هي إحدى قرى الجمهورية اليمنية. وهي إحدى أفخاذ قبيلة زُبيد المذحجية القحطانية
عصام عبدالغني الهادي
هي إحدى قرى الجمهورية اليمنية. وهي إحدى أفخاذ قبيلة زُبيد المذحجية القحطانية، وَتتبع جغرافيًا محافظة ذمار. وإداريا مديرية عنس، وتُعد أكبر القرى بمخلاف زُبيد الوادي والسائلة، ويوجد في القرية معالم أثرية، ولها شواهد عدة، وتتواجد فيها حصون وقلاع تاريخية، وتتمتع أَيْـضاً بمناظر طبيعية خلابة.
تبلغ مساحة التالبي حوالي 16 كيلومتر مربع. ويرجح الأثريون أن سبب تسمية التالبي بهذا الأسم مشتق من اسم (تالب ريام) وهو أحد ألهة سبأ وورد اسمه في الكثير من النقوش التاريخية اليمنية.
ولقرية التالبي تاريخها المشهود على مر العصور، حَيثُ شهدت معارك عدة، وكانت آخر معارك شهدتها التالبي إبان الدولة الصليحية، حَيثُ دارت معارك فيما بين الدولة الصليحية ودولة آل نجاح في المنطقة، فقاموا بشن حملة عسكرية على حصن مثوة، بعد أن استغلت دولة آل نجاح انشغال الصليحيين في غزوهم للحجاز، فقام أبو الحسن الصليحي فور عودته من رحلته إلى الحجاز بإخضاع الخارجين على دولته من زُبيد (بضم الزاي وفتح الباء) وعنس واستولى على حصن مثوة.
وهناك العديد من المعالم والشواهد التاريخية والأثرية لقرية التالبي ونذكر أهمها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر:
حصن مثوة:
عاليًا فوق هضبة معزولة في أعلى جبل مثوة تنتصب أطلال مدينة قديمة صامتة، باهتة، وغامضة، حَيثُ تتميز بموقعها الفريد وبارتفاعها الشاهق، تحيطها الجبال والقرى من كُـلّ مكان.
ورغم عزلتها الحالية فقد كانت ذات يوم قلب المنطقة النابض، استوطنها وبناها بشر، باتوا غير معروفين، وليس لهم وجود في عالمنا اليوم..
حصن مثوة الذي ذكر في مؤلفات عدة وَذكره الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) على أنه كان مصنع من مصانع دولة سبأ، وذكر أَيْـضاً على أنه قلعة وحصنا من حصون بني زُبيد، حَيثُ ترك الهمداني كغيره من المؤرخين معلومة هامة لمن خلفه من الباحثين للبحث عن أطلال هذا الحصن وعن أسرار حضارته..
يقع الحصن في سفح جبل مثوة المنيع والذي يعتبر أعلى قمة جبلية في مديرية عنس والمنطقة الوسطى، ويوجد للحصن بوابة وحيدة من الجهة الجنوبية للجبل المحاط بسور حجري يصعب تجاوزه، وللمدينة أَو الحصن مصدراً للمياه، عبارة عن عين ماء أعلى الجبل وتقع أسفل التلة التي يقع عليها القصر في الجهة الشمالية من الجبل وتسمى باسمه، كما توجد مصادر مياه أُخرى وهي عبارة عن سد كبير وعدة برك لحفظ مياه الأمطار مبنية بطرق هندسية فريدة.
معالم الحصن والمدينة القديمة لا تزال باقية حتى اليوم تعكس مدى ثراء من سكنوا في هذا الحصن عمن كان يقبع حولهم من القرى، وهذا ما تعكسه أطلال وبقايا معابدهم ومبانيهم، حَيثُ من الملاحظ وجود احجار منحوتة بشكل دقيق، بالإضافة إلى التحصينات العظيمة للجبل بحيث لا يستطيع أحد الدخول إلى هذا الجبل إلا من طريق واحدة والتي لا زالت بعض آثارها قائمة حتى وقتنا الحاضر،.
حصن كحلان:
حصن صغير يقع على سفح جبل صغير أسفل جبل مثوة من الجهة الجنوبية، وكان يعتبر بمثابة حامية ونقطة رقابة عسكرية ويوجد على سفحه بركة ماء وبقايا الحصن أَو الرقابة.
حصن السهلة:
حصن يقع على سفح جبل صغير أسفل جبل مثوة من الجهة الشرقية وهو كغيره من الحصون والقلاع المحيطة بالجبل من جميع الاتّجاهات بمثابة حامية ونقطة رقابة عسكرية.
السد القديم:
معالمه باقية حتى تم بناء سد جديد أسفل منه فطمره بالمياه.
حصن الشيخ الشظمي:
كما كان لكل قبيلة حصن يمثلهم ويستقبل قضاياهم، ويحل مشاكلهم، كذلك كان لقرية التالبي حصن تاريخي عريق، يكتسب أهميته كسائر الحصون المماثلة والتي تتكلم احجاره وتروي لنا تاريخا متوارثا لأجيال متعددة ممتدة منذ مئات السنين..
ويعتبر حصن الشيخ الشظمي معلما رئيسيا من معالم القرية، وأصبح سمة مميزة للقرية لا يمكن الاستغناء عن وجوده كمعلم تاريخي شامخ، كونه يمثل القلب النابض للقرية، يأسر القلوب، وتنجذب إليه الأنظار من كُـلّ مداخل القرية، بشكله الأثري وبنائه المحكم، وطابعه المعماري الفريد، والذي يعكس تاريخه العريق..
وقد استطاع حصن الشيخ الشظمي رغم العديد من العوامل على مر العصور، ورغم المؤثرات المناخية، والعوامل الطبيعية والبشرية، إلا أنه استطاع خلال عصور تواجده أن يحافظ على استمراره كشاهد على العصر، ظل عبر الزمن يحمل في طياته سحنات الماضي، متضمنا في ذاته عنصرا معماريا يحاكي قصور التبابعة وملوك حمير، في جماليات وروعة البناء بأنماط وطرز الماضي ذات التراث المعماري اليمني الأصيل..
ورغم التغيرات الكثيرة التي ظهرت على مباني القرية، إلا أن الحصن لا يزال محتفظا بمعظم خصائصه المعمارية ليحافظ على أهميته كمعلم أثري وكرمز تاريخي أصيل..
مئذنة الجامع الكبير:
تعتبر المئذنة هي رمزٌ خالصٌ نقيٌّ يرتبط بالإسلام، وقرية التالبي تحتضن مئذنة تم بنائها عام 1366هجرية، ترتفع المئذنة عن مستوى الأرض في تكوين معماري مترابط يكاد يكون منفصلًا عن المسجد، وتتكوَّن المئذنة معماريًّا، من مدخلٍ داخل الصحن، ثم درج الصعود، وهو حلزونيًّا داخليًّا يدور حول محور المئذنة، ويصل إلى الشرفات المرتفعة التي تُحيط ببدن المئذنة، ولموقع الشرفة ودورانها وظيفةٌ هامَّة، حَيثُ كان يقف المؤذِّن عليها ليرتفع الأذان، تُحيط بالمئذنة كدائرة ليدور المؤذِّن معلنًا نداء الحقِّ في كُـلّ الجهات الأربع. تعلوه قبَّة المئذنة التي تنتهي بهلالٍ تتَّجه فتحته نحو القبلة..
هذا جزء من أهم وأبرز المعالم التاريخية والشواهد الأثرية المتواجدة في قرية التالبي، وهناك الكثير من المعالم المتناثرة هنا وهناك على امتداد جغرافية القرية، تحتاج إلى دراسة تفصيلية تحليلية متكاملة.