لا أحد في صنعاء أو العواصم الصديقة، معنيّ بإهداء الإمارات سُلّماً يتيح لها النزول عن الشجرة، في وقت لا تزال فيه هي تتخندق ضمن تحالف تقوده السعودية برعاية أميركية – إسرائيلية، وفي كثير من الأحيان تتقدّم هذا المحور وتكون رأس الحربة فيه. وعلى رغم أن المسؤولين الإيرانيين، بِمَن فيهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، أَسْمعوا مسؤولين إماراتيين في السرّ، وكذلك بشكل صريح وعلني، أنه من غير المسموح أن تقوم إسرائيل بتهديد أمن الخليج بضفّتَيه العربية والإيرانية، إلّا أن أبو ظبي لا تزال ماضية في عملية التطبيع، التي باتت مع هذا، محفوفة بالكثير من الشكوك.

وفي ما يخصّ اليمن، تعتقد صنعاء وحلفاؤها أن الدخول المتجدّد للإمارات في الحرب هو قرار أميركي محض، وإن حرصت أبو ظبي على نفْي ذلك، والتأكيد أنها تبحث عن «مخرج مشرّف»، وهو ما لا يُعدّ، بالنسبة إلى «أنصار الله»، إلّا محاولة لشراء الوقت، استعداداً لجولة أخرى من الصراع. وممّا يعزّز التقدير المذكور أن الإمارات لا تزال منخرطة في العمليات العسكرية بأشكال مختلفة، بينما يحاول مسؤولوها خطْب ودّ بعض الجهات المؤثرة في الإقليم، علّها تضغط على «أنصار الله» مقابل وعود غير مضمونة.
على أن المعطيات السياسية والأمنية تصبّ جميعها في اتجاه واحد، وهو أن الإماراتِ ليست في وضع مريح يسمح لها باللعب على الوقت، أو انتظار إنجاز ما في الميدان اليمني يؤهّلها لفرْض الشروط، بل على العكس من ذلك، هي تعيش في وضع مضطرب، وتحت رحمة الاستهداف وتعرُّض منشآتها، ولا سيما الرمزية منها، للتهديد. وهو ما أقرّ به قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال فرانك ماكنزي، الذي زار أبو ظبي أمس، حيث قال إن حليفة بلاده تمرّ في «وقت مقلق للغاية». وإذ يبدو واضحاً أن الارتباط الحيوي بالولايات المتحدة يمنع على الإمارات اتّخاذ قرار بفكّ ارتباطها مع «التحالف» الذي ترعاه واشنطن في اليمن، فهي لا تزال تُراهن على الحصول على منظومات دفاع جوّي متطوّرة من مصادر أميركية وإسرائيلية وأوروبية، وهذا ما أكّده الجنرال الأميركي بالقول إن الإماراتيين يبحثون عن الدعم، مضيفاً: «نحن هنا لمساعدتهم على نيْل هذا الدعم».

الإمارات ليست في وضع مريح يسمح لها باللعب على الوقت

على أن الإشكالية هنا، إنّما تتمثّل في موقف الولايات المتحدة ذاتها، المٌتراجِع في المنطقة، ولا سيما في ظلّ الحديث عن قرب توقيع الاتفاق النووي مع إيران. ولعلّ واشنطن تنبّهت إلى حال التشكُّك التي تعتري حلفاءها جرّاء انصرافها هي إلى ملفّات أكثر أهمية بالنسبة إليها، فأرسلت الجنرال ماكنزي الذي حاول تبديد تلك الشكوك بالقول إن «زياراتي إلى هنا (أبو ظبي)، وإلى حدّ ما إعادة التموضع، كلّها مصمَّمة لإرسال رسالة حذرة ومحسوبة للغاية، مفادها أن الولايات المتحدة شريك موثوق به. لدينا الكثير من المشاكل، لكن لدينا دائماً القدرة على مساعدة أصدقائنا».
يُذكَر أنه سبق زيارة ماكنزي لأبو ظبي إعلان «البنتاغون»، في بداية الشهر الجاري، نشْر الولايات المتحدة طائرات مقاتلة متطوّرة من طراز «F-22»، ومدمّرة «يو أس أس كول» حول الإمارات، وذلك بهدف تزويد الأخيرة بـ”واحد من أفضل رادارات المراقبة في العالم، القادرة على تحديد الأهداف، بما فيها صواريخ كروز الهجومية البرّية والطائرات من دون طيار»، فضلاً عن «مراقبة شحنات البضائع المهرَّبة غير القانونية”.

* الأخبار البيروتية| لقمان عبدالله

أبو ظبي تكْسب الوقت... في انتظار «الفرَج»