كل ما يجري من حولك

عطوان: أتوقّع أن يكون “الرد الحوثي” بهجمة كبيرة وشاملة على هذه الأماكن في الإمارات

“الرد الحوثي” سيعمق أزماتها الأمنية والعسكرية

1٬228

بمناسبة زيارة رئيسها لأبوظبي.. هل تستطيع “إسرائيل” حماية الامارات؟ ام ستعمق ازماتها الأمنية والعسكرية.. وكيف سيكون “الرد الحوثي” على هذه الزيارة “التاريخية”؟

عبد الباري عطوان*

يتقاطر المسؤولون الإسرائيليون على أبو ظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة بكثافة هذه الأيام، فبعد الزيارة التي قام بها نفتالي بينيت رئيس الوزراء الشهر الماضي، ها هو رئيس الكيان الإسرائيلي اسحق هرتزوغ يهبط بطائرته التي عبرت الأجواء السعودية في مطار المدينة نفسها في زيارة رسمية ويحظى بإستقبال حافل من قبل مضيفيه وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

هذه الزيارة التي وصفها رئيس الكيان بـ”التاريخية”، تأتي بعد أيام معدودة من تعرض دولة الامارات لقصف بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة القادمة من اليمن فشلت المنظومات الدفاعية، الارضية والجوية في التصدي لمعظمها، ولهذا حققت بعض أهدافها في تعطيل الملاحة الجوية في مطاري دبي وابوظبي، واشعلت الحرائق في خزانات للوقود في مصفاة تابعة لشركة “ادنوك” النفطية العملاقة.

 

***

الإسرائيليون مثل دودة “العلق” التي تلتصق في حلق ضحاياها، وتمتص دماءها، ويصعب التخلص منها الا بجهد جهيد، فبمجرد فتح الأبواب، ولو مواربة لهم، يتفننون في الابتزاز، وبذر بذور الفتن، وخلق المشاكل والأزمات، وعدم الاستقرار للدول والحكومات المطبعة معهم في محيطها الإقليمي، وهذا ما يفسر التكالب على زيارة الامارات، التي دخلها اكثر من مئتي الف إسرائيلي منذ توقيع اتفاقية ما يسمى “سلام ابراهام” بضغط امريكي في أيلول (سبتمبر) عام 2020، وخلق هؤلاء من المشاكل اكثر بكثير مما حققته الدولة المضيفة لهم من أرباح ومكاسب، والصحف العبرية طافحة بالأمثلة عن سلوكيات هؤلاء السياح من جرائم سرقة، ونصب، ومخدرات، وغسل أموال.

كان لافتا حرص الضيف الإسرائيلي هرتزوغ على “التنديد بالهجمات الصاروخية الحوثية التي استهدفت دولة الامارات، وإدانة أي اعتداء على سيادتها من قبل الجماعات الإرهابية، والتأكيد على استعدادها للتجاوب مع متطلباتها الأمنية”.

لا نعرف ما الذي يمكن ان تقدمه دولة الاحتلال الإسرائيلي لحماية الامارات وأمنها واستقرارها، وان تنجح حيث فشلت الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى، فعندما استهدفت الصواريخ الباليستية الحوثية قاعدة “الظفرة” في ابوظبي حيث يوجد 3500 جندي امريكي وبريطاني، وعشرات المنظومات الصاروخية لبطاريات “الباتريوت” و”ثاد” الاكثر تقدما، هرب هؤلاء الجنود الى الملاجئ ايثارا للسلامة.

الجيش الإسرائيلي الذي كانت حكومته تتباهى بأنه لن يهزم، هُزم وأهين عدة مرات، الأولى عام 2000 عندما هرب من جنوب لبنان تقليصا للخسائر، ومن جانب واحد دون اتفاق، والثانية في حرب جنوب لبنان في تموز عام 2006، والثالثة في أيار (مايو) الماضي اثناء معركة “سيف القدس” حيث استجدى رئيس الوزراء في حينها ببنيامين نتنياهو الرئيس جو بايدن للتوسط لدى الحكومة المصرية للتدخل لوقف هذه الحرب في اليوم الحادي عشر.

فهل يستطيع هذا الجيش الذي يبعد عن ابوظبي اكثر من 1500 كيلومتر ان يحميها، ويوفر لها الامن والاستقرار؟ او يتصدى لاي “اعتداء” إيراني مفترض مثلما يتعهد المسؤولون الإسرائيليون؟

انهم يبيعون الوهم للإمارات وكل الدول العربية الأخرى التي وقعت اتفاقات سلام معهم، ولا يثقون بهم، ويريدون ابتزازهم، وسرقة أموالهم، ومحاولة تبديد قلق مزدوج، الاول لبعض الاماراتيين، والثاني لمعظم الإسرائيليين، من جراء تعاظم قوة محور المقاومة، وقدراتها العسكرية والصاروخية الهائلة والمتقدمة.

اليوم الاحد كشفت مقالة للمحلل العسكري الإسرائيلي آلون بن ديفيد نشرها في صحيفة “معاريف” عن رفض الحكومة الإسرائيلية صفقة أسلحة بـ 3.5 مليار دولار للامارات من بينها “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” خوفا من تسريب الاسرار التكنولوجية الحساسة لهذه المنظومات الى ايران والحوثيين في اليمن، والامر الذي دفع الامارات للتوجه الى كوريا الجنوبية بحثا عن بدائل.

هذا الرفض يعني للوهلة الأولى ان “الحليف” الإسرائيلي لا يثق بنظيره الاماراتي، وقدراته على حماية نفسه، والحفاظ على هذه المنظومات واسرارها، وعدم استبعاده أي “الحامي” الإسرائيلي الجديد المفترض، اجتياح الامارات واحتلالها من طرف ثالث، والاستيلاء عليها، أي الأسلحة الإسرائيلية، وفك اسرار شفراتها التكنولوجية.

هناك سبب آخر لا يجب تجاهله، ربما يفسر الرفض الإسرائيلي المذكور آنفا الى جانب الخوف على تسرب اسرارها، وهو ان القيادة الإسرائيلية لا تريد التورط في حرب اليمن، بشكل مباشر وعلني، لأنها تدرك جيدا ان تقديمها أي مساعدة، عسكرية او أمنية للإمارات، يعني ان عليها ان تتوقع ردا انتقاميا صاروخيا فوريا في العمق الاسرائيلي، او على سفنها في البحر الأحمر (حيث تمر 80 بالمئة من صادراتها) من قبل حركة “انصار الله” الحوثية، فالمسافة بين صنعاء وابوظبي (1500 كم) هي نفسها بين صعدة وايلات، ومن يستطيع ضرب الأولى لن يتردد في ضرب الثانية في الوقت المناسب أيضا.

***

الرئيس الإسرائيلي من المفترض ان يفتتح غدا جناح “بلاده” في معرض “اكسبو” في دبي، وهو المعرض الذي حذر بعض المتحدثين باسم حركة “انصار الله” اليمنية بأنه احد الأهداف المتوقعة للقصف الصاروخي اذا ما استمر تدخل الامارات، وقواتها الحليفة في معركتي محافظتي مأرب وشبوة، فهل سيُعجل هذا الافتتاح بالقصف الانتقامي لهذا المعرض؟

دولة الامارات العربية المتحدة، ارتكبت خطأين استراتيجيين في نظرنا، الأول التورط في حرب اليمن قبل سبع سنوات، والثاني توقيع اتفاقات “سلام ابراهام” والتغول في التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، واذا كان التورط الأول استنزفها ماليا وبشريا ومعنويا، فإن الاتفاق الثاني بات يشكل تهديدا وجوديا لأمنها واستقرارها، خاصة في ظل الهزائم الإسرائيلية المتوالية، وانسحاب أمريكا الوشيك من الشرق الأوسط برمته بعد انسحابها المهين من أفغانستان، وقرب الحسم سلبا او إيجابيا لمفاوضات فيينا النووية، حيث من المتوقع ان تخرج ايران فائزة في الحالين.

الانسحاب من الورطتين” ما زال ممكنا، ولو بشكل تدريجي، وهو الحل الأمثل والاقصر، وبأسرع وقت ممكنا، وقبل فوات الأوان.. والله اعلم.

* رأي اليوم

You might also like