ما الأسبابُ التي دفعت وفداً إماراتيّاً للمشاركة باقتحام المسجد الأقصى؟
ما الأسبابُ التي دفعت وفداً إماراتيّاً للمشاركة باقتحام المسجد الأقصى؟
متابعات| رصد*:
برفقة وفد إماراتي هذه المرة، اقتحمت الجماعات اليهوديّة المتطرفة المسجد الأقصى المبارك، وسط حماية مشددة من شرطة الاحتلال المجرم، في ظل تفاخر مستمر من قبل الإعلام العبريّ بخيانة الإمارات التي عبّدت طريق الرضوخ والخنوع في المنطقة، باعتبار أنّها كانت الدولة “العربيّة” الأولى التي توقع اتفاقية الاستسلام مع العدو العنصريّ، وعقب مرور عام ونصف من التطبيع الذي شهد زيارة عشرات الآلاف من الصهاينة إلى دولة الإمارات رغم أنّ العرب أنفسهم ممنوعون من زيارتها، وعلى مايبدو أنّ هذه الزيارة مع المقتحمين اليهود للأقصى تهدف إلى مساندة وترسيخ مزاعم “الهيكل المزعوم” في عقول الإسرائيليين.
لأنّها الإمارات التي خانت فلسطين والعرب عبر ما يعُرف بالتطبيع مع الكيان المجرم، بعد أن تحالف حكام البلاد مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، اقتحمت قوات الاحتلال الباغي المسجد القبليّ من أجل تأمين دخول الوفد الإماراتيّ، ومن ثم قاموا باقتحام قبة الصخرة، كيف لا؟، والإماراتيون قدموا للعالم درساً لا مثيل له في الخيانة مع أخطر وأكبر أعداء العرب والمسلمين.
وكُرمى عيون أبوظبي هذه المرة، كان الاقتحام لساعات طويلة وسط إجراءات مشدّدة من عناصر شرطة وجيش الكيان الصهيونيّ المدجج بالسلاح،في ظل تعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كافة المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة، وبعد وصف تلك الخيانة من قبل الإسرائيليين بأنّها “تحمل آفاقا واسعة” لهم بالطبع.
وإنّ الـ 220 مستوطناً الذين اقتحموا المسجد الأقصى كان من بينهم 70 مستوطناً من طلاب المعاهد اليهوديّة، و41 شخصاً وهم الوفد الإماراتي، وذلك لإخلال الوضع التاريخيّ والدينيّ والقانونيّ القائم فيه منذ أمد بعيد جداً، في خيانة إماراتيّة فاقت كل التوقعات وبالأخص للأمتين العربيّة والإسلاميّة ، واحتضان لأعداء قضية المسجد الأقصى المبارك، التي يجب جعلها على رأس الأولويات لأنها بالفعل قضية أمة، وليست قضية شعب.
أيضاً، غضّت الإمارات الطرف عن التهويد وطرد الاحتلال الفلسطينيين من منازلهم داخل البلدة القديمة وحول القدس، وتناست عمليات الهدم التي تتم بشكل قسريّ، بل شاركت بكل وقاحة باقتحامات المسجد الأقصى التي أصبحت متكررة بشكل يوميّ ناهيك عن أداء الصلوات اليهودية داخل الساحات، واجراء تقاليد دينية مثل الأعراس، لدرجة أنّها أبو ظبي ألزمت بقرار لجنة التعليم في الكنيست (البرلمان الصهيونيّ)، حالها حال المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم في حكومة العدو بإدراج المسجد الأقصى المبارك ضمن جولاتها التعليميّة للطلاب اليهود.
في المقابل، يرى البعض أنّ مشاركة الوفد الإماراتيّ في اقتحام الأقصى ينبع من اهتمامها باليهوديّة والشعب اليهودي، لدرجة دمج مثل هذا المحتوى في مناهجها الدراسيّة داخل المدارس والجامعات، ودراسة “الهولوكوست” أو الإبادة الجماعيّة التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية وقُتِل فيها ما يقارب ستة ملايين يهوديّ أوروبيّ على يد النظام النازيّ، لأدولف هتلر والمتعاونين معه، وقد احتفت أبوظبي في الأشهر المنصرمة بالمحرقة، كما أنّها فتحت مؤسساتها الإعلاميّة للصهاينة بعد أن افتتحت مدارس دينيّة لنشر الأفكار والمفاهيم الصهيونيّة، لمحاولة تغيير مفاهيم وثقافة أبناء الشعب الإماراتيّ والعربيّ المعادي للكيان، كما فتحت فنادقها للسياح الصهاينة في كافة أرجاء البلاد إضافة للمطاعم اليهوديّة، بعد أن تحولت إلى أرض تستقبل تجار المخدرات الصهاينة الفارين من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ناهيك عن ملف منح الجنسيات لآلاف الصهاينة وقضيّة تبادل زرع الكلى البشرية بين إماراتيين موالين للحكومة وآخرين صهاينة، وسط ذهول كبير من وصول العلاقات والتطبيع مع العدو القاتل إلى حد التجنيس والتبادل بالدم والأعضاء.
كذلك وبحجة التطبيع، ذهب النظام الإماراتيّ أكثر من حد التعاون الشامل مع العدو العنصريّ، عقب منحه السيطرة الكاملة على مجالات حيويّة وحساسة في البلاد ما أدى إلى تغلغله فيها رغم الخطورة الكبيرة، حيث مهدت العلاقة المتناميّة بشدّة بين تل أبيب وأبو ظبي لمثل هكذا اختراق، بعد أن شكلا تحالفاً جديداً يزداد نمواً بشكل سريع للغاية، والدليل هو قيام الإمارات برفع حجم التعاون الأمنيّ مع الكيان لدرجة كبيرة للغاية، لتحقيق أحلام “الدولة العبريّة” المزعومة وداعميها في المنطقة.
وهنا يمكن الإشارة إلى أنّ آل زايد أوصلوا رسالة واضحة للفلسطينيين، بأنّهم باتوا مع الصهاينة “جسداً واحداً”، وذلك استكمالاً لسلسلة التعاون بين أبو ظبي والكيان الصهيونيّ بعد الخيانة التي ارتكبها حكام الإمارات بحق فلسطين، وفي مكافأة له على “جرائم الحرب” التي يستخدمها ضد الفلسطينيين، بدءاً من تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، ومروراً بالجرائم الموجهة ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم الشخصية وتهجيرهم قسريّاً، وليس انتهاء عند القتل والحصار والإبادة الجماعيّة.
بناءً على ذلك، أثارت الخطوة الإماراتيّة الجديدة انتقادات لاذعة، واتهمت بأنّها تساند المعتدين في مشاريعهم الخطيرة والهدامة، والحقيقة تقال أنّ أبو ظبي عملت كل ما بوسعها لتحقيق أحلام الكيان الغاشم الذي يمثل عمق المصالح الأمريكيّة والغربيّة في المنطقة، حيث أصبح المحور الاستراتيجيّ بينهما يتنامى بقوة منذ اتفاق تطبيع العلاقات في منتصف آب 2020، حيث تضاعفت الاتفاقيات الثنائيّة في كل المجالات والتي كان آخرها التكنولوجيا والإعلام وكرة القدم والسياحة، لدرجة أنّ الصهاينة باتوا يشعرون الآن بأن الإمارات تمثل “جنة جديدة” لهم.
ختاماً، تعلم الإمارات جيداً من خلال خطوتها الأخيرة بأنّها غرزت خنجراً جديداً في ظهر الفلسطينيين، إرضاء لكيان الاحتلال وتحقيقاً لأهدافه التي تسعى بقوة لتصفية قضية فلسطين وطرد وقتل شعبها ونهب وتدمير مقدساتها وتغيير معالمها، وإنّ طموحات أبو ظبي واضحة للغاية فيما يخص مساعدة العصابات الصهيونيّة في مشاريعها، إضافة إلى شرعنة وتبيض الصفحة الدمويّة للعدو الباغي، سارق الأرض وقاتل الأطفال ومشرد الملايين من الفلسطينيين أصحاب الحق والقضيّة العادلة، رغم أنّها وقعت على اتفاق لم تعلم محتواه مع عدو لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يكون صاحباً.
* الوقت