كل ما يجري من حولك

واشنطن بوست تكشف مكانَ تواجُد القوات الإسرائيلية والأمريكية في اليمن

أين تتواجدُ القواتُ الإسرائيلية والأمريكية في اليمن؟

3٬204

متابعات| رصد*:

في السادس عشر من شهر كانون الأول الجاري نفذ الطيران السعودية غارة جديدة على صنعاء، رد عليها اليمنيون بقصف مرابض الطائرات الحربية في قاعدة خالد الجوية وفي جيزان ومشيط، وهي مراكز سعودية حيوية.

 وفي حين يستهدف الطيران السعودي-الأميركي في كل مرة المدارس والمستشفيات والأعراس في اليمن، يقوم اليمنيون بالرد على قصف التحالف باستهداف قواعد عسكرية ومناطق صناعية ومنشآت سعودية صنعت أمريكياً وتدار من قبلها، بمعنى أنها قواعد أميركية في السعودية، وأن الحرب هي حرب أميركية سعودية على اليمن. ولكن، ما كان معروفاً “من تحت الطاولة” وقامت بكشفه على الملأ كُلُّ من صحيفة الواشنطن بوست، بأن “إسرائيل” شريك رئيسي في الحرب على اليمن ومنذ العام 2015، وصحيفة الشرق الأوسط حول القواعد الأميركية في حضرموت والمهرة، أمر ينبغي الوقوف عنده.

أين تستقر القوات الإسرائيلية في اليمن؟

الدور الإسرائيلي في الحرب على اليمن ليس سراً، فقد قام الكيان العبري بتزويد أطراف معارضة لصنعاء بالإمكانات العسكرية من أجل البقاء في باب المندب، وهذا ما كشفه موقعMEMO  منذ أكثر من عام، وانه عندما دخل أنصار الله السفارة السعودية في صنعاء تم اكتشاف مخبأ كبير للأسلحة والذخائر الإسرائيلية الصنع، بالإضافة إلى وثائق توضح بالتفصيل نوايا الولايات المتحدة لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة بريم بالقرب من مضيق باب المندب “لحماية المصالح الأمريكية وضمان أمن إسرائيل”.

 تقع جزيرة بريم تحت سيطرة التحالف منذ بداية العدوان على اليمن، كما اعترف المرتزقة الذين يقاتلون تحت راية الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف، والذين اعتقلتهم قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، أنه قد تم تدريبهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في معسكرات في صحراء النقب.

ولكن خبر واشنطن بوست عن مشاركة 42 طياراً اسرائيلياً في الحرب هو الخبر الأهم، وهذا معناه أن “اسرائيل” قد شاركت فعلياً بقصف وقتل آلاف المدنيين في اليمن!

 إذن ما جاء في واشنطن بوست ليس بالجديد، ففي شباط/ فبراير العام 2019، نشرت صحيفة هآرتس مقالاً تحت عنوان “حرب اليمن هي جنة المرتزقة: هل يجني الإسرائيليون الأرباح؟” وقالت فيه إنه ” قد تم بالفعل إنشاء مثل هذا التحالف في العام 2015 من قبل المملكة العربية السعودية، التي دخلت في شراكة مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر وباكستان وإسرائيل كشريك غير رسمي”. وتضيف “فشركات الإنترنت الإسرائيلية وتجار السلاح ومدربي حرب الإرهاب وحتى القتلة المأجورين تديرهم شركة مملوكة لكيان الاحتلال وهم شركاء في الحرب في اليمن”.

الكلام الأخير، جاء بعد تصريح لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان السابق حول تخوفه من إغلاق مضيق باب المندب في وجه السفن الاسرائيلية إذا ما سيطر عليها الجيش اليمني واللجان.

وتؤكد مصادر متابعة ان “إسرائيل” تنقل مساعداتها العسكرية من ميناء عصب الاريتيري الى قاعدة خميس مشيط في عسير التي يتواجد فيها عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين ويشاركون من خلال غرفة عمليات في إدارة الحرب على اليمن.

والقوات الإسرائيلية ليس لديها تواجد في ميناء عصب الاريتيري فحسب بل هي تتواجد أيضا في ميناء مصوع المطل على البحر الأحمر، كما قامت باستئجار جزر محيطة بالميناء، وكشف موقع awd news ان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير طلب من الملك سلمان الموافقة على دعم ومساعدة “إسرائيل” في الحرب على اليمن، وفي نفس السياق كشف موقع liberty fighters البريطاني ان “إسرائيل شاركت بسرب جوي من الطائرات لدعم القوات السعودية”.

ويبدو أن الأهداف الخفية وراء كشف الدور “الإسرائيلي” من قبل واحدة من أهم الصحف الأميركية واشنطن بوست هو تبرير التدخل من أجل التحضير لمخططات قادمة. وتكفي الإشارة للتخوف من إغلاق باب المندب في وجه السفن الإسرائيلية وقد خبرته “إسرائيل” خلال الحروب العربية-الإسرائيلية، لتبرير المخططات القادمة وقصف اليمنيين وقتلهم بذريعة حماية الأمن الإسرائيلي.

وما يجعل الأمور اليوم تنذر بالخطر هي قناعة الاسرائيليين بأن أنصار الله في اليمن على علاقة وثيقة مع حزب الله ومع إيران، ولا يتوقف القلق الاسرائيلي عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى الحقيقة القائمة بأن “الإسرائيليين” لديهم القناعة بأن صواريخ الجيش واللجان الشعبية في اليمن طويلة المدى قادرة على الوصول إلى إيلات وبئر السبع، وأن سيطرة أنصار الله على باب المندب، ستمكنهم من زرع الألغام البحرية والقوارب المتفجرة الصغيرة وحتى القيام بعمليات استشهادية على السفن الكبيرة.

هذا القلق الصهيوني الدعائي لا يتعلق بأمن مرور السفن “الإسرائيلية” فحسب، فالأمر على علاقة وثيقة بمحاولة الكيان تثبيت سلطته على ممرات المياه الهامة حول الجزيرة العربية، وتحقيق حلم “إسرائيل” من النيل الى الفرات، وقد أعطته اتفاقيات السلام ومن ثم اتفاقيات التطبيع إمكانية توسيع الحلم ليصبح من المحيط إلى الخليج بعد أنباء وصول قواته إلى مضيق جبل طارق في المملكة المغربية، ولم يبق لديه سوى وضع اليد نهائياً على باب المندب.

القواعد العسكرية الأميركية في اليمن!

في تموز/ يوليو العام الماضي، وصل 450 جندياً أمريكياً في مهمة جديدة إلى عدن، وأثارت المهمة جدلاً في الأوساط الشعبية والسياسية. ولكن المهمة باتت معروفة: وهي تشييد بنى تحتية بتنسيق مع الإمارات من اجل بناء قواعد لإستقدام المزيد من القوات على امتداد الساحل الجنوبي لليمن وعدد من الجزر اليمنية. وبحسب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الهدف من هذه القواعد محاربة الإرهاب! وبحسب إعلامي في المجلس الإنتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً فإن “واشنطن ولندن تعتزمان نشر 3000 جندي من قواتهما في كل من مدينة عدن وقاعدة العند بمحافظة لحج وجزيرة سقطرى ومحافظات شبوة وحضرموت والمهرة، دعماً لمكافحة التنظيمات الارهابية، وقد دأبت الإمارات ومنذ لحظة مشاركتها في الحرب على اليمن على بناء هذه القواعد في بلحاف والضبة في حضرموت وفي جزر سقطرى وميون إضافة إلى بريم.

تدّعي أمريكا القلق من تنظيم القاعدة بهدف توسيع قواعدها في اليمن الجنوبي، وهذا ما صرح به جيف ديفيس، العضو في مجلس الشيوخ الأميركي، في حديث للشرق الأوسط وما سماه يومها قلق الحكومة الأميركية بشأن تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتطرفة العنيفة العاملة في اليمن، ولكن في حقيقة الأمر هناك أمران هامان يتعلقان بتحصين القواعد الأمريكية- البريطانية المشتركة، الأول له علاقة بالسيطرة على أهم ثلاث مضائق في العالم وهي مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، والتي تعتبر من أهم خطوط الملاحة التجارية والعسكرية في العالم. والأمر الثاني، لا يخرج عن سعي الولايات المتحدة من اجل قطع الطريق على الصين وإنشاء طريق الحرير الجديد الممتد إلى سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط.

ما يحدث اليوم في اليمن من أجل السيطرة على شواطئه الحيوية، ليس بعيداً عن مشروع تقسيم بريطاني قديم لليمن وضع منذ 100 عام يهدف إلى تجزئة اليمن إلى ستة أقاليم وثلاثة دول عوضاً عن اثنتين، ومحاولة السيطرة الإماراتية والأميركية على كل من تعز عبر احتلال المهرة وحضرموت بواسطة القواعد الأميركية، يهدف إلى بدء فصل الساحل الغربي عن كل من حضرموت والمهرة، واللتين كانتا من المفترض ضمهما ضمن اتحاد فيدرالي إلى السعودية. والتأسيس لدولة أخرى تمتد من الحديدة غرباً إلى عدن جنوباً وتتصل برياً عبر المخا، ولحمايتها من أية تهديدات تتم الإستعانة بمرتزقة من السودان. وبالتالي فإن تجويع السودان الخصيب، يهدف إلى دفع أبناءه للعمل كمرتزقة. ومن ضمن مخططات التقسيم تحويل كل من الحديدة وعدن إضافة إلى تعز وجزيرة ميون إلى مستعمرة بريطانية، أو أمريكية اليوم. وأما ما تبقى فهو دولة تعرف باليمن الزيدي، ويتم عزلها ضمن المناطق الداخلية ويمكن السيطرة على الحركة التجارية فيها.

اليوم وقد تم تحرير الحديدة، فقد فشل نهائياً مخطط عزل اليمن “الزيدي” عن المنافذ البحرية. والإستمرار في تحرير محافظة شبوة بعد الإنتصار الكامل في مأرب، لا بد أنه سيفشل مخطط التقسيم في الجنوب. ولا تستطيع القوى الوطنية في اليمن التوقف إذا ما كانت تريد الحفاظ على مناعة اليمن واسترداده لحقه في جميع مقدراته. والإستمرار في إنشاء القواعد الأميركية ونشرها هدفه إيجاد نقاط حمر تحمي ما دأبت الإمارات العربية المتحدة على صناعته وتقويته والسيطرة عليه ألا وهو المجلس الإنتقالي، والذي يفترض أن يؤسس لحكم منفصل في حضرموت والمهرة، شيء يشبه دولة الإمارات وعلاقتها بالصهيونية والغرب، ويؤسس لتهميش دولة السعوديين والعمل على تفكيكها خاصة بعد توالي خسائرها في اليمن، مما يسهل التحكم بمنطقة الجزيرة العربية ليس صهيونياً أو أمريكياً وإنما “اسرائيلياً” وخاصة بعد اتفاقيات التطبيع.

ولا يخفى أن الامارات التي تحتل أجزاءً من الجنوب اليمني وصولاً الى السواحل الغربية وباب المندب وجزرها إنما تسعى أيضاً لتأمين خط صادرات جديد لنفطها دون الحاجة للمرور من مضيق هرمز(الإيراني)، لا سيما ان مرفأ جبل علي الاماراتي الأهم هو على مرمى حجر من الجمهورية الإسلامية.

* عبير بسّام| الخنادق

You might also like