كل ما يجري من حولك

حرب استرداد

1٬103

 المؤرخ: عباد بن علي الهيال

* استهلال:

تقصر رؤيةُ الكاتب حين يكتُبُ وَهو تحتَ تأثير مؤثرات آنيةٍ محيطة به، وَهذا ما نحرصُ على تفاديه، لكننا نجهدُ في استقراء التأريخ وَالاستفادة منه.

 (2)

حديثُ الـيَـمَـنيين عن استعادة الأرض السليبة (نجران وَعسير وَجيزان)، ليس حديث الأماني، بل هو ما يطمَحُ إليه كثيرٌ منهم، وَالأهدافُ الكبرى تبدو – أول الأمر – بعيدةَ المنال.

بداية.. فإن دخولَنا في ما دخلناه من أرضنا في هاتيك الأقاليم كان رداً على العدوان السعودي الأمريكي وَلم نكن نريدها “حرب استرداد”، فإن اقتضت الضرورة – مرحلياً – فقد نشهد عودة مقاتلينا إلى الداخل الـيَـمَـني إن توقف العدوان.

لكن إلى أيِّ حد يكون رجوعنا ؟

نرى أن يكونَ تعاملُنا مع جار السوء هذا تعاملاً يكفينا بوائقَه، تعاملاً يريه منا شدَّةً وَحذراً، لذا نرى أن نثبتَ على المواضع التي نصت عليها معاهدة الطائف (1934م) بين آل سعود وَالإمام يحيى حميد الدين (وَالشرع وَالقانون معنا)؛ وَغنيٌّ عن القول: إن المملكة السعودية قد انتهكت المعاهدة وَوضعت يدَها على المواضع الـيَـمَـنية التي حددتها تلك المعاهدة وَتجاوزتها إلى داخل الـيَـمَـن مثلما تجاوزت المواضعَ الأخرى التي حددت في اتفاقية جدة بين المملكة وَدولة علي عبدالله صالح.

أما إن تمادى آلُ سعود في غيهم فلن يكون قدامنا سوى المُضي قدماً نحو الأهدافِ الكبرى التي “ستغير وجه المنطقة” بحول الله.

ليس في كلامنا هذا شطَطٌ، وَلا هو حماسة فئة أغرتها انتصاراتٌ، لكن جملة عوامل ستجعل من كلامنا قابلاً للتحقُّق بعون الله – وَلو بعد حين -:

– مآلُ مملكة آل سعود إلى الضعف وَالسقوط؛ لأن هذه سُنة الله في دول البغي وَالجور، وَمن المناسب أن نذكُرَ – هنا- بنظرية العلامة عبدالرحمن بن خلدون التي ذهب فيها إلى أن عصبيةَ الدول تضعفُ وَتنحل عند الجيل الثالث من مؤسس الدولة، أو لا ينطبق هذا على الدولة السعودية من عبدالعزيز آل سعود إلى محمد بن سلمان بن عبدالعزيز..!!!

“وَلعل الله يجعل سقوطَ آل سعود على أيدي هؤلاء الـيَـمَـنيين المستضعفين مثلما جعل سقوطَ قريش على أيدي أسلافهم الأنصار في بدء الدعوة المحمدية”.

– لو سارت مملكةُ الشر في منحدرِ الهبوط، فإن عودةَ الأرض لأهلها ستكونُ مما لا ينكر علينا السعي إليه – خاصةً – إن انتشر الهديُ القرآني في تلك الأقاليم وَضمن أهلُها العدل وَالحرية.

– ما لم يدركْه كثيرون خارجَ الـيَـمَـن، دولاً وَشعوباً، أن ثمة روحاً جديدةً تسري في الـيَـمَـنيين – الأحرار منهم -، روحاً تنشُدُ حياةً كريمة في دولة عزيزة، روحاً ما عادت تطيقُ تلك الحياة التي تجرَّعها آباؤهم في خمسة العقود الماضية، لا سيما وَهم يستحضرون تأريخَهم الحضاري وَإسهامهم في نشر دين الإسلام.

– وَمما له وثيقُ الصلة بما سبق بل هو في صلبه: أن يكونَ الفعلُ السياسي الـيَـمَـني الآن، معبراً أصدق تعبير عن هذه الروح اليمانية الساخطة الناقمة على ما مضى، وَالمتشوفة الآملة في ما هو آتٍ..

على الساسة الـيَـمَـنيين أن ينهجوا نهجاً مغايراً، عليهم أن لا يتابعوا الأطرافَ السياسية الأخرى وَإن في صورة الأمم المتحدة، لنتجاوز تلك الأساليب المؤطرة في معالجة “المسألة الـيَـمَـنية”، وَلنفرض واقعاً تؤيِّدنا فيه الروحُ وَالتأريخُ وَالجغرافية!!.

 (3)

– ذكرنا سابقاً (عن الحرب 1) ما يمكن أن يوقفَ المعتدين عن عدوانهم، وَنضيفُ هنا: إن هؤلاء السعوديين وَالأمريكيين لن يوقفوا عدوانَهم إلا إن اطمأنوا إلى أنهم قد أوصلوا الـيَـمَـن إلى وضعٍ يتصفُ بما يلي: أن يكونَ منقسماً، وَأن يكونَ غيرَ مستقل، وَأن يكون فاقداً لروحه الثورية، وَذلك: بفصل جنوب الـيَـمَـن عن شماله، وَبالإبقاء على مرتزقتهم في شماله يستنزفون ما بقي منه، وَلن يقبلوا بدولة في الشمال يكونُ فيها أنصارُ الله مشاركين مشاركةً فاعلةً وَهم يعلمون جيداً أن ما يحملُه من فكرٍ قابل للانتشار.. لا يموت، (شريطة أن لا يؤتى القوم من داخلهم).

لكن قرارَ إيقاف الحرب لن يكون قراراً بلا تبعات على آل سعود؛ لأن مقدارَ طغيانهم وَما تركوه وراءَهم من قتل وَخراب لن يكونَ بلا عواقبَ وَلن يستطيعوا إسكاتَ الناقمين عليهم، وَلن يسلموا من ابتزاز شركائهم الغربيين لهم.

لو لم يكن لهذه الحرب إلا أنها أسقطت هيبتَهم، وَكشفت سوءاتِهم، وَفضحت الدينَ الوهابي.. لو لم يكن إلا ذلك لكفى.

You might also like