كل ما يجري من حولك

“التعليم العالي” في حزب الله: نموذج الأستاذ الجامعي في التفوق العلمي والقيم

“التعليم العالي” في حزب الله: نموذج الأستاذ الجامعي في التفوق العلمي والقيم

472

متابعات| رصد*:

انطلق حزب الله عام 1982 كحركة جهادية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بهدف تحرير الأراضي اللبنانية لا سيما منطقة الجنوب اللبناني من قوات الاحتلال وعملائه، وسرعان ما طوّر الحزب من قدراته وامكاناته حتى دخل المعترك السياسي في التسعينات، وشارك في المجلس النيابي، ثم انضم الى التمثيل الوزاري في عام 2005، ليتبلور أكثر مشروع حزب الله المتكامل الأطراف والأهداف: الجانب العسكري المقاوم لحماية الأرض وصيانة السيادة والاستقلال، والشق السياسي والخدماتي والاجتماعي حيث يعيش هموم المواطن اللبناني اليومية ويكون صوته العالي في الدولة ومؤسساتها.

وقد نجح حزب الله في إثبات هيكلية مؤسساتية قادرة على تغطية حاجات المجتمع، لا سيما الثقافية والتربوية منها، من أبرزها “هيئة التعاليم العالي” التي تتناول الشق التعليمي، وتُعنى بقضايا طلاب الدراسات العليا وأساتذة الجامعات في لبنان.

للتعريف بهذه الهيئة وتوضيح العناوين لنشاطاتها وأهدافها، وخاصة في ظل الازمات المتعددة والمتتالية لهذا القطاع التي يمر بها لبنان، والتي كان ضحيّتها أيضاً الأساتذة الجامعيون، أجرينا مقابلة خاصة لموقع “الخنادق” مع مسؤول التعليم العالي في حزب الله الدكتور عبد الله زيعور.

هيئة التعليم العالي في حزب الله

هي هيئة تربوية أكاديمية تسعى لتعزيز مبدأ القيم في الوسط التربوي، والأخلاق والاستقامة والاندفاع لدى الطالب، وبالعنوان العام “العمل بضمير” في الساحة التربوية، وتعمل ضمن استراتيجيتها على تعزيز البحث العلمي، والاستفادة من طاقات الأساتذة الجامعيين، كما تحرص على تقديم “النموذج” عن الأستاذ الجامعي، والتعزيز التفاعل والتكامل، وثمة عنوان آخر أساسي يهمنا يقول د. زيعور هو الجانب النقابي: نحن ندعم الأستاذ الجامعي في مطالبه التي تحقق له الأمان الوظيفي أو الاستقرار الوظيفي.

ويضيف: نعني بذلك، دعم طلاب الدراسات العالية بعد تخرّجهم في الحصول على ساعات تعاقد سواء في الجامعة اللبنانية او في الجامعات الخاصة، بالإضافة الى المساهمة في الحصول على منح مالية لتغطية تكاليف الدراسات العلمية والبحوث أو تأمين الأموال لتغطية مشاريع هذه البحوث.

نعتمد المنح المالية في لبنان أكثر نظراً لكلفتها الأقل، وارتفاع تكاليف المنح الخارجية، لكن رغم ذلك فان كل الظروف الصعبة لم تمنع من ان يستكمل الطلاب بحوثهم العلمية في الدول الأوروبية لا سيما فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة.

نسب الأساتذة الخريجين في لبنان والخارج

ومن خلال مراجعة الأرقام التقريبية يتبّين ان نسبة عالية وجيدة من الطلاب يتخرّجون سنوياً من مرحلة الدكتوراه على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، وقلّة فرص العمل التي يعاني منها البلد، حيث يتخرّج سنويًا في لبنان حوالي 90 أستاذ جامعي من معهد الدكتوراه للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وحوالي 60 خرّيجًا من معهد الدكتوراه  للعلوم التطبيقية والصحية، فيما يخرّج معهد الدكتوراه للعلوم الحقوقية والإدارية حوالي 30 طالبا، ذلك بالإضافة الى الخريجين من دول سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فيما يعتبر خريجي الجامعات الإيرانية من الأوائل في لبنان سواء على مستوى عطائهم العلمي أو أبحاثهم العلمية، وهم يقدّمون “النموذج” عن الأستاذ والخريج والمهندس والطبيب، وإذا أردنا توسيع الدائرة فان العديد من الطلاب يتخرجون من الجامعات  في الدول الاشتراكية والأوروبية، وهم يشكلون نسبة 40% من أساتذة الجامعات.

الهيئة التعليمية: دور الوسيط بين الأساتذة ورئاسة الجامعة

أما من ناحية مطالب الأساتذة الجامعيين في إضراباتهم المتكررة لم تكن هيئة التعليم العالي بعيدة عن “صرخات” الأساتذة التي تفهمتها وسعت الى ربط خيوط التواصل بين الأساتذة ورئاسة الجامعة اللبنانية، فشكلّت اللجنة العديد من الوفود الى الجامعة اللبنانية، وعملت على بلورة المناخات الملائمة للحل وصياغة “التوافق” ما بين الجامعة والأساتذة، وقد تم الاستفادة  من الأموال والمداخيل الإضافية التي دخلت الى الجامعة من خلال فحوصات كورونا التي أجرتها كلية الصحة في المطار، وعند نقطة المصنع على الحدود السورية – اللبنانية.

وتمكنت الهيئة من التفاهم مع رئاسة الجامعة لتقسيم مبلغ 20 مليون ليرة مقدّمين الى الأساتذة خلال ثلاثة أشهر (الشهر الأول 10 مليون ليرة / خمسة ملايين في الشهر الذي يليه، وتبقى الخمسة الأخيرة للشهر الأخير)، بالإضافة الى تأمين دعم مالي بقيمة مليون ليرة لكل أستاذ لوسائل التعليم من بُعد.

أما على مستوى الأساتذة المتعاقدين فالنقاشات مستمرة مع رئاسة الجامعة، وتحاول الهيئة إيجاد “صيغة تفاهم” تؤمّن انطلاقة العام الجامعي.

التعليم العالي: تأمين النقل الى الجامعات

ومن ناحية أخرى يتكامل المجال السياسي في حزب الله والذي تمثله كتلة الوفاء للمقاومة في المجلس النيابي مع دور هيئة التعليم العالي للتنسيق مع وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية لتفعيل باصات لنقل الطلاب توفر جزءً من تكاليف التنقلات اليومية، كما كانت قد سعت لرفع بدل النقل الشهري للأساتذة الجامعيين، حيث زار وفد من الهيئة وزارة الاشغال وقدّم “جملة من المقترحات والأفكار التي يمكن أن تلحظها الوزارة في الخطة المنتظرة منها، والتي تسهم في التخفيف من الأعباء على الأسرة التربوية والأكاديمية.

لجنة اجتماعية تطوعية للتخفيف عن كاهل الأستاذ الجامعي

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة وانهيار الليرة الوطنية أمام الدولار الأمريكي بفعل السياسات والهندسات المالية غير المدروسة طيلة عقود، وفي ظل الضغوطات الامريكية على لبنان لجعله رهينة مشاريعهم، والأزمة المعيشية الخانقة التي طالت أيضًأ “نخب المجتمع” الذي يوكل اليهم العديد من المسؤوليات الجدية في الحفاظ على البنية الاجتماعية اللبنانية، حيث فقد الأستاذ الجامعي قيمة دخله الشهري أو قيمة تعاقده بحسب ساعات التدريس ويتحمّل اليوم أعباءً عالية، كان لهيئة التعليم العالي في حزب الله مبادرة تطوعية ضمن مشروع الحزب “للتخفيف من المعاناة لدى الناس” عبر المشاركة في ما يُسمى “مظلة الأمان الاجتماعي” على الصعيد التربوي.

وفي هذا السياق، أنشأت الهيئة لجنة اجتماعية تطوعية من شأنها ان تبحث عن مصادر تمويل لبعض الحالات الحرجة مادياً، واستطاعت أن تعالج عدداً من الحالات، وخففت من المعاناة، وتحققت من وجود حالات أساتذة غير قادرين على استكمال دفع أقساط أولادهم لتأمين حسومات خاصة بالقدر المستطاع وبحسب استجابة المدارس، كما طرحت مشروع “بطاقة السجاد” للأستاذ الجامعي، أما من الناحية الطبية فقد سعت اللجنة لتأمين جزء من التكاليف المالية لبعض الحالات المرضية، والعمليات الجراحية البسيطة، كما تكاليف الصور الشعاعية، وحاولت بالتواصل والتنسيق مع بعض الجهات الطبية كالهيئة الصحية في حزب الله تأمين حسومات تتراوح بين 30 و60 %  في حالات معينة. 

* موقع الخنادق

"التعليم العالي" في حزب الله: نموذج الأستاذ الجامعي في التفوق العلمي والقيم

You might also like