كل ما يجري من حولك

لا «معجزة» حاضرة لوقْف الاقتحام: واشنطن تسابق الزمن لـ«إنقاذ» مدينة مأرب

ليندركينغ تُظلّل جولته نصائحَ خبراء أمريكيين بالعمل على محاصرة الخسائر

1٬040

متابعات| تقرير:

حطّ المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، مجدّدًا، في المنطقة، حاملاً مبادرة تستهدف، على ما يبدو، استدراك التطوّرات الميدانية المتسارعة في محيط مدينة مأرب، وهو ما أدلى به صراحة بحديثه عن «الحاجة الملحّة إلى خفض التصعيد» هناك.

والظاهر أن ليندركينغ، الذي تُظلّل جولته نصائحَ خبراء أمريكيين بالعمل على محاصرة الخسائر بدلاً عن السعي خلف «معجزة» لن تَتحقّق، سيحاول إقناع السعوديّة بتلبية جانب من مطالب «أنصار الله» أملاً في دفْع الأخيرة إلى وقْف هجومها.

لكن إلى أن يتمكّن المبعوث الأمريكي من إنجاز مهمّته، تتسارع المفاوضات بين قبائل مأرب وقيادة صنعاء، وسط أنباء عن تحقيقها تقدّماً كَبيراً، وهو ما قد يفوّت الفرصة الأخيرة على كُـلّ من الرياض وواشنطن وحلفائهما المحليين.

على رغم توالي سقوط المواقع والحاميات في محيط مدينة مأرب بيد قوات صنعاء، إلّا أن الجانب السعوديّ لا يزال يضع رهانه على حرب استنزاف طويلة الأمد ضدّ قُـوَّات صنعاءَ، أملاً في منعهما من السيطرة على المدينة.

ولذا، فهو يعاكس رغبة السكان في تسليم مناطقهم من دون قتال، ويحثّ القوات الموالية له على تعزيز خطّ الدفاع الأخير عن مركز المحافظة، عبر حفر الخنادق ونصْب المتاريس وزرع الألغام الأرضية.

وعلى خطّ موازٍ لذلك، بدأت الولايات المتحدة تحَرّكاً متجدّداً؛ بهَدفِ قطع الطريق على قُـوَّات صنعاءَ لاستعادة ما تبقّى من المحافظة.

وفي هذا الإطار، تأتي زيارة المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، الجديدة إلى المنطقة، حَيثُ يحمل في جعبته مبادرة يُرجّح أن تكون السعوديّة قد وافقت عليها، خُصُوصاً أن الأيّام الماضية شهدت مشاورات مكثّـفة بين ليندركينغ ومسؤولين آخرين في وزارة الخارجية الأمريكية من جهة، وسفيرَي السعوديّة في اليمن وواشنطن (محمد آل جابر، وريما بنت بندر بن سلطان) من جهة أُخرى.

وفيما ذكر الحساب الرسمي للخارجية الأمريكية على «تويتر» أن مهمّة المبعوث الجديدة ستُركّز على مناقشة مسألة واردات الوقود عبر ميناء الحديدة، واستئناف الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء، في إشارة واضحة إلى رفع الحصار، نصح العديد من الخبراء العسكريّين الأمريكيّين حكومتهم بعدم تجاهل المعطيات الجديدة على الأرض، معتبرين أنه يمكن تلافي العواقب الخطيرة لاستمرار المعارك باتّفاق سلام يلبّي شروط حركة «أنصار الله» أَو أكبر قدر ممكن منها.

ومن بين هؤلاء الخبراء، المتخصّص في الاستراتيجيات العسكرية، آرون ميلير، الذي أوصى الإدارة الأمريكية بالدفْع باتّفاق سلام يوقف المعارك في مأرب لانعدام الخيارات البديلة، وفق ما سمّاه «تغيّر معطيات مسرح المعارك».

واعترف ميلير بأن إيقاف تقدّم قوات صنعاء باتّجاه المدينة «بات مستحيلاً من الناحية العسكرية، ونحتاج إلى معجزة حتى نوقف الهجوم»، معتبرًا أن «أقصر الطرق لإيقافهم هو القبول باتّفاق سلام يراعي شروطهم».

ورأى ميلير أن استمرار المعارك «يصبّ في مصلحة المهاجمين وليس المدافعين، والضربات الجوية لطيران التحالف لم تَعُد في هذه المرحلة مجدية؛ بسَببِ تغيّر التضاريس الميدانية بشكل متتالٍ والالتحام المباشر لمقاتلي قوات صنعاء والقوات الحكومية»، لافتاً إلى أن الجيش و«اللجان» «لديهما خطوط إمدَاد أفضل».

ينصح خبراء عسكريون الإدارة الأمريكية بالدفْع باتّفاق سلام يوقف المعارك لانعدام الخيارات البديلة

إلّا أنه من غير المعلوم حتى الآن مدى استعداد السعوديّة لقبول تسوية من هذا النوع.، إذ طوال فترة الحرب، لم تستطع المملكة مغادرة الشروط الإلغائية ومنطق الغلبة والفوز.

وعلى رغم فقدانها الكثير من الأوراق، إن لم يكن معظمها، على مرّ سنوات الحرب، سواءً لناحية الخريطة الميدانية أَو المزاج العالمي، إلّا أن الرياض بقيت أسيرة المربّع الأول.

وقد كانت التسوية الوحيدة التي قبلت بها «اتّفاقية ستوكهولم» بخصوص مدينة الحديدة عام 2018، والتي فرضتها الضغوط الدولية على ولي العهد، محمد بن سلمان، على إثر الضجة العالمية الناتجة من قتل الصحافي جمال خاشقجي.

ومع أن قيادة صنعاء عادت وقدّمت، الصيف الماضي، مبادرة بشأن مأرب للوفد العُماني الذي زار العاصمة اليمنية آنذاك، إلّا أن الرياض لم تكلّف نفسها عناء الردّ على المبادرة.

بل عمدت، بدلاً من ذلك، إلى إمدَاد الجبهة بالمزيد من الذخائر المتوسّطة والثقيلة، واتِّخاذ إجراء احتياطي تمثّل في سحب السلاح النوعي خوفاً من وقوعه بيد قوات صنعاء، فضلاً عن تكثيف إصدار البيانات المفخّمة حول القدرة على تحقيق الانتصار.

على أية حال، وإلى أن تُعرَف تفاصيل المبادرة الأمريكية الجديدة، يستمرّ مسؤولو ما يسمّى «الشرعية»، وبعض الأحزاب المحسوبة على التحالف السعوديّ – الإماراتي، بدفْعٍ من الرياض، في التحريض على تأخير تسليم مدينة مأرب ومديرية الوادي لقوات صنعاء، خُصُوصاً بعدما انضمّت قبيلة عبيدة، ثاني أكبر قبيلة في المحافظة بعد قبيلة مراد والمتركّز تواجدها في الوادي، إلى طاولة المفاوضات، التي تتوالى الأنباء عن تحقيق تقدّم ملحوظ فيها منذ ليل أول من، أمس.

وفي هذا الإطار، يحاول مسؤولو حكومة هادي التقليل من أهميّة تراجع قواتهم، مدّعين أن خيارات قُـوَّات صنعاءَ محدودة، ما بين الاتّجاه عبر الصحراء نحو منطقة حقول الغاز والنفط شرق مأرب، حَيثُ سيكونان فريسة لمقاتلات «التحالف»، وما بين تطويق مدينة مأرب من جهات ثلاث، وهو المرجّح بالنسبة إليهم.

والظاهر أن هذه التصريحات تأتي ردّاً على البيان الذي أصدرته يوم الاثنين، الماضي، الأحزاب المنخرطة في القتال إلى جانب السعوديّة، وعلى رأسها «الإصلاح»، والذي فُهِم على أنه اعتراف مسبق بالهزيمة، ورسالة إبراء ذمّة إلى كُـلّ من «التحالف» و«الشرعية»، علماً أن البيان المذكور حمّل مسؤولية الهزيمة لـ«سوء إدارة التحالف العربي للمعركة»، واتهم حكومة هادي بـ«الخذلان والفساد».

* الأخبار البيروتية| لقمان عبدالله

لا «معجزة» حاضرة لوقْف الهجوم: واشنطن تسابق الزمن لـ«إنقاذ» مأرب

You might also like