كل ما يجري من حولك

لعينيكَ يا طه

لعينيكَ يا طه

742

 د. عبدالسلام السنبلي

 

لعينيكَ يا طه نقومُ ونقعدُ

ونزدادُ زهواً إن دنى لكَ مولدُ

فإنك فينا حاضرٌ كُلَ ساعةٍ

وثانيةٍ بل نحنُ فيكَ نُجَسّدُ

نناجيكَ بعد اللهِ نرجوا شفاعةً

تكونُ لنا حصناً يذودُ ويُبعِدُ

ونرجوكَ سُقياً من مقامكَ رشفةً

يتوقُ لها القلبُ العميدُ ويبردُ

ومهما تفرقنا وبُوعِدَ بيننا

فإنا بحبِ المصطفى نتوحّدُ

لعينيكَ يا طه عواصفُ حُبنا

وإيمانِنا القطعيِ واللهُ يشهدُ

ولسنا محلَ الإختبارِ فإننا

من الوهلةِ الأولى جميعاً نؤيدُ

وكنا وكانت أمةً تقهرُ العِدى

وعنوانُها سيفٌ صليلٌ مُهنّدُ

كسرنا بها ناموسَ كسرى وجيشَهُ

وقيصرَ أقصرنا عليهم وبُدِّدُوا

لأنا تلاميذُ العظيمِ محمدٍ

وما ذلَّ أنصارٌ وفيهم محمدُ

يوجههم من وحيِ ربٍ مهيمنٍ

ويدعوهمُ عودوا إلى اللهِ واعبدوا

لعينيكَ يا أرقى النبيينَ منزلاً

تُشعُ مناراتٌ ويزدانُ مسجدُ

وتخضرُ ألوانُ الطيوفِ وتنتشي

إذا ما علاها أخضرٌ يتجددُ

كأنَ اخضرارَ الأرضِ جاءَ من السما

يغارُ عليهِ الأنبياءُ ويحسدوا

يصلي عليكَ اللهُ حُبّاً تكرُّماً

ونحنُ نصلي يا حبيبي ونسجدُ

ملأتَ لنا التاريخَ مجداً وعزّةً

وقد كان قبلاً بالأسى يتفردُ

وألبستنا ثوبَ الكرامةِ ناصعاً

ففاضَ على الدنياً يقينٌ مؤكدُ

بعدلٍ حكمنا الأرضَ شرقاً ومغرباً

وهل غيرُنا شمسٌ ونجمٌ وفرقدُ

لعينيكَ يا نجمَ النبيينَ أحرفي

يسطرها قلبي ويشدو وينشدُ

وأنسجُ من وردِ القصيدِ قلائداً

تُطرّزُها ياقوتةٌ وزُمُرُّدُ

بلحنٍ سماويٍ مقاماتُهُ الهوى

يُدَقُّ على نبضِ القلوبِ ويُرعِدُ

بذكرِكَ يا طه مدحتُ قصائدي

وأعليتُ من شأني وما زلتُ أصعدُ

وإني بلا فخرٍ أُعطِّرُ سيرتي

بحُبِكَ يا عطري الذي ليس ينفدُ

وما المدحُ إلا بابُ زورٍ وشبهةٍ

إذا كان في غيرِ ابنِ هاشمَ يُقصدُ

حباهُ إلهُ العرشِ من فيضِ نورهِ

يقيناً وعزماً خالصاً لا يُبدَّدُ

وأرسلهُ للناسِ بعدَ اصطفائهِ

رسولاً نبيّاً زاهداً يتعبدُ

فقام على الدينِ العظيمِ كماردٍ

بوجهِ عتاةِ الكفرِ لما تمردوا

يحقُ لنا أن نحتفي بمحمدٍ

لأن اصطفاءَ اللهِ فيهِ مؤكدُ

ومن غيرُهُ نالَ المكارمَ وانبرى

يلملمُ أشتاتَ الذين ترصّدوا

يسامحهم يعفو ويصفحُ عندما

يظنون أن الحكمَ فيهم مُشددُ

هو القائدُ الإنسانُ والوحيُ عندهُ

يلقنهُ الذكرَ الحكيمَ ويسردُ

فيملأُ أصقاعَ الدُنا من ضيائهِ

وينصرُ من باتوا جياعاً وشُرِّدُوا

أتى رحمةً للعالمينَ ومنقذاً

ليهدي بهِ اللهُ العبادَ فيرشدوا

بدينٍ وأخلاقٍ وهديٍ وحكمةٍ

كما كتبُ التاريخِ تحكي وتُشْهِدُ

عليك صلاةُ اللهِ يا خيرَ مرسلٍ

لنا ولهَ إن شاءَ ربُّكَ موعدُ

جوار مليكٍ عالمِ الغيبِ قادرٍ

إليك إلهَ العرشِ نسعى ونحشدُ

نطوفُ بطهَ الكونَ حباً ومنطقاً

سليماً وعلماً للنهوض يُعمّدُ

إمامُ النبيينَ المشفعُ دونهم

وهل مثلهُ يأتي إمامٌ وسيدُ

منحناكَ خيرَ الخلقِ أغلى محبةٍ

يرومُ كثيرٌ مثلها أن يُقلِّدوا

وصغناكَ من أسمى المعاني قصائداً

يخِرُ لها الكونُ الكبيرُ ويسجدُ

فأنت لنا ذخرٌ ومجدٌ وعزةٌ

وأنت لنا الكنزُ الذي لا يُبدّدُ

وأنت لنا أحلى المقاديرِ سيدي

وباسمِكَ يا طه القلوبُ تُردِّدُ

وواللهِ لولا اللهُ يا أجملَ الورى

لقلنا لفرطِ الحبِ (إياكَ نعبدُ)

هنا قومُ عمارٍ تأهّبَ جمعُهم

وشدّوا قُبيلَ العصرِ لم يترددوا

وجاءَ مغيبُ الشمسِ كالتاجِ فوقهم

يزيننُهم والقلبُ بالقلبِ يسعدُ

يمانون عبرَ الدهرِ شدّوا رحالَهم

إلى كلِ أصقاعِ البسيطةِ مدّدُوا

فدانَ بدينِ اللهِ كلُ مضلّلٍ

وعاد لدينِ الحقِ عاقٌ وملحدُ

فسبحان من أسرى بكل قصيدةٍ

إلى روضةِ الهادي ومثلي مُقيدُ

أرارقبُ من ربِ السماواتِ زورةً

لروضةِ طهَ والمُنى تتنهّدُ

لماذا تغزّلنا بحبِ مُحمدِ

لأن إمامَ الأنبياءِ مُحمدُ

لماذا لماذا والإجابةُ نفسُها

لأن إمامَ الأنبياءِ مُحمدُ

ونحنٌ على عهدٍ قديمٍ وموثقٍ

قطعناهُ يوماً والجميعُ تعربدوا

تهيمُ بهِ أرواحُنا وقلوبُنا

وأنفُسُنا كالطيرِ فيهِ تُغرّدُ

فقدناهُ فينا يوم نتركُ هديهُ

وينتابُنا جمعاً هوانٌ، تشرُّدُ

ومهما اتخذنا من سواهُ قيادةً

نتوهُ كما تاهَ اليهودُ وجُرّدوا

جوارُحُنا تحكي حكايةَ عشقهِ

أحاديثَ عشقٍ لم يسعْها مُجلّدُ

وأنفُسُنا في حبهِ وهُيامهِ

تهيجُ براكيناً تثورُ وتخمدُ

ومن قال إن الحبَ هذا تجاوزٌ

غبيٌ بلاعقلٍ مريضٌ، معقّدُ

أُسائِلكم باللهِ: هل من مسرّةٍ

بغيرِ رسولِ اللهِ في القلبِ تُرصدُ

أغيرُ رسولِ اللهِ من بعدِ ربِّنا

هو الابتداءُ الانتهاءُ المُوحِّدُ

بحبكِ لا بالغيدِ أكتبُ أحرفي

ويعلمُ كلُ الكونِ من هو أحمدُ

ولا لرئيسٍ أو مليكٍ وحاكمٍ

ولو سكبوا الأموالَ نقداً وعدّدوا

غنيٌ بحبِ اللهِ والمصطفى وهل

رأيتَ رصيداً مثلَ هذا يُجمّدُ

وآلُ رسولِ اللهِ من يقتدونهُ

رصيدٌ إضافيٌ عقيقٌ مُنضّدُ

يلومونني في عشقِ طه وإنني

أقولُ لهم زولوا وموتوا وأبعدوا

من اللهِ هذا الحبُ والبذلُ والندى

وتعجبُ إذ يأتيكَ شخصٌ يندّدُ

أبا قاسمٍ نشكوكَ من كلِ ظالمٍ

تحالفَ كي ننأى ونأسى ونبعدُ

وحاصرَنا ما ذنبُنا غيرُ أننا

كرامٌ أبينا أن يكون لهم يدُ

وتاريخُنا الأنصارُ تعلمُ دورَهم

وتاريخُهم يا سيدَ الكونِ أسودُ

لأجلكَ قد سالت بحارُ دمائِنا

وخضنا فجاجَ الأَرْضِ لا نتبلّدُ

فلا ننشدُ المجدَ الذي يرتجونهُ

وما ذنبُنا أن طبّعوا أوتهوّدوا

إذا أوصدوا باباً علينا فحسبُنا

كريمٌ عظيمٌ بابهُ ليس يوصدُ

تفاؤلُنا باللهِ لاشكَ قائمٌ

ولا يأسَ مهما كدّرَ العيشَ حُسّدُ

إليكم رسولَ اللهِ وجّهتُ أدمعي

وقلبي بهِ شوقٌ يُسَلُّ ويُغمدُ

رواياتُنا في حبِ طه مليئةٌ

بإعجازِ لفظٍ من لدُنّا يُخلّدُ

نباهي بهِ شرقاً وغرباً وقبلةً

وكلَ اتجاهٍ نحوهُ نتفقّدُ

نهيمُ بذكرِ المصطفى كلما انقضى

لهُ مولدٌ أو جاءَنا فيهِ مولدُ

بثوبٍ جديدٍ وابتهاجٍ وفرحةٍ

وذكرٍ وإجلالٍ يُجلُّ ويُحمدُ

رجالُكَ في صنعاءَ سلّوا سيوفَهم

وينتظرون الوعدَ أنّى يُحدّدُ

وباتوا على وجدٍ وشوقٍ ولهفةٍ

لضربِ فلولِ الكفرِ أنى تواجدوا

بعزمٍ بطوليٍ يقلُ نظيرُهُ

وطاقةِ نصرٍ من لديكَ تورّدُ

إذا سُئلَ التاريخُ كيف مرورُهم

يقول لقد كفّوا وأوفوا وزودوا

ومازالَ مخزونُ العقيدةِ عندنا

مليئاً بحبِ المصطفى ليس ينفدُ

عليهِ صلاةُ اللهِ صلوا أحبتي

كما أمرَ القرآنُ واثنوا ومجدوا

ومهما تغاضى الحاقدون عن النبي

فلا خيرَ في تفكيرِهم كيف يحقدوا

أُحبُ رسولَ اللهِ هل يمنعونني

من الحبِ إن الحبَ عطرٌ مُخلّدُ

تعطرُ منهُ الأرضُ تسكبُ ضوءَهُ

غزيراً فيزهو خدُّها المتورِّدُ

وتشرقُ إيماناً بكلِّ تقدمٍ

وكلِ نهوضٍ للعُلى لا يُقلّدُ

بُلينا بمن سلُّوا علينا سيوفَهم

وعادوا بأصنامٍ وعاثوا وأفسدوا

يعزُ علينا أن تهونَ نفوسُنا

وَنَحْنُ أولو بأسٍ وباللهِ نُسنَدُ

فلا أرهبتنا الطائراتُ وغيرُها

وباللهِ نرمي جيشَهم ونُسدِّدُ

صواريخُنا طافت وصلت وسلمت

وكانت بلاءاً كم بها قد تكبّدوا

تسيرُ بأمرِ اللهِ في كل جانبٍ

وتلفحُ أذيالَ الأعادي وتجلدُ

عليك صلاةُ اللهِ ما أشرق الضحى

وما قرأَ القرآنَ قومٌ وجوّدوا

 

You might also like