كل ما يجري من حولك

بين جنوب الأمس واليوم..!

506

بقلم\ فهد البرشاء
لا أنكر أنني كنت من مناصري الحراك الثوري الجنوبي السلمي الذي كان يقوده عامة الشعب والبسطاء ويوقد مِشعل ثورته المسحوقون تحت وطأة النظام السابق وهيمنته..
كنت ممن كتب وخط وصرخ واعتلى كثيراً من المنابر الإعلامية إيماناً مني بعدالة القضية وأحقية الشعب وصدق من يقودون هذه الثورة السلمية السليمة من التبعية والمناطقية والحقد والفوضى والمصالح الشخصية..
فالشعب كان حينها (كأسنان) المشط ولا فرق بين هذا وذاك، فلا سيد يحكمه ولا رئيس (وهمياً) يسيره، ولا قادة مرتزقة تعبث بخيراته، فكان الشعب سيد نفسه بنفسه يقود ثورته بوقود الإيمان الصادق وحب وطنه المُغتصب..
حينها فقط كُنا نؤمن أن لنا (دولة) وكياناً نحبه ونعشقه وهدفاً منشوداً نتمنى بلوغه مهما كان الثمن غالياً، فسقط الشهداء الواحد تلو الآخر، وسُجن الشرفاء، وأُقصي الأبطال، ومع هذا وذاك لم ينكسر الثوريون والشرفاء، بل ظلوا صامدين يقارعون كل قوى الشر والظلام..
أما اليوم فشتان بين هذا وذاك، وبون (شاسع) بين ثوار الوطن وثوار (الكروش)، بين قادة البسطاء، وقادة العملاء، بين هوية الصادقين، ومدعيّ الهوية (الممسوخة)..
شتان بين من يحافظون على مدنهم ومناطقهم ومحافظاتهم ويبكون وجعاً وقهراً وحسرة إن سالت قطرة دم واحدة، وبين من (يتسببون) في إشعال فتيل الحرب وإذكاء (نارها) فيسقط فيها من لا ناقة لهم ولا جمل، ويدفع الثمن من لا حول لهم ولا قوة..
شتان بين من (يكرّمون) الأبطال ويقدسون الرجال ويرفعون الشرفاء عالياً، وبين من يمارسون سياسة الإقصاء وحرب المناطقية ويبحثون عن مصالحهم الذاتية في جيوب أسيادهم و(يرهنون) هويتهم ووطنهم ودينهم مقابل حفنة من المال لا تسمن ولا تغني من جوع..
شتان بين من يفترشون الساحات ويستظلون السماوات في صقيع الشتاء ولهيب الصيف، وبين من يسكنون الفنادق السامقة، ويتلذذون بأطيب الموائد ويركبون السيارات (الفارهة) مدججين بالسلاح (والمجنزرات)، ويحميهم قطيع من الأغبياء..
أفبعد هذا نتمسك بوهمٍ يبعيونه لنا في سوق (النخاسة) ونناصره دونما أي اعتراض أم ننزوي بأنفسنا ونعض أنامل الغيض والحسرة والوجع على وطنٍ كاد أن يكون ثم (باد) بعد أن (رهن) اللاوطنيون أنفسهم لجيوب أسيادهم وأهواء أنفسهم!!

You might also like