كل ما يجري من حولك

حرب «التطهير» السعوديّة للمغتربين تتوسّع: لا عمالةَ يمنية.. في «شرق المملكة» أيضاً

الرياض عمدت إلى شمْل المغتربين في المناطق الشرقية أَيْـضاً بتلك الإجراءات

795

متابعات| تقرير:

اتّسعت حرب السعوديّة على العمالة اليمنية، خلال الأيّام الماضية، من جنوب المملكة إلى شرقها. فبعدما منحت السلطات، العمال اليمنيين في مناطق جيزان ونجران وعسير، مهلة لتصفية أعمالهم ومغادرة البلاد، عمدت الرياض إلى شمْل العاملين في المناطق الشرقية أَيْـضاً، بتلك الإجراءات.

وعلى الرغم من تصاعد مناشدات الجالية اليمنية في السعوديّة، لحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، المقيمة في الرياض، بالتدخّل لثني السلطات السعوديّة عن طرد عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين في المملكة، أفادت مصادر في الجالية، «الأخبار»، بأن تلك الإجراءات ازدادت حدّة بعد لقاء نائب وزير الدفاع السعوديّ خالد بن سلمان الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، أواخر الأسبوع الماضي في الرياض. وجاء ذلك بعد فشل وزير خارجية حكومة هادي، أحمد عوض بن مبارك، في إقناع وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، خلال لقائه به منتصف الأسبوع الفائت في الرياض أَيْـضاً، بوقف إجراءات الترحيل التي سيطال أثرها عشرات آلاف الأسر اليمنية. وقالت المصادر إن «توجيهات سعوديّة جديدة صدرت السبت، تقضي بإنهاء التعاقد مع كُـلّ مَن يحمل الجنسية اليمنية استعداداً لترحيلهم من المناطق الشرقية، وتحديداً الأكاديميين والعاملين من أطباء ومساعدي أطباء في مستشفيات المنطقتين الجنوبية والشرقية».

وأضافت المصادر أن «الرياض أمهلت كافة المواطنين وملّاك الشركات الخَاصَّة في منطقتي الدمام والأحساء شرقي المملكة، مدّة أربعة أشهر فقط، لتسريح العمّال اليمنيين استعدادا لترحيلهم، وتوعّدت بفرض عقوبات على الشركات الخَاصَّة في حال لم تنفّذ القرار، فيما منحت مهلة شهرين فقط لتسريح الأكاديميين اليمنيين من المملكة».

قضت التوجيهات الصادرة من الديوان الملكي بالاستغناء عن خدمات الأكاديميين اليمنيين في جامعات جنوب السعوديّة وشرقها

ويرى مراقبون أن الإجراءات السعوديّة قد تمتدّ إلى مناطق أُخرى في ظلّ إصرار الرياض على استخدام العمالة اليمنية كورقة ضغط اقتصادية ضدّ صنعاء، في ما وصفه «المجلس السياسي الأعلى» بـ«الممارسات غير الإنسانية التي تطال عشرات الآلاف من المغتربين؛ بسَببِ هُــوِيَّتهم اليمنية»، لافتاً إلى أن تلك الممارسات تُذكّر بما فعلته السعوديّة إبّان حرب الخليج. وفي الإطار نفسه، أشار رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام في تغريدة على «تويتر» إلى أن الانتهاكات السعوديّة بحقّ المغتربين اليمنيين «تُعدّ قضية إنسانية بامتيَاز»، معبّراً عن أسفه «لما يتعرّضون له من مضايقات غاية في السوء، من دون أي سبب سوى أنهم يمنيون».

وسبق للرياض أن استخدمت هذه الورقة نفسها ضدّ صنعاء عام 2013، لإيقاف التنقيب عن النفط في محافظة الجوف اليمنية، وهو ما تَحقّق بالفعل بتواطؤ من هادي وحكومته. لكن قانونيين يعتقدون أن ما تقوم به السعوديّة اليوم سيفتح باباً قديماً تجاهلته المملكة طويلاً في ظلّ وصايتها على اليمن قبل أيلول 2014، موضحين أن وجود العمالة اليمنية في الأراضي السعوديّة محكوم بنصوص «اتّفاقية الطائف» وملحقاتها المُوقَّعة بين اليمن والسعوديّة عام 1934، ومن بعدها «اتّفاقية جدّة» المُوقَّعة بين الجانبين عام 2000. ويبيّن القانونيون أن «الاتّفاقيتَين منحتا المواطن اليمني حق العمل والإقامة المفتوحة وحرّية الاستثمار والملكية وعدم مصادرة الممتلكات أَو الحجر عليها»، بحسب المادة 14 من «اتّفاقية الطائف» على وجه الخصوص، مشيرين إلى أنه لم يتمّ اختراق هذه الاتّفاقية والتنصّل من الامتيَازات التي مُنحت للمغترب اليمني في الأراضي السعوديّة بموجبها، منذ ستينيات القرن الماضي وحتى مطلع عام 1990.

وفي هذا السياق، طالب ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سلطات صنعاء، بإلغاء العمل بـ«اتّفاقية الطائف»، بما يتيح لها الحق في المطالبة باستعادة الأراضي اليمنية «المستلَبة» من الجانب السعوديّ في جنوب المملكة، والتي تشمل جيزان ونجران وعسير ومناطق أُخرى.

يشار إلى أن السعوديّة، التي كانت ضيّقت هامش الأعمال في القطاعات الإنتاجية والخدمية التي يعمل فيها اليمنيون تحت مبرّر سعوَدة المهن، لم تبرّر إجراءاتها الأخيرة التي تستهدف شرائح واسعة من العمالة اليمنية، تشمل بالدرجة الأولى الأكاديميين الذين يحتلّون المرتبة الأولى في سلّمِ الأجور التي يتقاضاها العمال اليمنيون وفق عقود الاستقدام من الأراضي اليمنية، ليرتفع عدد الأكاديميين المبعدين من أعمالهم من خمس جامعات سعوديّة بصورة قسرية خلال الأسبوعين الماضيين، إلى 300، وسط توقّعات بتزايد العدد، بعدما انتقلت المضايقات إلى العاملين في القطاع الصحّي، وتوجّـه السعوديّة للبحث عن بديل منهم من الفيليبين ودول أُخرى. ويأتي هذا التصعيد، الذي من شأنه أن يضاعف معدّلات الفقر في اليمن، والتي تجاوزت 85% خلال السنوات الماضية، في إطار مخطّط تشديد الخناق الاقتصادي على اليمن. وبحسب خبراء اقتصاديين في صنعاء، فَـإنَّ ذلك سيعرّض 27% من الأسر اليمنية للجوع، خُصُوصاً أنها تعتمد على تحويلات المغتربين كمصدر أَسَاسي للعيش. وأفَادت «منظّمة الهجرة الدولية»، أخيرًا، بأنها رصدت عودة أكثر من ثلاثة آلاف يمني من السعوديّة خلال الشهرين الماضيين.

* الأخبار اللبنانية| رشيد الحداد

 

You might also like