الوساطات أمام حائط مسدود.. مأرب تعود إلى الاشتعال
الوساطات أمام حائط مسدود.. مأرب تعود إلى الاشتعال
متابعات| تقارير| جريدة الأخبار اللبنانية:
بعدما بدا، في خلال الأيام الماضية، أن ثمّة إمكانية لإحداث خرق في جدار الأزمة اليمنية من باب الملفّ الإنساني، جاءت تطوّرات الساعات القليلة الفائتة لتنسف كلّ هذا التفاؤل، وتُعيد الأمور إلى نقطة الصفر. إذ إن الجانب الأميركي، الذي قاد بنفسه أخيراً محادثات «السلام»، ظلّ مصرّاً على ابتزاز صنعاء بالأزمة الإنسانية، وهو ما جدّدت الأخيرة رفضها له، مستأنفة عملياتها الواسعة في مأرب، إثر تجميدها إيّاها إفساحاً في المجال أمام الوساطات
وأوضحت مصادر قبلية، لـ”الأخبار”، أن المواجهات جرت من المسافة صفر في شرق الطلعة الحمراء وإيدات الراء التي تُعدّ آخر منطقة من مناطق جبهة المشجح، مضيفة أن جبهة دشن الحقن، الواقعة في الناحية الشمالية الغربية، شهدت هي الأخرى اشتباكات عنيفة خلال الساعات الماضية، من دون تسجيل تقدّم لقوات هادي التي فقدت عدداً من قياداتها هناك. كذلك، ولأوّل مرّة منذ أكثر من شهرين، حرّكت التشكيلات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي محور مدينة أسداس، مركز مديرية رغوان، شمال غرب مدينة مأرب، في محاولة منها لتحقيق اختراق عسكري يعيدها إلى محيط جبهة الكسارة. ووصفت المصادر الهجمات في تلك الجبهة بـ”الانتحارية”، نظراً إلى انكشاف ساحات القتال التي اتّخذتها قوات هادي منطلقاً لهجماتها. في المقابل، أشارت المصادر نفسها إلى تنفيذ الجيش و”اللجان”، مساء السبت، هجوماً على مواقع قوات هادي في محيط حمّة البس غرب مأرب، بعد ساعات من صدّهما هجوماً مضادّاً على مواقعهما، مؤكدة أن قوات صنعاء استطاعت السيطرة على عدد من نقاط خصومها في محيط الحمّة، وتمكّنت من تدمير شاحنتين عسكريتين بما تحملان، كما اغتنمت عدداً من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وفي جبهة البلق القِبْلي التي يسيطر الجيش و”اللجان” على معظم مساحتها منذ شهرين، قُتل وأصيب، مساء السبت، عدد من أبناء قبيلة مراد ممَّن يقاتلون في صفوف “التحالف”.
ولم يفلح الإسناد الجوّي الكثيف لقوات هادي في إزاحة الجيش و”اللجان” عن مواقعهما في محيط منطقة أسداس، على رغم تنفيذ الطيران، مساء السبت، 10 غارات على مواقع التماس في هذه الجبهة، في غضون ساعات. وأفادت مصادر مطّلعة بأن عدداً من الغارات استهدفت محيط قرى قبلية كانت أعلنت الحياد – ووقّعت اتفاقات مع الجيش و”اللجان” التزمت فيها بعدم السماح لأيّ من الطرفين بالتمركز في أراضيها -، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لتخريب الاتفاقات التي حيّدت عدداً كبيراً من القرى والمزارع، وحفظت الممتلكات الخاصة من دمار المواجهات. وتزامنت تلك التطورات مع تعرّض معسكر تدريبي تابع لقوات هادي في منطقة الوديعة الحدودية – يُسمّى “معسكر الحشد” – لهجوم جوّي أدى إلى مقتل اكثر من 10 من منتسبي المعسكر، وإصابة آخرين تمّ إسعاف الكثير منهم إلى مستشفيات مدينة شرورة السعودية. واتهمت مصادر عسكرية محسوبة على قوات هادي، حركة “أنصار الله”، بالوقوف وراء استهداف المعسكر، الذي يتمّ تدريب العناصر الجُدد فيه، والترتيب للعمليات العسكرية بمشاركة غرف عمليات “التحالف” في شرورة ونجران، وفق ما تبيّنه المصادر، التي توضح أيضاً أن “الحشد” يُعدّ بمثابة نقطة تجميع وانطلاق وتعزيز وتمويل وتسليح لجبهات مأرب والحدود.
«أنصار الله»: محاولة فرض معادلة الميناء مقابل وقف إطلاق النار مرفوضة
ويأتي التصعيد المتجدّد في مأرب بالتوازي مع عودة المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى الرياض ومسقط، وتأييده خلال لقائه برئيس حكومة هادي في الرياض، معين عبد الملك، والسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، استخدام الضغط العسكري لدفع حركة “أنصار الله” إلى الموافقة على مقترحات “السلام” التي يروّج لها، بعدما فشلت محاولات بلاده المقايضة بين وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، بفعل رفض قيادة صنعاء تلك المعادلة، وتمسّكها بضرورة تحييد الملفّ الإنساني. وفي هذا الإطار، أكد عضو وفد “أنصار الله” التفاوضي، عبد الملك العجري، أن “المرفوض هو محاولة أميركا ودول العدوان فرض معادلة الميناء مقابل وقف إطلاق النار، بحيث إذا تَجدّد إطلاق النار لأيّ سبب من الأسباب (ولا شيء يمنعهم) يكونون قد انتزعوا اعترافاً يبرّر لهم إغلاق الميناء، وهي معادلة باطلة، فلا يجوز إغلاق الموانئ تحت أيّ ظرف”.