كل ما يجري من حولك

 (الحمير) أحياناً تستوعبُ أكثر!

673

 

بقلم الشيخ عبد المنان السنبلي.

“لو قرأت هذا الكتابَ من قبل لما أرسلت َجندياً واحداً إلى اليمن”..

باختصار هذا ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر متحسراً ذات يوم بعد أن فرغ من قراءة كتابٍ أُهدي إليه بعنوان (الحملة العثمانية على اليمن) وذلك في إشارة منه طبعاً إلى خطورة الوضع وحجم المأزق والتورط الذي وصلت إليه قواته في اليمن إبان التدخل العسكري المصري هناك في ستينيات القرن الماضي.

ويبدو أن الإعلامي الراحل محمد حسنين هيكل والذي كان يعد واحداً من أكثر المقربين من الرئيس ناصر وأهم مستشاريه قد استند إلى هذا الكلام وتلك التجربة المصرية المريرة في اليمن عندما خرج ذات مساء من على إحدى الفضائيات محذراً السعوديّة وحلفاءها من مغبة وتداعيات التدخل العسكري في اليمن وقال: “اليمن بركان نائم أَو خامد إذَا ثار فسيجرف المنطقة كلها”.

لكنهم ومع ذلك حسبوها على ما يبدو من زاويةٍ مختلفةٍ أُخرى، فجمال عبد الناصر في اعتقادهم لم يكن يومها يمتلك طائرات f15 وَf16 ولا مروحيات الأباتشي ولا صواريخ توماهوك وكروز ولا دبابات الأبرامز ومدرعات البرادلي كما يمتلكونها هم اليوم والتي من خلالها اعتقدوا أنهم بخلاف عبد الناصر قادرون على كسر شوكة اليمنيين وتركيعهم في حربٍ سريعةٍ وخاطفة أشبه ما تكون بنزهةٍ على إحدى شواطئ بيروت أَو شرم الشيخ أَو هكذا ظنوا!

فهل وجدوها كما أرادوها (نزهة)؟!

في الحقيقة لقد وقعوا بكل سهولةٍ في الفخ الذي وقع فيه جمال عبد الناصر من قبل لتصبح السبعة أَيَّـام التي أعلنوّها مدةً زمنيةً لحسم الأمر سبع سنواتٍ أَو زهاءها حتى الآن من دون أن يصلوا إلى نتيجة أَو يرسوا لهم على بر، وهكذا هو حال من لم يستمع إلى نصائح الناصحين أَو يتعظ ممن سبقه من الشعوب والأمم!

وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا

إذا لم يكن فوق الكرام كرامُ!

يعني قرأ جمال عبد الناصر كتاباً واستوعب الأمر وفهم حقيقة المأزق والورطة التي أوقع نفسه وجيشه فيها وبدأ من حينها يتدارك الأمر شيئاً فشيئاً حتى انسحب بكل هدوء حاملاً معه كُـلّ ما تكبده من خسائر في العدة والمال والعتاد وانتهى الأمر!

والسؤال هنا هو:

ماذا لو أُهدي ذلك الكتاب مرةً أُخرى وقرأه سلمان مثلاً أَو ابنه الصغير أَو حليفهما الإماراتي محمد بن زايد اليوم بعد أكثر من ست سنواتٍ ونيف من تدخلهم العسكري وعدوانهم على اليمن،

برأيكم، ماذا سيقولون؟

هل سيتجرأون مثلاً ويقولون نفس ما قاله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أم أنه سيكون لديهم رؤية أَو وجهة نظرٍ أُخرى أم ماذا سيقولون يا تُرى؟

أعتقد بصراحة أن أكثر من ست سنواتٍ ونيف من العجز والفشل أكثر من كافية لحمير الحمير والبغال أن يستوعبوا الدروس ويستلهموا العبر خَاصَّة إذَا كان قد سبقهم إلى هذا المستنقع اليمني الصعب الكثير من الغزاة والطامعين، لكنهم على ما يبدو قومٌ أغبى من الحمير والبغال وما دونها عقلاً وحلماً من دواب وهوام الأرض!

قللك يستوعبوا.. قال.

You might also like