الصرخة في وجوه المستكبرين.. الحدودُ والأبعاد
منصور البكالي
كيف ينظر أحرارُ العالم و مستضعفوه اليوم إلى شعار الصرخة في وجه المستكبرين؟ ولماذا تغيرت قناعاتُ الكثير من المثقفين والكُتاب والناشطين، اليمنيين وغيرهم، ممن كانوا ينتقدون مَن يردّده، أَو يقتنع به، وحاولوا تشويهَه وإبعاد الناس عنه، أَيَّـام الهيمنة الأمريكية على القرار السياسي في اليمن، والحروب الست الظالمة على محافظة صعدة، بذريعة التمرد وغيره، وُصُـولاً إلى حروب كتاف وعمران وإرهاصات ما قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م، وكذا الترتيب الأمريكي لتشكيل تحالف العدوان وقيادته وشنه على الشعب اليمني في 26مارس 2015م، استمراراً إلى اليوم؟
إن التساؤل المهم في هذه المحطة من محطات الصرخة العابرة للجغرافيا اليمنية والمترسخة داخل قناعات ووجدان كُـلّ شباب وأحرار محور المقاومة، هو ما أسباب مشاهدتنا لمقاطع فيديو لأحرار في أكثر من دولة غربية، وداخل مدن أمريكا نفسها وهم يعبرون عن سخطهم تجاهها وتجاه سياسة حكامها وحكوماتها وقوانينها وتشريعاتها المستبدة، بترديد عبارات الصرخة الخمس ورفعها مكتوبة على لافتات بعدة لغات غير عربية، خلال تظاهراتهم ووقفاتهم ومسيراتهم الاحتجاجية، لتعبير عن سخطهم؟
وهل حان الوقتُ لنقول لمن هم في الداخل اليمني أَو محسوبون على محور المقاومة ولكل لشعوب العربية والإسلامية، ولا يزال في قلوبهم تردّد وعدم قناعة أَو ذرةٌ من إرجاف ونفاق حول هذه الصرخة ودورها الاستراتيجي في كسر الحاجز النفسي أمام أي ظالم وطاغوت، ولأجل أية قضية عادلة ومحقة، وعلى رأسها منظومة الإجرام والتوحش والإرهاب الأمريكي ومعه المحتلّ الصهيوني بـ “أنه لا خلاص لشعوبكم إلا بإعلان البراءة في وجوه أعدائكم وحكوماتكم دون الالتفاف إلى تبعات ذلك، لتعبروا نحو الحرية والاستقلال، وتتضح أمامكم الطريق نحو العزة والكرامة والعدالة المفقودة، فتكونون خير من يستبدل الله بكم في خلافة الأرض وإصلاحها.
ومن يتابع مستجدات الأحداث، وتغير المعادلات في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وإيران ولبنان وعلى كُـلّ أرض تربطها علاقة بشعار الصرخة وبمحور المقاومة يلمس ثمرةَ تلك العبارات اللفظية التي تقود إلى المواقف الفعلية على ميدان المواجهة، وما أحدثته من قوة في وجدان وأفعال وتحَرّكات الشعوب قبل قيادتها، وأقرب من عبر عن تلك الثمرة وصدرها في مواقفه أمام العالم الجيش اليمني واللجان الشعبيّة في معركتهم مع أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، عكستها مشاهد الإعلام الحربي في عمليات محور جيزان، وكذا رد الفصائل الفلسطينية وصواريخها في قطاع غزة على عدوان المحتلّ الصهيوني خلال 11 يوماً خرج منها كيان الاحتلال مكسوراً مهزوماً ومعه الأمريكي وأنظمة التطبيع العربية العميلة.
لا غرو أن التوسع الجغرافي للصرخة جعلها ليست حكراً على الشعب اليمني ولا هي خصيصة به وله للخلاص مما كان عليه من الاستضعاف، بل هي سلاح ردعٍ سريع الفعالية والتأثير، حث على ترديدها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي مؤسّس المشروع القرآني والمسيرة القرآنية في اليمن بداية القرن الواحد والعشرين، كحل أمثل وعلاج لا بديل ولا مثيل له في هذا الكون، هدية وهداية مستنبطة من كتاب الله الذي فيه رحمته للإنسانية وللبشرية وبكل شعوبها ودياناتها المحرفة لمواجهة قوى الشر والطغيان العالمية التي يقودها ويمثلها الكيانان الغاصبان الأمريكي والصهيوني ومن تحالف معهم ويقف في خندقهم من الحكومات المرتهنة في هذا العالم.
وبنظر إلى الحدود التي وصلت إليها الصرخة مؤخّراً، نجد أنها مُجَـرّد إثبات لمصداقية ما أكّـد عليه الشهيد القائد في ملزمة “الشعار سلاح وموقف” حين قال لمن كانوا حاضرين معه في ذلك الدرس: “اصرخوا وستجدون من يصرخ معكم إن شاء الله في مناطق أُخرى”، هنا يجب أن نقف عند هذا التأكيد والحث الطلبي الذي صدره لنا ولكل البشرية الشهيد المؤسّس ونعيد ذات الرسالة وذات الطلب وذات التوجيه إلى كُـلّ أحرار العالم، وللشعب الفلسطيني على وجه الخصوص بكل فصائله الواقفين في الخندق المتقدم والمترس الأول لمواجهة العدوّ الصهيوني ونقول: صرخت صواريخكم فاصرخوا وستجدون من يصرخ معكم في مناطق أُخرى، ولقد صرخ كُـلُّ أحراركم في القدس والضفة والأرضي المحتلّة في عمق الكيان منذ 48، وصرخت غزة أَيْـضاً كما صرخت دمشق وبيروت وبغداد وطهران ومن قبلها صنعاء، بل وخرج كُـلّ أحرار العالم معكم ونصرة لمظلوميتكم في مسيرات ومظاهرات صارخةً في وجه التوحش الصهيوني في الشيخ جراح والقدس وقطاع غزة وأطفالها.