مستقبلُ الوجود الأمريكي في المنطقة
منصور البكالي
ما بعد تطور القدرات العسكرية لمحور المقاومة، وتزامن الضربات للتواجد الأمريكي في العراق وأدواته التركية في سوريا، ومنصات الباتريوت والمنشآت النفطية والقواعد العسكرية الحساسة في السعوديّة، ما مستقبلُ الوجود الأمريكي في المنطقة؟ وما هي المبرّراتُ المخادعة التي يسعى لتقديمها للحفاظ على البقاء؟ وما طبيعةُ السيناريوهات المحتملة لتطور كرة النار واحتدام المواجهة؟ وأين موقع تخصيب إيران لليورانيوم إلى نسبة 60 % والتحذير من إطالة الإدارة الأمريكية لزمن التفاوض النووي، ورفع العقوبات على الشعب الإيراني؟
ومع هذا الفشل الأمريكي في حماية أدواته وتكشُّفِ ضعف قدراته وأسلحته وهزيمة مرتزِقته في الميدان العسكري، يؤكّـد الخبراء العسكريون أن المعادلة تغيرت وموازين القوى تصب في صالح الشعوب الحرة والقوى المقاومة على مختلف الأبعاد العسكرية والسياسية، وأن حقبة هيمنة القرار الأمريكي وتدخلاته في شؤون الشعوب قد ولّى إلى دون رجعة.
فيما يعزو سياسيون تمكُّنَ قوى الهيمنة والاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا من الاستمرار في الوجود والتحكم بقرارات الشعوب العربية والإسلامية في المرحلة الماضية، إلى عاملِ غياب القيادة الحكيمة والواعية وغياب المشروع الحامل لهموم وتطلعات أبناء هذه الأُمَّــة، والخطاب المعبر عنها وعن هُــوِيَّتها، ولكن هذا العامل تغير بنجاح الثورة الإسلامية في إيران وبروز المقاومة في غزة ولبنان وسوريا والعراق، وأن ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة ومشروعها القرآني في اليمن قضت على الكثير من العوامل واستطاعت عبر قيادتها العظيمة إحداث نقلة نوعية وغير متوقعة لصالح محور المقاومة وكل شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية، وقدمت لكل أحرار العالم المناهضين للسياسية الصهيوأمريكية نموذجاً فريداً في مواجهة وإفشال المخطّطات والمؤامرات الإجرامية بحق الإنسانية.
إن صمودَ الشعب اليمني في مواجهة العدوان منذ 6 سنوات أذهل العالم وفتح أمام العدوّ الأمريكي والصهيوني وأدواتهم في المنطقة خياراتٍ واستراتيجيات عسكرية وسياسية واقتصادية، نسفت كُـلّ مؤامراتهم، وجعلت كُـلّ وسائل الإعلام العالمية تتحدث عن هزيمة الحرب في اليمن، بعد أن كانت الترسانة الإعلامية التابعة لقوى الاستكبار من تحدّد وترسم وتوجّـه وتتحكم بالرأي العام العالمي.
وبالعودة إلى سيناريوهات الوجود الأمريكي في المنطقة، فَـإنَّ العمليات العسكرية لمحور المقاومة وتوسع بنك أهدافه وخياراته الاستراتيجية، وقدراته المتطورة جواً وبراً وبحراً، قادرة على ضرب كُـلّ القواعد الأمريكية في المنطقة ونسفها كما تنسف وتقصف المنشآت الحيوية السعوديّة والقواعد العسكرية في العراق وسوريا.
بل إن الضربات الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر لمحور المقاومة أحرق معه مبرّرات الوجود الأمريكي وغيره في المنطقة، ورفع منسوب الصراخ والعويل للكيان الصهيوني، وزاد من تخبط أنظمة العمالة والخيانة، وتلعثم خطابها الإعلامي إمام شعوبها، وفضح عمق العلاقة بينها وبين الكيان والمسارعة في التطبيع معه.
وفي المقابل تؤيد الشعوب العربية ضربات محور المقاومة المُستمرّة لمفاصل العدوّ الأمريكي وأدواته الاقتصادية والعسكرية هنا وهناك، وترتقب مرحلة الترتيب والإعداد والتحَرّك، لتخلص من أنظمتها العميلة، ومشاهدتها وهي تهرب إلى فنادق تل أبيب وواشنطن ولندن كما هرب إليها الشاة الإيراني، وزين العابدين التونسي والدنبوع اليمني.
ويكون للقيادة العسكرية في محور المقاومة حق إخراج المشهد الأخير من الأكشن المباشر مع القواعد الأمريكية وتحديد الطريقة التي تخرج بها من المنطقة، ومصير من بداخلها.