كل ما يجري من حولك

الحربُ الناعمة.. والسياسة الأمريكية القذرة

352

 

إكرام المحاقري

لا يوجدُ شرخٌ على الواقع البشري في الأرض إلا و”أمريكا” هي من قامت به، سواء أكان شرخاً سياسيًّا ـ اجتماعياً ـ أَو اقتصاديًّا، وما حالة التفكك التي وصلت إليه البلدانُ العربية والإسلامية إلا أُنموذجٌ واحدٌ للثمار الحامضة التي أتت عليها السياسة الأمريكية القذرة، ومهما كثرت المسميات وتنوعت خشبات العرض، إلا أن الحقائق باتت واضحةً وجلية، ولنا نقاش في الحالة التي وصلت إليها الأُمَّــة العربية اليوم، ولماذا؟!

لم يكن التحَرّك الأمريكي تحَرّكاً ملموساً منذ زمن، حَيثُ قد قامت الأنظمة العربية العميلة بتأدية الدور على أكمل وجه، لكن جائحة الصراع في الآونة الأخيرة قد أزاحت الستار عن حقيقة من يقومون بتأدية دور الأصوات، ولتكن الخيالات واسعة بالنسبة للسياسة الأمريكية التي عاثت في الأرض الفساد، وجعلت من العالم لقمة سائغة للأكل دون أن تدفع ضريبة واحدة، فالعرب باتوا اليوم يدفعون الضرائب من جيوبهم، بينما حازت أمريكا على نعيم دائم، وكلها في إطار تلك السياسة.

”الحرب الناعمة“ تلك الحرب التي اختصتها السياسةُ الأمريكية لتحريك أحجارِ لُعبة الشطرنج حتى تتمكّنَ من الساحة العربية كـ خطوة “كُش ملك”، فالحرب الناعمة الباردة التي وُلدت من رحمها الحربُ الخشنة هي تبعات لنعومة المصطلحات والأهداف، فعندما تمكّنت السياسة الأمريكية من ثقافة الشعوب العربية والإسلامية، وعندما انتزعت منهم الغيرة والحمية، وزرعت في نفوسهم حب السلام الوهمي والذي تقتضي حقيقته على “الذل والامتهان للعدو”، بعدها تحَرّك العدوّ تحَرّكاً عسكريًّا واسعاً في المنطقة، للسيطرة على الرقعة العربية دون أن يطلق رصاصة واحدة، فمن يطلقون الرصاص هم أدواته من الأعراب، وهم من وضعهم في المنطقة العربية منذ القدم وقدموا أنفسهم كـ عرب لكن لا عروبة لهم، ومن أجل تقديم الدين ركيك ولا كرامة لأهله.

كانت السياسة الأمريكية وما زالت تستهدف الأسرةَ المسلمة وتفرقها بأنواع من الأسلحة الثقافية الفتاكة، منها طرح مشروع الانفتاح والتطور عبر المسلسلات المدبلجة، ومنها عبر برامج شاذة تحت عنوان “لازم تعرف” ومن يقدم هذه البرامج هم مذيعون عرب!! حتى يسهل للمجتمعات المسلمة بلع الطعم في لحظات، قضايا كثيرة تدخلت فيها السياسة الأمريكية حتى وصلت لطمس الهُـوِيَّة العربية الإسلامية بشكل نهائي، وأصبح التمدن هو من يقود المشروع الأمريكي نحو بر الأمان.

وما صرح به الرئيس “الفنزويلي” (مادورو) أن المبعوث الأمريكي الخاص لإيران وفنزويلا، “إليوت أبرامز”، عرض على زوجته “سيليا” الطلاقَ منه والعيشَ في رخاء في أي بلد تختاره، فهذه السياسة الأمريكية ليست خَاصَّةً بـ خلط الأوراق واستهداف رأس الهرم في فنزويلا فقط، بل هي ذات السياسة التي تمارسها “الأمم المتحدة” في اليمن وغيرها من البلدان العربية.

ولا ننسى ذلك الوثائقي لوزارة الداخلية اليمنية “خطوط حمراء” والذي كشف الواقع الحقيقي للمنظمات المحسوبة على “الأمم المتحدة” في استقطاب الفتيات ورميهن في مستنقع الشذوذ والانحلال الأخلاقي ضمن قائمة “خلية الدعارة” وهذا العمل الرئيسي لتواجد تلك المنظمات الأمريكية في المنطقة، والهدف ليس فتيات اليمن وزوجة مادورو، بل إن الطعن في كرامة الإسلام وتلطيخ تاريخ العرب والمسلمين بشكل عام هو الهدف الرئيسي، فالحرب الناعمة التي عشعشت في كُـلّ بيت هي من أوصلت العرب لهذه الحالة المزرية من الهوان والذل والانكسار، بينما الثلة الأمريكية الحقيرة هي من تحكم وتتحكم في العالم، فـ أين هم العرب اليوم؟! نجدهم في عالم التيه يبحثون عن فتاوى من هنا وهناك، لتحليل الخمر والزنا وجميع أنواع الشذوذ والانحلال!!

الحرب الناعمة ليست محصورة في كُـلّ ذلك، بل إن لها مجالات واسعة، منها نشر الفكر الوهَّـابي في المنطقة، وتحويل منطق الإرهاب من إرهاب للعدو إلى إرهاب يجسد واقع الإسلام والمسلمين، وهذا ما قامت به الأدوات التكفيرية التابعة للأنظمة الإرهابية، والتي تبنت “كلنتون” صناعتها علناً، فـ عندما تقول أمريكا نحن من صنعنا الإرهاب ونجد العرب لم يعودوا يستشعرون خطورةَ ذلك، فـ على الدنيا السلام، فشعارُ “بسمتي سلاحي” هو من لعب الدور الأبرز لاحتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية قبل أن يكون شعارَ سلام في اليمن وغيرها، فبينما تاه العربُ وغرقوا في مستنقع الحرب الناعمة الباردة، حملت أمريكا جميعَ أنواع الأسلحة وأتقنت التضليل الإعلامي، وتفننت في صياغة المناهج الثقافية وتوريدها للعرب للتعلم منها!! وما جنوا بعد ذلك؟! فـ الإجَابَة الشافية هي في تلك الوثائق التي تنص على بنود التطبيع والخضوع للسلام الصهيوني!!

نعم، هم لا يستحون عن فعل أي شيء، فهم لا يحترمون دستور دولة، ولا كرامة أسرة، ولا شرع دين، يمتلكون المكر ويجيدون استعماله، بينما العرب يمتلكون الحق وأضاعوه، فـ الوعي هو من سيهزم هذه الحرب وهو من سيحرّر الأوطان من الاستيطان، وهو من سيرد للعرب كرامتهم، ولتذهب السياسة الأمريكية القذرة إلى الجحيم.

You might also like