هل تمهّد الإمارات لتسليم الساحل الغربي للحوثيين نكايةً بالسعودية؟
على ايقاع ازيز الرصاص وفرقعة المدافع، قررت الامارات اجلاء اخر دفعه من جنودها في خطوط التماس بالساحل الغربي لليمن، تاركة اكثر من علامة استفهام حول الدوافع التي اجبرتها على ترك السعودية تواجه مستقبلا غامض وحيدة ، فهل قررت ابوظبي انهاء حربها على اليمن والمستمرة منذ 6 سنوات أم انها مناورة تحاول من خلالها اظهار حجم الفراغ الذي سيخلفه رحيلها عن المشهد في اليمن؟
المعارك في جبهات القتال جنوب الحديدة بلغت خلال الساعات الماضية ذروتها مع اشتدادها على اكثر من جبهة، والخسائر في صفوف الفصائل الموالية للإمارات أو بالأحرى من دفع بهم طارق صالح إلى محارق الموت للتخلص منهم على امل تسيد المشهد في هذه المنطقة ارتفعت بصورة مخيفة مع اعلان اعلام طارق مقتل 8 واصابة 11 خلال ساعات فقط من المواجهات التي شهدتها اطراف مديرية الدريهمي.
وبعيدا عن جبهات القتال التي اصلا لم تهدأ رغم انتشار البعثة الأممية “اونمها” واتفاق ستوكهولم الذي كان من المفترض أن يوقف القتال بصورة نهائية، ثمة ترتيبات من نوع اخر تتم على الأرض وتنبئ بوضع اخر، ابرزها نقل الامارات قواتها من المخا إلى عدن وحكر السلطة في هذه المنطقة على طارق صالح بعد تفكيك خصومه وارسالهم إلى الخطوط المتقدمة، فهل ترتب الامارات لتقارب بين طارق والحوثين، أم تحاول جر الحوثيين لهجوم على الاطراف الجنوبية للساحل الغربي ينتهي بإيعاز لاتباعها بقيادة طارق بالانسحاب نكاية بالسعودية وقطر اللتان تحاولان تقليص نفوذ ابوظبي والاستحواذ على مكاسبها؟
لم تعرف بعد الدوافع الاماراتية، التي ترفض حتى الأن ضم اتباعها إلى حكومة هادي الموالية للسعودية، لكن حديث طارق صالح عن عرض الحوثيين اطلاق سراح نجله المحتجز على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في ديسمبر من العام 2017 مقابل وقف قتالهم تشير إلى وجود اتصالات من نوعا ما بين الطرفين خصوصا وأن حديث طارق الاخير يؤكد الانباء التي اتهمته سابقا بالانسحاب من الدريهمي كحسن نية للتفاهم مع الحوثين الذين اطلقوا حينها نجل علي محسن من صنعاء.
قد لا تكون الامارات تخطط لمغادرة اليمن نظرا لنقل قواتها من المخا إلى عدن واحتفاظها بقوات في شبوة وحضرموت وسقطرى ناهيك عن تعزيز وجودها في المهرة، بقدر ما ستكتفي بالتفرج على وضع السعودية وهي تتخبط جنوبا وشمالا اذا ما تم قراءة تصريحات وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية انور قرقاش التي اعقبت المصالحة السعودية مع قطر وتحدث فيها عن انتهاء دور بلاده فعليا في اليمن وهو بذلك يشير إلى استغناء السعودية عنها ، لكن المؤكد أن الامارات لن تسلم للسعودية التي تضغط عليها في اكثر من جبهة وستواصل دعم الفوضى في وجه الرياض حتى تصل الاخيرة إلى قناعة بضرورة عودة ابوظبي لنجدتها كما فعلت في نوفمبر من العام الماضي عندما اضطر خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، لتنفيذ زيارات مكوكية بين الرياض وابوظبي في محاولة لابرام اتفاق الرياض الذي اعقب دعم الامارات انقلاب على اتباع السعودية في عدن في اغسطس من العام الماضي.