عدن وسط الحريق
غالب المقدم
ستظلُّ عدنُ والمحافظاتُ الجنوبية، وبعض الأجزاء من المناطق الوسطى لليمن، وسط الحريق، ما دامت قوى العدوان فيها، وهذا ما ترجوه من إبقاء نار الصراع مشتعلة بين أدواتها في المحافظات التي تسيطر عليها، حتى يتسنى لها تنفيذ ما تصبو إليه من تمرير مخطّطاتها الرامية إلى توغل التواجد الأمريكي والإسرائيلي، في المياه الإقليمية، وتمكينه من غرس قواعده في الموانئ والجزر اليمنية.
وما تشير إليه الحقائقُ والأحداثُ الجارية التي تحدث على مسرح الجغرافيا اليمنية، تقول بأن دولَ الاحتلال السعودي الإماراتي تحاولُ اقتسام المساحات التي تحتوي على المنافذ البرية والبحرية بينها، فبالنسبة إلى الشريط الساحلي تود الإمارات أن تُحكم السيطرة عليه، حتى تصبح البوارج الأمريكية والغواصات الإسرائيلية تسرح وتمرح فيه، وكما يحلو لها، وأما بطنُ المحافظات فهذه من حصة السعودية التي تسعى إلى تحقيق الهدف الأمريكي الأكبر، وهو إبقاءُ الشعوب في حالة غليان مستمر، حتى تسهل مهمة إحكام السيطرة على مقدرات الشعوب، وإخضاعها وتوجيهها كما تريد.
أوليس من اللافت أن احتدامَ الصراع بين أدوات العدوان، مؤشر على أنها مرتاحة لهذا الوضع الذي يمكّنها من استغلال كافة الثروات اليمنية، والسيطرة عليها لصالح العدوّ الغربي الذي أوجدها كما أوجد الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ولا تريد تغييره.
ولعلّ ما يُحرج السعودية أحياناً في تشكيل الحكومات الهزيلة، هو ضغط الرأي العام عليها، الذي تحاول بعض الأدوات استغلاله حتى يظهر بزي الوطنية أمام أتباعه، ولهذا تظهر أنها الراعية، وأُخرى أنها الوصية، وتالية أنها صاحبة الحل أَو المنقذ، ولكنها في كُـلّ مرة تسعى إلى تشكيل حكومة تأتي بمن هي أضعف من سابقتها، حتى لا تتمكّن من العودة إلى عدن.
وما هذا الانفجار الذي استهدف المطار أثناء وصول العكاكيز الهشة، التي تتوكأ عليها السعودية والإمارات، إلا رسالة واضحة من ولاة أمرهم مفادُها أنه ليس لهم فيها مكان، وما عليهم إلا الرحيل منها، والعودة إلى الغرف التي خُصصت لهم في عواصمهم، وإلا ما الغاية من بقاء هذا اللهيب متأججًا في مدننا المحتلّة؟