أكبر نجاح.. وجودُ الرؤية ووجود القيادة
محمد أمين الحميري
اليمنيون -بكل توجُّـهاتهم- كانوا يتطلعون لقيادة تجعلُ في أولى أولوياتها الانتصارَ لكرامة الإنسان اليمني الممتهنة على أرضه أَو في أي بلد آخر.
قيادةٌ تمتلكُ الرؤيةَ الواعيةَ والواضحة لمعالجة كُـلّ الاشكالات التي جعلت من اليمن بلداً فقيراً، ضعيفاً، لا مكانةَ له ولا استقلال ولا قرار.
واليوم وبعيدًا عن أية فلسفة أَو حسابات سياسية ومذهبية ضيّقة، هذه القيادةُ موجودةٌ، والنجاحاتُ كبيرةٌ في مسيرة تخليص اليمن من كوابيس خارجية وداخلية عدة، كانت السببَ الأبرزَ وراء تخلُّفِ اليمن وغياب دوره الرائد بين شعوب المنطقة والعالم..
وهذه النجاحاتُ تتحقّق في أسوأ ظروف، هي ظروفُ عدوان وحصار، والفضلُ في ذلك لله، ثم لعدالة القضية ووجود المشروع والقيادة.
فهل بعد هذا، وما يتجلى من حقائقَ يصح لعاقل أن يظل في منأًى عن الواقع، ويتقاعَدُ عن القيام ولو بالشيء اليسير في مسيرة التغيير هذه؟!، على أي مستند يستندُ من لا يزال يعتبر ما يتعرض له اليمن من حربٍ وحشية وحصار خانق فتنةً داخلية بين اليمنيين، من لا يزال مقتنعاً ويحث غيره أن الأصوب للشعب هو الاعتزال والصمت؟!
هذا تساؤلٌ وجيهٌ لا بُـدَّ على هؤلاء التمعُّنُ فيه، والخروجُ بما يرضي اللهَ ويخدُمُ مصالحَنا العليا كيمنيين.
ولا يمكن أن تكونَ التصرفاتُ الخاطئة، والمظاهرُ غيرُ سوية في مسيرة التصحيح والبناء، مبرّراً للتنصل عن المسؤولية والتفاعل وعدم تعزيز دور القيادة بما ينبغي!
كما لا يمكن أن تكونَ الظروفُ الإنسانية الصعبةُ التي سبّبها العدوانُ والحصار وتضرر الشعب، شماعةً للتهرب، والنظرة السوداوية للواقع، وتجاهل كُـلِّ ما هو مشاهد من إيجابيات.! فما يحصل بالنسبة للعاقل المنصف بمثابة سحابةِ صيفٍ عما قريب ستنقشع – كما يقال- إذَا تظافرت الجهود، وحصل التعاوُنُ، والتكامُلُ في ما يصُبُّ في خدمة اليمن “الأرض والشعب”.
وأكبر نجاح -وهو ما نمتلكه اليوم- هو وجودُ الرؤية ووجود القيادة، وكل مشكلة في سياق تقديم هذه الرؤية أَو في عدم التمثيل السليم للقيادة في تنفيذ تلك الرؤية في جانب النظرية أَو السلوك، مثل هذا القصور لن يستمر، والأمور قابلة للتصحيح والارتقاء، ومن يقرأ في مشاريع التغيير التي نجحت على أرض الواقع في أي بلد، سيجد أن الأخطاء والنتوءات لا تستمر، وهي طبيعية ولها أسبابها.
لهذا على البعيدين عن الواقع أن يقربُوا.
وعلى من لهم وجهات نظر معينة، أن يستمروا في توصيلها بشكل أخلاقي وبنّاء، وأن لا ييأسوا، ما دام العمل في هذا السبيل، دافعُه قيمي أخلاقي، فطري، وعقلاني سليم، والبديل عن هذا المسار الهادف وإن وجدت الأخطاء وأمامه مختلفُ التحديات سيكون العمل في الاتّجاه الخطأ، أَو لنقولَ في حالة التخبط والتيه، وأمامَنا تجاربُ كثيرة في إطار الأُمَّــة، أَو إطار اليمن، وإلى أين وصلت كُـلُّ تجربة، وما هو واقعُها اليوم، وأنه واقعٌ مخزٍ بالنسبة للبعض، وبالنسبة للبعض الآخر هو واقع سلبي، والفئة الواعية والناجية هي من تعمل اليوم، وتناضل في سبيل عزة اليمن ونهضته.
ومن يعمل من الطبيعي أن يخطئ ويصيب، والتعامُلُ الصحيحُ هو تعزيزُ الإيجابي والدفع لإصلاح الخلل، لا التنصل والانزواء، وعلى أصحاب الشأن من صُنّاع الرأي والقرار أن يسمعوا ويتعاملوا مع كُـلِّ نقد بما يناسبُه، والمنتقدون يختلفون في أهدافهم وأساليبهم، كما هو معلوم.