دلالات وخفايا استبعاد تهامة من حكومة المحاصصة
خلت الحكومة التي تم الإعلان عنها مؤخرا من أي تمثيل لأبناء تهامة، وهو ما يجسد التهميش الذي لا تزال تتعامل به القوى المشاركة في الحكومة ومن ورائها التحالف بقيادة السعودية والإمارات مع هذا الجزء من اليمن، الذي يمتد بطول الساحل الغربي للبلاد، من باب المندب جنوبا، حتى الحدود مع السعودية شمالاً، ويشغل إلى جانب محافظة الحديدة، أجزاء واسعة من محافظتي تعز وحجة.
إقصاء أبناء تهامة من التشكيلة الحكومية الجديدة يحمل وفق مراقبين دلالات على أن التحالف يخطط لتحييد هذه المنطقة التي باتت في حكم الواقعة تحت الوصاية الإماراتية، بعد أن سلم التحالف جزءا كبيرا من شريطها الساحلي المطل على طرق الملاحة العالمية في البحر الأحمر وثاني أهم ممر مائي على مستوى العالم “مضيق باب المندب”، لقوات غير تابعة لحكومة الشرعية، وتتبع أبو ظبي بشكل مباشر، وهو ما يعني أن تهامة يجب أن تظل وفق حسابات التحالف، خارج أي حسبة سياسية، وذلك لعدة اعتبارات، يأتي في مقدمتها أن يظل التحالف هو المتحكم بهذه المنطقة بشكل مباشر، بحكم موقعها الاستراتيجي وامتدادها الطبيعي في جنوب السهل التهامي الذي سيطرت السعودية عليه بعد تقويض سلطة الأدارسة مطلع ثلاثينات القرن الماضي.
وفيما يعكس ما آلت إليه مخرجات حوار موفنبيك التي تجاوزها الواقع السياسي وباتت في حكم العدم، مثَّل استثناء أبناء تهامة من الحكومة التي تم توزيع حقائبها مناصفة بين الشمال والجنوب، قفزة على هذه المخرجات التي صنفت تهامة إقليما من الأقاليم الستة التي قسّمت البلاد على أساسها، وهو ما اعبره سياسيون انقلابا على هذه المخرجات.
وفي ردة فعل تعبر عن حالة السخط التي سادت في أوساط أبناء تهامة، جراء إقصائهم من التشكيلة الحكومية، قال عضو مجلس الشورى المؤيد للشرعية، ورئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في الحديدة، د. عصام شريم، إن قرار تشكيل الحكومة نسف مخرجات الحوار الوطني، ومثل انقلاباً على المواطنة المتساوية والأقاليم الاتحادية.. مؤكدا عبر سلسلة تغريدات له على تويتر أن “الحديدة حاضرة في كل شيء من دمار وتجويع وحصار وقصف وحرب وتشريد، لكنها عندما يتقاسمون تقرير مصيرها فقط، فإنها غائبة بل ومغيبة قسرا” حسب تعبيره.
وتأخذ قضية تهميش تهامة من التشكلة الحكومية الجديدة القائمة على المحاصصة، بعدا أكثر خطورة بالنسبة لسياسة السعودية ومخططاتها وأطماعها التوسعية حيث أشار شريم إلى أن السعودية “تقلق من ذكر تهامة، لأنها تعيد لها تاريخ الدولة الإدريسة والمخلاف السليماني والعاصمة عسير، ولذلك هي أحرص ما تكون على طمس هوية تهامة وإبعادها عن كل شيء بل والذهاب بها لبيت الطاعة مجددا”.. مضيفا أن حرص السعودية على إخضاع تهامة لقوى من خارجها، لضرب أبنائها ببعضهم، وفرض وصي عليهم.
وألمح عصام شريم إلى سبب آخر أكثر خطورة، ويتصل بما كشفته مصادر دبلوماسية قبل أسبوع، عن مباحثات بين 8 دول إقليمية ودولية لإنشاء منطقة عازلة في الساحل الغربي، خاضعة لإدارة دولية سياسية وعسكرية، في الوقت الذي تتردد فيه الأنباء عن تنسيق بين الإمارات وإسرائيل، لإنشاء قوة عسكرية مشتركة ونشرها في البحر الأحمر، تحت ذريعة تأمين حركة الملاحة الدولية فيه.
من جهته اعتر الناشط التهامي بسيم الجناني استبعاد تهامة من التشكل الحكومي بمثابة تنكر لدور تهامة ومحافظة الحديدة التي يقاتل الآلاف من أبنائها في صفوف الشرعية في مختلف الجبهات، مشيراً إلى ما تمثله تهامة من واجهة اقتصادية عبر موانئها وأراضيها الخصبة وثرواتها السمكية مشيراً إلى أن التحالف والقوى التابعة له وعلى رأسها الشرعية، بعد أن تجاهلوا الحديدة وتهامة بشكل عام، رغم آلاف المقاتلين من أبنائها في مختلف الجبهات، لا يزالون يريدون من أبناء تهامة أن يؤيدوا شرعيتهم المزعومة.
وكان النائب البرلماني محمد ورق قد دعا كافة أعضاء مجلس نواب محافظة الحديدة إلى مقاطعة جلسة البرلمان لمنح الثقة للحكومة المعلنة بعد تجاهلها لإقليم تهامة، ولوح بترتيبات لتشكيل جبهة تحرير في الساحل الغربي خلال الأيام القادمة.