كل ما يجري من حولك

“وأعدوا لهم”.. عربات يمنية جاهزة لتفعيل الأمن

456

طه العزعزي

على القدر الكبير الذي سعت فيه دول العدوان لحشد قوة عسكرية كونية تساندها في حربها ضد اليمن، إلا أنها أَيْـضاً حاولت ومنذ اليوم الأول للعدوان -العدوان التي بدأت سرديتُه التاريخية ظناً مني مذ فبراير الفاشل- أن تنشأ قوتها بتدعيم فوضى الداخل، أي الجبهة الأمنية التي كانت وإلى الراهن هذا نقطةَ حلم لإضعاف قدرة اليمن من مستويات عدة واغتيال أجمل العقول البشرية وتحطيم فرصة النهوض الاقتصادي بالبلد والحد من الإسهام في تطوره العسكري، بالإضافة إلى ترحيل أي حَـلّ سياسي يقوم بتدعيم الدولة ومكانتها.

كانت حالاتُ العدوان في الوصول إلى إحداث ثقب أمني وتفجير جبهة متواصلة حلما كستنائيا، ولكنها فشلت في تحقيق ذلك، وما تزالُ مواصِلةً لتحقيق هذا الحلم، ولكنها ستفشل أَيْـضاً في تحقيقه، كَثيراً من خلايا الإصلاح الإرهابية وخلايا من القاعدة وخلايا تم تدريبها سعودياً بالأَسَاس ضبطتها وزارة الداخلية اليمنية، ورغم بادئ حضور اختراقات من هنا وهناك، وفتح جبهات عديدة مدعومة من قبل العدوان في مناطق سيطرة أنصار الله، كمحاولة فتح جبهة في الحيمة بتعز وفي حجور بحجّـة وفي عتمة بذمار أَيْـضاً، كان مصير هذه الجبهات بفضل الله سبحانه وتعالى وبسواعد الرجال هو الفشل الذريع والخيبة التي ذهبت أدراج الرياح.

في العهد الذي كان يحكم فيه الخائن عفاش ورغم كمية السلاح المخزن والداخل إلى اليمن والسلاح الذي تم اغتنامُه من جنوب اليمن في حرب 94، وهو سلاح عائد للاتّحاد السوفياتي، وزهاء أكثر من عقد لم يكن هناك أية صناعة ذاتية من داخل البلاد، ولم يكن هناك من محاولة لإنشاء مصنع أسلحة أَو أكثر، كذلك لم تظهر أية مبادرات من قبل شخص الرئيس أَو شخصية أُخرى حاكمة تحُضُّ على صناعة الأسلحة والاعتماد على العقول المحلية في هذا الشأن، إلى حَــدٍّ مؤسف، كانت تذهب خزائن الدولة وأموال الشعب إلى حضن موازنات كبيرة؛ لشراء أسلحة بسيطة بمبالغَ طائلة من دول أُخرى، وكانت عملية التهريب من وإلى اليمن تنشط في تلك الفترة التي عُدَّت على أنها فترة أمن وأمان، تهريب ماذا وإدخَال ماذا؟، لا شك تهريب سلاح وإدخَال سلاح يتقاتل به أبناء الوطن الواحد ومشايخ القبائل فيما بينهم.

في فترات متقطعة من التاريخ اليمني، حكم فيها رؤساء كثيرين لم تظهر أيٌّ من الصناعات العسكرية والأمنية في اليمن، وليس فقط في فترة الخائن عفاش، أي أن في فترة حكم كُـلّ رئيس على حده لم يتم ضبط المصنع والمحافظة على الأمن عن طريق الآلة خُصُوصاً في ظل عدم الالتزامات القانونية لدى المواطنين وكبار رجال الدولة الذين شاركوا في انقلابات، لذلك يذكر التاريخ أن مصير كُـلّ هؤلاء الرؤساء كان القتل، كان مصيراً متشابهاً؛ لأَنَّ الجبهة الأمنية في حكمهم كانت مخترقة جِـدًّا.

كانت أطول فترة حكم من نصيب الخائن عفاش، لم يستطع فيها الرجل ودولته المريضة أن يصنع حتى بندقية كلاشنكوف أَو إطار واحد لإحدى طقوم الحرس الخاص التابعة له، كُـلّ ذلك وفي حال عدم وجود حرب كونية كالتي تحدث الآن على اليمن، وفي حال زمني زهاء ثلاثة وثلاثين عاماً، أي فترة زمنية كبيرة جِـدًّا.

حَـاليًّا الأمر مختلف ” ويرفع الرأس ” بحسب لسان أغلب اليمنيين، ثورة صناعية عسكرية تحقّقت، وواقع متغير، وهذا كله، في ظل حرب كونية شاركت فيها أكبر دول العالم ضد اليمن، وخلال ست سنوات فقط، الأمر تغير فعلاً وفي كُـلّ المجالات.

في التاريخ القديم كان أشهر أسلحة المواجهة وفخر الصناعات القوية تحدثه حضارتان، الحضارة اليمنية والحضارة الفارسية، اشتهرت اليمنُ بصناعة بالسيوف كالسيف اليماني والصمصام وكذلك الرماح كاليزني والتبعي والدروع الواقية منها والخوذات العسكرية التي توضع على الرأس، ليس من شك في حضارة ومجد هذه البلاد، وليس من شك ثان في عودة هذا المجد إذَا كان في الزمن رجل أرفع من الزمن نفسه، أقصد سيدي ومولاي السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

تقريبًا، اكتمل الخط الثالث من نتاج التصنيع والتطور العسكري والنصر المعنوي المحقّق، تباعاً تحقّقت الثورة العسكرية المصنعة والمنتجة على ثلاثة أصعدة هي قوة المدى والسرعة في الرد والبسط الأمني، وظهرت في خط ذلك أسلحة مناسبة وقوية وجدا متطورة.

هناك من لا يعقل أبداً أن الحربَ هي أَيْـضاً صداماً دائماً هي مع المدسوسين والشرائح التخريبية وخلايا الإجرام، إن الأخطر من حرب العدوان في الجبهات هي الخلايا التي تنتهز الفرصة لتحقيق أي خرق أَو عمل إجرامي وتخريبي، حدث ذلك عند اغتيال الشهيد السيد إبراهيم الحوثي والشهيد السيد حسن زيد وزير الرياضة، وحدث ذلك في مظاهرات الجياع في صنعاء وحدث ذلك في أحداث الشهيد عبدالله الأغبري وفي حرب المخدرات.

إننا في زمنِ حرب جاسوسية وخطيرة، نتواجهُ فيها مع دول استخباراتها أطول منها عمرا، وممالك أسستها استخبارات أجنبية، كالسعودية وكـدويلة الإمارات على وجه التحديد.

في تموز يوليو لعام 2009 م، منحت المملكة السعودية (أي. أيه. دي. إس) مبلغ 3.5 يورو بحسب صحيفة الرياض وكتاب بشير بكر عن “القاعدة في اليمن والسعودية” لبناء سور مزود بمواقع مراقبة وكاميرات تطلع استشعارية للمواقع الحدودية بين المملكة السعودية واليمن، كُـلّ ذلك كان لغرض عدم عودة عناصر القاعدة السعوديين الذين عادوا من غوانتانامو وتجندوا في اليمن، هذه العناصر التي ذكرت المملكة السعودية أنها بنت السور الحدودي لأجل عودتهم هم من أبرز قادة الفكر إلى المذهب الوهَّـابي ومتطرفيه، بالإضافة إلى أن السعودية وقادتها هم أول من شجعوا هذه العناصر وقاموا باحتوائها لأغراض منها تدمير أمن اليمن وإقامة اعمال تخريبية وإرهابية، ولكن السعودية وصحفها تقوم بمغالطة الواقع والتاريخ بشكل غبي جِـدًّا.

في العام نفسه، عام 2009 م في عهد عفاش وبقيادة وزير الداخلية اليمنية بقيادة القوسي في الوقت آنذاك ووزير داخلية السعودية نشأت اتّفاقية أمنية للحفاظ على المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية بإشرافٍ سعودي، بينما كان وسط اليمن وأطرافه في حال أمني وتخريبي يرثى له، بل إن مناطقَ كمارب وشبوة والبيضاء أطلق عليها مثلث الشر.

سعوديو القاعدة في اليمن يقومون بوظائفَ عدة، منها القتال في صفوف متشابيههم من الإرهابيين كالإخوان وداعش الوجه الآخر لهم، وكذلك إدخَال المخدرات والمواد المتفجرة إلى اليمن، بالإضافةِ إلى صنعِ الاغتيالات، وقد كشفت معركة تحرير البيضاء عن أسماء سعودية قيادية وقعوا في أيدي الجيش واللجان الشعبيّة.

ما زال دور السعودية في عدوانها التاريخي والمتواصل على اليمن هو ذلك الدور التخريبي والطامح لإضعاف الجبهة الداخلية واستهداف البلاد أمنيًّا، بينما هذه المرة يكون طرف الإخوان وطرف القاعدة وداعش وسماسرة تجار المخدرات وطرف السلفيين هم المنشأ الانبعاثي والهجومي التي تريد السعودية من خلاله تنفيذ مخطّطات سعودية إرهابية لنسف جبهتنا الداخلية.

مرة كتبت منشورا في فيسبوك عن الانفلات الأمني الحاصل في مناطق سيطرة العدوان، أخذ أحدهم يعلق عن منشوري بحماسة هكذا “لو كان أنصار الله هنا لم حدث كُـلّ هذا الانفلات الأمني ولما فكّر القتلة بالقتل أصلاً”، الحقيقُة هنا ملتمسة ومن واقع مجرب، وهي قوية من مواطن يعيش هناك، ومفادها كبير، ونتيجتها جاءت به حكومة صنعاء ووزارة الداخلية من واقع مجرب أَيْـضاً.

إن الأمن والاستقرار الحاصل في مناطق سيطرتنا كفيل بقلب دفَّتَي الحرب وبوضع معادلة نهائية لكل المتربصين، بينما ينطلق الصاروخ اليمني من مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة، فَـإنَّ هذه المناطق يضمن لها أنها لن ترد الضربة البالستية بأُخرى كرد عدواني، وبينما ينتصر الجيش واللجان الشعبيّة في جبهات عدة مندفعون من مناطق سيطرتهم، فَـإنَّه يضمن لهذه المناطق عدم الرد ومساعدة المنهزمين هناك ولو بمظاهرة أَو جريمة قتل أَو اغتيال.

إنني، بقدر ما اجنح للمقارنة في أية لحظة ما تمر علي، والمقارنة قد لا تصح في أوقات، بقدر ما يطير بي شيء ما خفي، الحق، نعم، الحقيقَة، بالطبع أَيْـضاً، كلاهما، صحيح لديهم أسلحة متطورة جِـدًّا ولديهم إمْكَانات ضخمة وأسلحة ذكية وإلى آخر هذا الاستعراض الشبيه باستعراض الفيلة الثقيلين في حفل سرك، لكن هذه الأسلحة مهما تعاظمت في أيدي الأعداء فَـإنَّها ليست شيئا أمامنا، بل إن حالة ما تبدو نفسية تجعلنا لا نخاف أسلحتهم بل نقدم عليها بكل غضب وكره، لوحده منظر اصطفاف العربات الأمنية وتفعيلها ولوحدها الصواريخ التي أشعلت مصافي النفط وهزت مدنهم الزجاجية جعلت الفارق كبير جِـدًّا في حال أية مقارنة، الفارق بين الحق العظيم والباطل المهترئ كورقة.

أخيرًا، مَن ليس الحق في صفه في أية حرب لن ينتصر، ومن لا يستطيع خوضَ حرب حقيقية لن تكون له ذكرى، ونحن كانت لنا ذكرى تاريخية عظيمة في ظل هذا العدوان، وهي أننا واجهنا وصبرنا وصنعنا ومن ثم انتصرنا.

You might also like