المملكة تقدّم “المهرة” هديةَ وداع لـ “ترامب” وعربونَ تحالف مع “بايدن”
لم تكن زيارة السفير الأمريكي لدى اليمن، كريستوفر هينزل، إلى محافظة المهرة اليمنية، الأسبوع الماضي، للسياحة أو الترفيه، أو ضمن بروتوكولات العلاقات الثنائية بين اليمن والولايات المتحدة، ولم تكن الزيارة مموَّهة كالعادة بشعارات إنسانية وتنموية،
بل كانت أغراضها واضحة وجليّة إلى درجة التهكم والتبجح، فالمهرة هدف لقوى عالمية كبرى تستخدم لتحقيقه قوى إقليمية، وتحديداً السعودية، التي دعت السفير الأمريكي لزيارة المهرة واستقبلته قواتها المنتشرة في مساحة كبيرة من جغرافية المحافظة خصوصاً المواقع الاستراتيجية والمنافذ البرية وعلى امتداد السواحل.
يبدو أن السعودية تجاوزت حدود أطماعها في احتلال محافظة المهرة اليمنية، ومدّ أنبوب نفطها- الحلم الذي طالما سعت لتحويله إلى واقع- عبر أراضي المهرة إلى بحر العرب لتأمين صادراتها النفطية المهددة بمنع عبورها من مضيق هرمز في حال اتخذت إيران هذا القرار كونها المتحكمة في المضيق، أو مساعيها المتواصلة للسيطرة على المنافذ البرية الحدودية مع سلطنة عُمان، كون تلك المنافذ تشكل عمقاً استراتيجياً أمنياً للسلطنة، حيث تحاول السعودية وضعها في مهب الأطماع وزعزعة الأمن والاستقرار فيها، وسبق أن كوتها المملكة بنيرانها منذ عقود من الزمن واقتطعت مساحات من أراضيها، ويرى مراقبون أن السعودية تجاوزت هذه الأطماع أو بمعنى أدق وسعت دائرتها لتشمل منح قوى أخرى نصيباً مما تعتبرها المملكة كعكة قابلة للتوزيع أو التقاسم، تمثل ذلك في استقبال قواتها السفير الأمريكي منذ نحو أسبوع لمناقشة استقدام قوات أمريكية إلى المهرة.
مصادر متطابقة كشفت أن زيارة السفير الأمريكي إلى محافظة المهرة برعاية ودعوة سعودية، كانت زيارة استطلاعية يمهد من خلالها لاستقدام المئات من قوات بلاده إلى المحافظة اليمنية التي تحكم السعودية سيطرتها على مطارها وسواحلها ومنافذها البرية، وهو الأمر الذي ترتب لتنفيذه الإدارة الأمريكية قريباً بالتنسيق مع القوات السعودية التي تحتل أجزاء من المهرة، حسب المصادر.
المصادر نفسها كشفت أن وزارة الدفاع الأمريكية تستعد لنقل قواتها المتبقية في الصومال إلى سواحل محافظة المهرة اليمنية، خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما ورد ضمنياً في بيان للبنتاجون بشأن نقل القوات الأمريكية المتواجدة في الصومال، حيث ألمح البيان إلى أن جزءاً من تلك القوات ستبقى في الصومال تمهيداً لنقلها إلى دول مجاورة، الأمر الذي يفسر تحركات السفير الأمريكي الأخيرة في محافظة المهرة.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أبقت حوالي 700 جندي من قواتها التي تم نقلها من الصومال، وهي القوة التي تجهز البنتاجون نقلها إلى سواحل اليمن الشرقية في محافظة المهرة، حسب الاتفاق والترتيبات التي تمت مع الجانب السعودي الذي ينشر قواته في المحافظة، وكانت المملكة قد بدأت حملة تضليلية لشرعنة نشر قواتها في محافظة المهرة وهي أنها ستتصدى لمجاميع من تنظيم القاعدة تم تسريبهم وتوطينهم في المحافظة، بالإضافة إلى زعمها أن قواتها ستتكفل بمحاربة عمليات التهريب من المنافذ لوقف تهريب الأسلحة للحوثيين، رغم أن مسئولين أمنيين رفيعين من أبناء المهرة أكدوا أنه لا وجود على الإطلاق لأي عمليات تهريب.
ويرى مراقبون أن السعودية ربما تحاول منح القوات الأمريكية موطئ قدم في محافظة المهرة كهدية توديعية لإدارة الرئيس الأمريكي ترامب الذي خسر الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وقد تكون هذه الهدية أيضاً عربون تحالف مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد المنتخب جو بايدن، الذي قد يكون له طرق مختلفة عن سابقه في استغلال السعودية وحلبها المزيد من الأموال والصفقات.
YNP – إبراهيم القانص :