بن سلمان يعاقب الشعب السعودي بمواصلة الحرب على اليمن
السعودية التي تقود تحالف الحرب على اليمن منذ نحو ست سنوات، صارت في مواجهة مأزق حقيقي، فإما أن تواصل حربها العسكرية من دون طائل، وبالتالي تغطية الإنفاق عليها عبر مواصلة الاستدانة وتحميل المواطنين السعوديين المزيد من الأعباء الضريبية… وتقليص التقديمات الاجتماعية.. وهذا الخيار يقود إلى مزيد من الغرق في المستنقع.
وبالتالي زيادة حدة الأزمة الاقتصادية والمالية مما قد يؤدي إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي. أو أن تتخذ قرار وقف الحرب والاعتراف بالفشل والهزيمة في تحقيق أهدافها والذهاب إلى القبول بالحل السياسي الذي يقرّ بحق الشعب اليمني في تقرير مصيره بعيداً عن التدخلات الخارجية، وبالتالي خروج المملكة من الحفرة التي غرقت فيها بدلاً من الاستمرار في الغرق فيها ومواجهة خطر تفجر أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية , وفق ما قاله خبراء ومحللون دوليون.
وفشلت السعودية في تحقيق هدف إخضاع اليمن لهيمنتها وسيطرتها واستمرار وصايتها، لكن هذا الفشل نجح في استنزاف القدرات العسكرية والمالية للمملكة، وبات واضحا أن استمرار العدوان على اليمن قد كلف السعودية التي تقود عملياته مليارات الدولارات التي كان يجب انفاقها في إصلاحات حقيقية لأوضاع اقتصادية بدأت في الاهتزاز والتراجعات.
وأظهرت تقارير سعودية رسمية، أن اقتصاد المملكة انكمش 4.2 بالمائة في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، نتيجة تراجع أسعار النفط وتأثيرات فيروس كورونا.
وعدلت وكالة فيتش، قبل اسبوعين، نظرتها المستقبلية للاقتصاد السعودي، وعزت ذلك إلى ضعف الأوضاع المالية والميزان الخارجي للمملكة؛ مؤكدة أن المملكة ستشهد زيادة في عجز الميزانية يصل إلى 12.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية العام الجاري مقابل 4.5 بالمائة في 2019، على إثر تراجع عائدات النفط بمقدار 33 بالمائة، وانخفاض العائدات غير النفطية بنحو 5 بالمائة.
وتوقعت “فيتش” انخفاض صافي الأصول الأجنبية للمملكة إلى 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022م مقابل 72 بالمائة في 2019-2020، بسبب توسيع الديون والسحب من الاحتياطيات.
وبسبب الخسائر المتراكمة لجأت الحكومة السعودية خلال شهر يوليو الماضي إلى رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 3 أمثالها لتصبح 15 بالمائة لدعم خزائن الدولة، وتعويض تراجع عائدات النفط، في محاولة لكبح التعافي الاقتصادي.
وكان الاقتصاد السعودي انكمش بنحو 7 بالمائة في نهاية النصف الأول من العام الجاري، في مؤشر على مدى عمق خسائر الخزينة السعودية جراء تراجع أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا.
وكشفت مؤسسة «آي اتش أس ماركت» العالمية للأبحاث أن السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم لم تخرج من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت المؤسسة، في تقرير لها مؤخراً، أن التوظيف في القطاع الخاص السعودي تراجع بأسرع وتيرة له منذ عام 2009 وأن السعودية عادت إلى الوراء وباتت تواجه أسوأ انكماش اقتصادي تشهده منذ عقدين… وكانت “ماركت” قد ذكرت في فترة سابقة، أنّ مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس الماضي. ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أنّ ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.
وأعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني العالمية، أنها كانت قد خفضت في الأول من مايو الماضي، النظرة المستقبلية للسعودية من “مستقرة” إلى “سلبية”، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.
وكان ولي العهد محمد بن سلمان قدم اعترافات في وقت سابق، بأن الإيرادات النفطية لبلاده انخفضت فعلياً إلى 410 مليارات ريال وهي غير كافية لتغطية بند الرواتب في ميزانية هذا العام والمقدّر بنحو 504 مليارات ريال، مشيراً في رسالة بعث بها إلى الملك سلمان، إلى أن هناك صعوبة في تمويل البنود الأخرى والتي تشمل الإنفاق الرأسمالي، والمنافع الاجتماعية، والتشغيل والصيانة.. ما يعني ركوداً اقتصادياً وخسارة ملايين الوظائف.. ولمواجهة هذا العجز المالي، يرى ابن سلمان، تخفيض الرواتب بما يزيد عن 30 بالمائة وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل”.
وإذا كانت عوامل، الركود الاقتصادي وانتشار وباء كورونا وتراجع أسعار النفط لعبت دوراً في تفاقم العجز، إلا أنّ هناك شبه إجماع لدى المراقبين والخبراء والمحللين، بأنّ العامل الأساسي إنما يكمن في التكاليف الباهظة للحرب على اليمن، التي تقدّر بمئات مليارات الدولارات.
وتمضي السعودية في شراء مواقف الدول لضمان استمرار دعمها للحرب على اليمن، والتزام الصمت إزاء المجازر الوحشية ضدّ اليمنيين.