تركيا تعجّل معركتها مع السعودية إلى اليمن
تدنو السواحل اليمنية، الممتدة لأكثر من 2500 كم مربع، من أن تصبح ساحة معركة دولية أو على الاقل بالوكالة، فهذه السواحل التي تمتد من اقصى الشمال الغربي على حدود السعودية وصولا إلى اقصى الشرق على الحدود مع سلطنة عمان، تتميز بتنوع جيولوجي واقتصادي على خط الملاحة الدولية بحكم اطلالتها على ثاني اهم الممرات الدولية في باب المندب ، ناهيك عن امتلاكها عشرات الجزر المترامية الاطراف في البحر الاحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي وجميعها ذات تنوع بيئي وميزات سياحية.
كانت هذه السواحل وعلى مدى العقود الماضية من عمر الدولة اليمنية، مهملة أو بالأحرى تعمد تركها مرتعا لرعاة التهريب وتجار الرقيق والمخدرات، وما تبقى من موانئ نشطة على سواحلها تكفلت الامارات بإعاقتها عبر اتفاقيات لعقود في ميناء عدن.
اليوم ومع بدء الصين اعادة رسم خارطة الملاحة حول العالم، وبروز السواحل اليمنية كاهم نقاط تجارية واعدة كما يقول وزير الاقتصاد السنغافوري، تتداعى الدول الاقليمية للاستحواذ عليها.. فشنت السعودية والامارات حربا ضروس على هذا البلد المثقل بالجوع والفقر رغم ثرواته الخامدة في باطن الارض، وخلال سنوات من ادعائها “اعادة الشرعية” في محاولة لتضليل اليمنيين كشرت هذه الدول عن انيابها بترك اليمنيين ممزقين مناطقيا ومذهبيا وطائفيا في الوقت الذي شرعت فيه بترتيب وضعها الجديد عبر الاستيلاء على ابرز موارده الساحلية. فالسعودية التي تريد ابقاء الملاحة في البحر الاحمر تحت هيمنتها لا تمانع مشاطرة هذا النفوذ مع دول كالولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل، لكنها رغم ذلك ترفض ان يكون لليمن الجار اي وجود على هذه الخارطة وحتى لا يتمكن هذا البلد المدمر من التقاط انفاسه بمزايا سواحله للعودة إلى الواجهة تعمل حاليا بكل جهد على عسكرة سواحله عبر نشر القواعد العسكرية في جزره .. الإمارات هي ايضا تطمح للتواجد وقد نشرت قواعد من باب المندب وخليج عدن وصولا إلى بحر العرب والمحيط الهندي. هي لا تطمح للاستفادة من هذه السواحل وتنميتها ولو بمنح القليل من عائداتها للمواطنين بل لتدميرها وعسكرتها وتحويل سير خطوط الملاحة نحو نقاط أخرى تتبع شركتها العابرة للقارات “موانئ دبي” وهذا ما تؤكده تقارير دولية.. هذه المساعي الاقليمية لدفن اليمن حيا من شانها تغيير خارطة التوازنات الدولية في اهم منطقة حساسة حول العالم وظلت منذ قرون محل صراعات دولية ، وهذه الاختلالات من شأنها ايضا جر البلاد برمتها إلى حروب دولية بدأت مؤشرات تلوح بالأفق بالفعل مع ايفاد اسرائيل خبراء لنشر قواعد اسناد للتحالف السعودي – الاماراتي في مواجهة من تصفهم بـالتدخلات التركية- الايرانية، لكن هذه الصراعات الاقليمية ليست سوى مقدمة لحرب كبرى بدأت اطراف كتركيا دق طبولها مع اعلانها ارسال فرقاطة إلى خليج عدن مستغلة ترأسها لبعثة القوات الدولية المشتركة المكلفة بمكافحة القرصنة للتحرك عند السواحل اليمنية لدعم الفصائل الموالية لها على الارض وتحديد قوات الاصلاح الذي يتعرض لضغوط سعودية- اماراتية تنذر بإزاحته من المشهد، غير أن التحرك التركي والذي كان سببا لتدخلات دولية كروسيا والولايات المتحدة في سوريا وليبيا، قد يجر خلفه هذه المرة مكرة الصراع الدولي إلى اليمن خصوصا وأن روسيا لا تزال تعاني من هزيمته في سوق النفط من قبل السعودية وتريد الثأر وما تكفى وسائل اعلامها عن تداول المقطع المؤذي لمشاعر ولي العهد السعودي عندما نهره الرئيس بوتن بحثه على العودة لـ”حلب الابل”.
الصراع بين السعودية بمعية الامارات مع تركيا قد لا يكون ذات طبيعة استراتيجية أو عسكرية واقتصادية، بل يمتد إلى صراع ايدلوجي في إطار السباق على قيادة العالم السني وفق خارطة تقسيم الشرق الاوسط.