كل ما يجري من حولك

عبدالباري عطوان: إمبراطوريّة الشّر الأمريكيّة ستنهار حتماً.. وهذه أهم دلالاته

1٬399

 

متابعات..|

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة رأي اليوم الصادرة في لندن عبد الباري عطوان أن العقوبات على إيران تثير السخرية لدى المراقبين.

وقال عطوان في مطلع تعليقه على الحظر الذي فرضته وزارة الخزانة الأمريكية يوم “الخميس” على إيران: بعد فرض وزارة الخِزانة الأمريكيّة عُقوبات قبل يومين على بحاري النّاقلات الإيرانيّة الخمس التي نقلت حواليّ مِليون ونِصف المِليون برميل من البنزين ومشتقّات النّفط الأُخرى إلى فنزويلا، ها هِي الوزارة نفسها تفرض اليوم موجةً جديدةً من العُقوبات على ثماني شركات للحديد والصّلب والمعادن الأُخرى في إيران.

وأردف قائلا: لا جديد على الإطلاق في فرض هذه العُقوبات التي باتت موضع سخرية مُعظم المُراقبين، إن لم يكن كلّهم، فلم تبق شركة أَو شخصيّة في إيران إلا ما ندَر لم يتم وضعها على لائِحتها، ابتداءً من السيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى، وانتهاء بالسيّد محمد جواد ظريف وزير الخارجيّة، ومع ذلك استطاعت السّلطات الإيرانيّة أن تُوَظِّف هذه العُقوبات لمصلحتها، من حيثُ تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات الصّناعة والأغذية والتّسليح، وتقليص الاستيراد إلى حُدودها الدّنيا.

وتطرق عطوان إلى تأثير الحظر على إيران وقارن بين الوضع الذي تعيشه إيران وخصومها قائلا: إذَا كان البعض يُحاجِج بأنّ هذه العُقوبات خلقت أزمات معيشيّة في إيران، وخفّضت من قيمة العُملة الإيرانيّة إلى حُدودٍ دنيا، وهذا صحيحٌ ولا جِدال فيه، فإنّ مُعظم خُصوم إيران يعيشون أزمات أَيْـضاً ربّما تتفاقم وتتطوّر في المُستقبل المنظور إلى أزماتٍ أكثر خُطورةً، في ظِل تدهور أسعار النّفط والغاز، وتورّطهم في حُروبٍ لم يتعوّدوا على خوضها، وشُعوب لم يُطلِق بعضها رصاصةً واحدةً، وباتت خزائنهم وودائعهم تُستَنزف، ولن تكون قادرةً على الاستمرار في تمويلها، مثلما هو الحال في سورية وليبيا واليمن، علاوةً على الحَرب على الإرهاب التي باتت على وشك الانفجار مجدّدًا في ظِل المُؤامرات واتّساع دوائر الفوضى والدّول الفاشِلَة.

واستشهد على رأيه بالوضع في أفغانستان، وقال: عندما شدّدنا الرّحال إلى أفغانستان أواخِر عام 1996 للقاء زعيم تنظيم القاعدة الرّاحل أسامة بن لادن، كانت البِلاد تعيش حالةً من الفوضى في بداية حُكم حركة طالبان، وتخضع لحِصارٍ أمريكيٍّ أُورُوبيٍّ خانقٍ أَدَّى إلى انهيار العُملة المحليّة وفُقدانها لقيمتها، وكنت تحتاج إلى عربة من اللّيرات مُقابل الدولار حتى أنّه جرى وقف التّعامل بها، واللّجوء إلى نظام المُبادلة والمُقايضة، أي دجاجة مُقابل كيلو من السكّر على سبيل المِثال في الأسواق والبقالات، وها هي حركة طالبان تتعافى من آثار الغزو الأمريكي، وتُسيطِر على ثُلثيّ الأراضي الأفغانيّة، وترفض الاستجداءات الأمريكيّة للانسحاب الآمِن مِن البِلاد، وتقديم بعض التّنازلات الشكليّة في المُقابل، بعد أن زادت الخسائر الأمريكيّة عن تِرليونيّ دولار، وأكثر مِن أربعة آلاف قتيل والحسّابة تحسب.

وتابع قائلا: ما هو الضّرر الذي يُمكِن أن تُلحِقه العُقوبات الأمريكيّة ب(اية الله) السيّد خامنئي الذي لم يُغادر طِهران مُنذ ثلاثين عامًا؟ ولا يُوجد له دولارًا واحِدًا في أي حِساب آلي داخِل إيران أَو خارجها؟ وما هي الخسائر التي يُمكِن أن يتكَبّدها السيّد محمد جواد ظريف الذي زادت العُقوبات مِن ابتِسامته اتّساعًا؟ وألَم تزداد قوّة “حزب الله” وتتضاعف وباتت قوّةً تُرعِب دولة الاحتلال؟

العُقوبات الأمريكيّة جعلت من إيران قوّةً عسكريّةً إقليميّةً عُظمى، تملك ترسانةً من الأسلحة ذاتيّة الصّنع تزدحم بالصّواريخ الدّقيقة، والغوّاصات الحديثة، وإرادَة الرّدع الانتقامي، الأمر الذي جعل مِن الإدارة الأمريكيّة “تَجْبُن” عن اعتراض سُفنها التي حملت البنزين إلى فنزويلا، ولعلّ ما كشَفته دراسة منسوبة إلى مركز بيغن للسّلام في تل أبيب تُؤكّـد أنّ الرّد الانتقامي الإيراني لاغتِيال اللواء قاسم سليماني على قاعدة عين الأسد غرب العراق فاجَأ الأمريكيين لدقّته، وتدمير مركز عصب القاعِدة الإلكتروني ممّا جعل طائرات مُسيّرة تُحَلِّق لساعاتٍ في الأجواء العِراقيّة دون هدى لعدم قُدرتها على التحكّم فيها، ثمّ ما هو حال الشّعوب والحُكومات العربيّة التي سارت في الرّكب الأمريكيّ والإسرائيليّ تَجنُّبًا للحِصار والعُقوبات؟

ولماذا نذهب بعيدًا، فها هو قِطاع غزّة المُحاصر مُنذ أكثر مِن 10 سنوات تُبدِع عُقوله في تطوير ترسانة من الصّواريخ جعلت من دولة الاحتلال تتردّد ألف مرّة قبل شنّ أي عُدوان عليه لأنّها تُدرِك جيِّدًا أنّ مُعظم مُستوطناتها ومُستوطنيها سيعيشون في الملاجِئ تحت الأرض لعدّة أَيَّـام وربّما أسابيع.

العُقوبات الأمريكيّة باتت تفقد قيمتها ومفعولها، وتتحوّل إلى نقمةٍ على أصحابها، وتُعطِي نتائج عكسيّةً تماماً، ولا نَستبعِد أن يأتي اليوم الذي يتمنّاها الكثيرون بل ويسعون إليها، إذَا كانت ستُحوّلهم إلى قوّةٍ عُظمى تُطلِق أقمارًا صناعيّةً، وعلى وشك امتِلاك القُدرة على إنتاج أسلحة نوويّة، ويترحّمون في المُستقبل على أيّامها، التي تعني الكرامة وعزة النفس والصمود، بعد أن تُصبِح تاريخًا بعد انهيار امبراطوريّة الشّر الأمريكيّة، وهي ستنهار حتمًا وقريبًا بإذن الله.. والأيّام بيننا.

You might also like