كل ما يجري من حولك

محمد بن سلمان.. العرش بين “بلاك ووتر” وترامب

محمد بن سلمان.. العرش بين “بلاك ووتر” وترامب

668

متابعات:

لا يمكن بحث الحياة السياسية في السعودية دون ربطها بالولايات المتحدة، فهي لا يمكن ان تخرج عن سياق العلاقة المبنية على قاعدة الحماية مقابل النفط التي ارستها اتفاقية “كوينسي” بين الملك عبد العزيز والرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت عام 1945.

حينها كان روزفلت عائدا من مؤتمر يالطا الذي تقاسم فيه غنائم الحرب العالمية الثانية مع السوفييت والبريطانيين، وبعث للملك عبد العزيز يقترح عليه اللقاء على متن السفينة الحربية الاميركية “يو اس اس كوينسي” لتوقيع الاتفاقية.

طريقة استدعاء عبد العزيز وتوقيع الاتفاقية تكشف طبيعة العلاقة بين (القوة) اي واشنطن و(النفط) اي الرياض والتي لم تتغير حتى اللحظة.

بعد 75 عاما ما زالت طبيعة هذه العلاقة كما هي. لكنها اكتسبت ابعادا جديدة ومختلفة تثير التساؤلات من جهة شخصية الطرفين وطبيعة الحماية التي اقرتها اتفاقية كوينسي، مع وجود اسمين في هذه العلاقة حاليا هما دونالد ترامب ومحمد بن سلمان يضاف اليهما اسم “بلاك ووتر”.

في كانون الثاني يناير عام 2017 تولى دونالد ترامب اليميني المثير للجدل على اكثر من صعيد منصب رئيس الولايات المتحدة. بعد اقل من شهرين فقط زار محمد بن سلمان الذي كان وليا لولي العهد حينها (وهو منصب استحدث لاجله) زار الولايات المتحدة والتقى ترامب في البيت الابيض. هذه الزيارة اسست لعلاقة مبنية على روحية اتفاقية كوينسي لكن بقواعد جديدة. كان بن سلمان قد صمم على الوصول الى العرش بأي طريقة ممكنة، ووجد في ترامب السبيل الافضل لتحقيق هدفه.

تقول التقارير ان بن سلمان ناقش مع ترامب في زيارة اذار مارس هدفه للوصول الى العرش واتفقا على دعمه لتحقيق هذا الهدف مقابل المليارات التي حصل عليها ترامب في زيارته الى الرياض.

بعد الزيارة بشهرين قام ترامب بأول زيارة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة وكانت الى السعودية في ايار مايو من نفس العام. كان بن سلمان المستفيد الاول من هذه الزيارة التي قربته من صهر ترامب ومستشاره والذي سيلعب دورا اساسيا في التقريب بين السعودية والكيان الاسرائيلي فيما بعد جاريد كوشنير.

بعد اثني عشر يوما فقطمن زيارة ترامب، بدأ بن سلمان تنفيذ خطته لتحقيق هدفه حيث اجبر ولي العهد حينها الامير محمد بن نايف على التنحي ومبايعة الامير الشاب وليا للعهد. وبعد خمسة اشهر بدأ المرحلة الثانية من خطته باعتقال عشرات الامراء ورجال الاعمال والمسؤولين بذريعة محاربة الفساد والتي كانت حقيقة لتحييد كل من يقف عثرة داخل العائلة الحاكمة في طريقه نحو العرش.

ولان بن سلمان يعرف جيدا انه يخلق عداوات كثيرة داخل العائلة الحاكم بسبب سياساته وتلهفه للعرش بأي ثمن، وجد انه لا يمكنه الوثوق بالقوات الامنية والحراسات السعودية. فاتجه الى حليفه الاميركي. تؤكد التقارير ان بن سلمان استخدم شركات اميركية استشارية واقام لها مكاتب في قصوره لتكون حاضرة في اي لحظة يحتاج فيها على مشورة. لكن الاخطر كان توجهه لانشاء جيش رديف او “جيش ظل” لحمايته وتنفيذ اوامره. فكانت شركة “بلاك ووتر” المشبوهة هي الخيار الافضل.

بلاك ووتر اسسها “اريك برنس” صاحب التاريخ الاسود في العراق هو وشركته والمتهم بارتكاب جرائم حرب. والملفت انه شقيق وزيرة التعليم في ادارة دونالد ترامب “بيتسي ديفوس”. نفذت بلاك ووتر التي تحول اسمها الى “اكاديمي” اوامر بن سلمان في اكثر من مناسبة ابرزها اعتقال الامراء وتعذيبهم في فندق الريتز. كما تشير تقارير ومصادر الى ان عناصر بلاك ووتر هم الذين قتلوا “عبد العزيز الفغم” الحارس الشخصي للملك سلمان بن عبد العزيز في ايلول سبتمبر العام الماضي.

لم يكن اعتقال الامراء احمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف ونواف بن نايف واخرين قبل امس خارج سياق هذه الخطة، وربما تكون المرحلة الاخيرة قبل اعلان بن سلمان نفسه ملكا. ولهذه الخطوة في هذا التوقيت مؤشرات ابرزها ان احمد بن عبد العزيز هو الاصلح قانونا والابرز داخل العائلة الحاكمة. كما ان محمد بن نايف الذي كان يوما ما الرجل الاقوى في المملكة كان المفضل لدى الاميركيين في عهد باراك اوباما.

وقد يكون بن سلمان ادرك ان عليه مسابقة الوقت وتوجيه ضربته الاخيرة قبل حصول تغير غير سار في السياسية الاميركية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل يخرج ترامب من البيت الابيض ويفسح المجال امام الديمقراطيين لتصفية حساباتهم مع بن سلمان ومنها مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وعليه يامل بن سلمان ان تجري خطته كما يتمنى وان يصل الى العرش حتى وان كان على حساب تغيير قواعد العلاقة مع واشنطن وترامب المثير للجدل. حيث تحول اساس العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة من الحماية العسكرية مقابل امدادات الطاقة الى الحماية من قبل “بلاك ووتر” مقابل المليارات المجانية. لكن السؤال المهم يبقى هل حيد بن سلمان كل معارضيه و منافسيه ام هناك مفاجأة قد تسيّر الامور بما لا يرغب ولي العهد؟

(العالم – حسين الموسوي)

You might also like