فلسفة ميزان الردع اليمني
فلسفة ميزان الردع اليمني
متابعات:
لا تخلو نظرية الردع اليمنية للعدوان الغاشم من ابعاد متعددة، فهي تنفذ عمليات لتوازن الردع مليئة بالدلالات الكاشفة على عمق الوعي بالصراع وابعاده.
في 14 من الشهر الجاري، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن الوزير ستيفن منوشين سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية لحضور اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية في الرياض في الفترة من 22 إلى 23 فبراير 2020.
ومن المعلوم ان الرياض تستضيف الاجتماع الافتتاحي لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين يوم 22 فبراير. في اجتماع يشهده الوزراء والمحافظون من دول مجموعة العشرين والبلدان المدعوة ، بالإضافة إلى رؤساء المنظمات الدولية والإقليمية.
وجدول اعمال الاجتماع هو مناقشة الوزراء والمسؤولون عن البنوك للآفاق الاقتصادية العالمية والاستجابات السياسية الممكنة لدعم النمو والوقاية من المخاطر السلبية.
وكذلك بحث أولويات رئاسة مجموعة العشرين السعودية تحت عنوان “تحقيق فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”.
وقبل هذا الاجتماع بساعات، نفّذت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع للقوات المسلحة المقاومة اليمنية “عملية توازن الردع الثالثة” في العمق السعودي، عبر 12 طائرة مسيّرة من نوع صماد3 وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذوالفقار الباليستي بعيد المدى.
ونشرت المقاومة بيانا ختمته بجملة كاشفة وهي: “نعد النظام السعودي بضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره على بلدنا”.
والدلالة هنا واضحة، حيث ان الرد على العدوان الهمجي الذي استهدف الابرياء والمدنيين بمجازر مروعة بعد الفشل في تحقيق اي مكاسب نوعية سيكون بمزيد من العمليات النوعية الاحترافية والتي تعكس شرف المقاومة وعدم انزلاقها لمستنقع الدم واستهداف العزل، بل انطلاقها من مبادئ ايمانية واخلاقية تستهدف المسلحين والمعتدين وتعمل على شل عوامل قوة العدوان وتحييدها.
وعملية ميزان الردع الثالث هي الأحدث في سلسلة من العمليات التي شهدت هجمات واسعة النطاق شنتها المقاومة على قطاع النفط السعودي.
وقد كان الهجوم الأول ، الردع 1 ، قد استهدف حقل شيبة العملاق للنفط في جنوب شرق المملكة العربية السعودية في 17 أغسطس.
والهجوم الثاني،الردع 2 في 14 سبتمبر واستهدف منشأتين نفطيتين استراتيجيتين في منطقتي بقيق والخريص بشرق السعودية.
وجاءت عملية الردع الثالثة لتؤكد مضي المقاومة قدما في سلسلة ممنهجة وليست عشوائية، وكاشفة لعمق وعيها بعامل القوة الوحيد للعدوان وهو النفط.
فهذا العدوان لا يمتلك قوة الحق ولا قوة الحرفية ولا الشجاعة ولا حتى الفكر او التخطيط، وانما يتحرك بمزيج من القوة الغاشمة المعتمدة على المال والاحقاد وضيق الافق، والاعتماد الاعمى على التبعية والانصياع للغرب، ويمضي في سلسلة التفريطات لأعلى اسقفها المتمثلة في التطبيع مع الصهاينة واستقبال حاخاماتهم وتوفير الغطاء للاحتلال ولتصفية قضايا الامة المركزية.
الكبر الذي افسد جميع المفاوضات والحقد الذي اغرى بمزيد من العدوان على المدنيين الابرياء، قابلته المقاومة بمزيد من الحرفية والعمليات النوعية الموجعة والنظيفة الخالية من دماء الابرياء، وسط صمت مخز وانحياز اممي وعدم اهتمام الا بمصالح الاستكبار العالمي في ادلب وليبيا، حيث يتباكون على نزوح في ادلب بهدف وقف عملية تحرير الاراضي السورية او تهديد لمصالح شركات النفط في ليبيا.
بينما اليمن المحاصر والمستهدف بالاسلحة المحرمة دوليا، يراد له ان يركع ويستسلم!
اثبت اليمنيون ثباتهم وصمودهم، واثبت تطورهم ان القادم اعظم وان مصالح الاستعمار ستكون مهددة بشكل مباشر، فهذه القوى الكبرى لا تهتم بالارواح، ولا بالسعودية ذاتها، فلو كانت الالاف من ارواح مواطني السعودية قد ازهقت بفعل الصواريخ او الطائرات المسيرة، لما اعتنوا بذلك، وانما المحرك لهم هو مصالحهم النفطية في السعودية والتي كشف اليمنيون عن وعيهم باستهدافها، لا بغرض التخريب وانما بغرض الردع.
كشفت المقاومة فلسفتها واتساق ممارساتها وخططها مع شعارها الواعي باطراف العدوان المتمثلة في امريكا و(اسرائيل) وذيولهم المتصدرين للواجهة.
ولا يخفى عن المتابع ان القوات المقاومة تكسب كل يوم ارض جديدة في معاركها مع المرتزقة والخونة، وسيسجل التاريخ الاحداث الراهنة ومعركة المقاومة والتحرير اليمنية، بأنها من اعظم ملاحم التاريخ في الصمود والثبات امام تحالف شيطاني يمتلك المال والسلاح والسياسة ولا يستطيع تحقيق انجاز على الارض، وهو صمود ملهم لكل مقاوم ومصداق لحتمية انتصار المقاومين وانما النصر صبر ساعة.
(إيهاب شوقي – كاتب مصري)