لعنة يمنية تصيب اقتصاد بني سعود بالانكماش .. قراءة في موازنة مملكة تتهاوى
لعنة يمنية تصيب اقتصاد بني سعود بالانكماش .. قراءة في موازنة مملكة تتهاوى
متابعات:
تواجه مملكة الرمال عدة مشاكل بفعل فشل النظام الحاكم وفساد رموزه وتخبط سياساته على كافة المستويات. ومن أبرز تلك المشاكل والعقبات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة خلال سنوات العدوان على اليمن، وما أنفقته السعودية من أموال خيالية على التسليح وشراء ولاءات المرتزقة والرشاوى الهائلة لشراء المواقف من دول العالم.
وتبحث السلطات عن أدوات ومصادر أخرى لتعظيم الإيرادات العامة، بعيداً عن المصادر التقليدية المتمثلة في النفط. فاللجوء إلى فرض الضرائب والرسوم على العمالة الوافدة كان أحد أهم الحلول لمحاولة سد العجز المتواصل في الميزانية، إضافة إلى رفع الدعم عن السلع والخدمات.
ومن أبرز شواهد تحديات الأزمة الاقتصادية للسعودية ما يعانيه اقتصادها من عجز متفاقم بالموازنة السنوية من جهة، وهروب الاستثمار الأجنبي من جهة أخرى.
يدعم ذلك حقيقة أن رأس المال الأجنبي لن يستثمر في مشاريع طويلة الأجل في بلد لا يعاني فقط من غياب الحريات السياسية والاقتصادية فقط، بل والاجتماعية كذلك.
عجز متفاقم
أضحت موازنة المملكة منذ خمس سنوات تقريبا تسجل عجزاً متزايداً بعد عقود من الفوائض النفطية الضخمة. موازنة السنة الجارية 2020 صدرت بنفقات متوقعة تصل إلى 272 مليار دولار، منها عجز متوقع بحدود 50 مليارا مقابل 35 مليارا في ميزانية العام 2019. ومع العجز الجديد يتوقع وصول مجموع العجز في موازنات المملكة منذ عام 2014 إلى نحو 435 مليار دولار.
ومع بقاء سعر برميل النفط بحدود 60 دولارا وضعف معدل النمو الاقتصادي وتكاليف التسليح والعدوان على اليمن، فإن على مملكة الرمال الاعتماد على مزيد من القروض وزيادة الضرائب ورفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات، إضافة إلى خصخصة شركات القطاع العام لسد العجز المتزايد في الموازنة وتمويل مشاريع البنية التحتية.
في هذا الإطار جرت أول عملية خصخصة شملت بيع 1,5 بالمائة من شركة أرامكو النفطية على شكل أسهم بعوائد تجاوزت 25 مليار دولار، لكنها اقتصرت على الاستثمارات المحلية فقط دون أي مشاركة أجنبية.
كما أن هذه العوائد على أهميتها لا تشكل سوى جزء يسير من الأموال اللازمة لصندوق الثروة السيادي الذي يتم من خلاله أيضا تمويل مشاريع «رؤية 2030».
تلك الرؤية الوهم والتي تبلغ ميزانيتها 2000 مليار دولار أطلقت في العام 2016 بدعوى تحديث المملكة ونقل اقتصادها من إدمان الاعتماد على النفط، إلى الاعتماد على مصادر دخل متعددة كالسياحة والصناعات التحويلية.
حتى الآن تمكن نظام بني سعود من سد قسم كبير من عجز موازنات المملكة عن طريق وسائل متعددة أبرزها فرض ضرائب ورسوم جديدة وكبيرة على العمالة الوافدة، إضافة إلى الاقتراض ومصادرة أموال أمراء وأثرياء.
اللجوء للاقتراض من الأسواق الدولية
سبب تفاقم عجز موازنة السعودية يكمن بشكل أساسي في عدوانها المباشر على اليمن والتكلفة الكبيرة المترتبة على عدوانها السافر، وتأتي ثانيا التوقعات بعدم حدوث تحسن ملحوظ في أسعار النفط خلال العام القادم، رغم القرار الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمتحالفون معها، ويقضي بإجراء خفض إضافي في الإنتاج النفطي بكمية تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا بداية من العام 2020، ليرتفع الخفض إلى 1.7 مليون برميل.
وكان الهدف من هذا القرار هو خفض المعروض النفطي في الأسواق العالمية، وبالتالي دفع أسعار النفط للأعلى، أو على الأقل الحفاظ على مستوياتها عند 65 دولارا للبرميل الواحد.
قبل أسابيع كشفت حكومة بني سعود أبرز مؤشرات موازنة العام 2020، وكان من أبرز هذه المؤشرات ارتفاع العجز المالي، وتراجع احتياطات الحكومة المالية، وزيادة الإنفاق العسكري.
وتوقعت السعودية تراجع إيراداتها المالية في 2020 بنسبة 9? لتصل إلى 222.13 مليار دولار مقارنة مع إيرادات تبلغ 244.54 مليار دولار في 2019.
وتراجع الإيرادات أمر منطقي وله ما يبرره، وهو هبوط الإيرادات النفطية بنسبة 15? لتصل إلى 136.8 مليار دولار، علما أن هذا التراجع لا تقابله زيادة في الإيرادات الأخرى غير النفطية التي ستنمو فقط بنسبة 2? لتصل حصيلتها إلى 85.34 مليار دولار غالبيتها تأتي من رسوم الجبايات المفروضة على المغتربين.
وربما تلجأ حكومة بني سعود للاقتراض من الأسواق الدولية، وهو ما كشف عنه مسؤول كبير بوزارة المالية، حيث أشار إلى أن المملكة ربما تطرح سندات دولية في موعد قريب لجمع ديون بقيمة 32 مليار دولار في العام القادم. وقد تلجأ الحكومة إلى زيادة الأسعار بما فيها أسعار الوقود، أو زيادة الضرائب المفروضة، خاصة ضريبة القيمة المضافة.
ومن أبرز مؤشرات الموازنة الجديدة للمملكة، ارتفاع توقعات العجز الجاري في موازنة 2020 ليصل إلى 187 مليار ريال (50 مليار دولار)، وهو ما يزيد عن عجز متوقع العام 2019 والذي كان 131 مليار ريال (35 مليار دولار)، وكذا تراجع الاحتياطات الحكومية المالية، إلى 346 مليار ريال (92.3 مليار دولار)، مقارنة مع 467 مليار ريال (124.53 مليار دولار) في 2019، وزيادة الدين العام بنسبة 11.2? في 2020 إلى 754 مليار ريال (201.1 مليار دولار).
ومن بين المؤشرات استمرار زيادة الإنفاق العسكري خلال 2020 بنسبة 17.8 بالمئة من إجمالي النفقات العامة، وبقيمة تبلغ 182 مليار ريال (48.53 مليار دولار)، رغم أن بعض المصادر تتحدث عن أرقام أكبر بكثير من هذه المتداولة.
خطورة مؤشرات موازنات المملكة أنها قد تدفع النظام نحو زيادة الضرائب والرسوم وأسعار الوقود وغيرها بدلا من ترشيد الإنفاق العام خاصة على التسلح. كما قد تدفع مؤشرات زيادة العجز والدين العام مؤسسات تصنيف عالمية إلى إعادة النظر في تصنيف المملكة في حال معاناتها من عجز مالي محلي وخارجي.
هروب المستثمرين
تكبدت بورصة مملكة الرمال خسائر كبرى متأثرة بعمليات البيع من جانب المستثمرين الذين يتخوفون من تعرض أسواق المال لهزات عنيفة خلال الفترة المقبلة، مع استمرار خسائر الشركات في ظل اضطرابات المنطقة، والحديث عن أزمة مالية عالمية إثر ركود أميركي على الأبواب مع استعار الحرب التجارية مع الصين.
وتلقت نسبة كبيرة من الشركات السعودية المدرجة في البورصة، خسائر فادحة خلال النصف الأول من العام 2019، لتقترب خسائر بعضها من نسبة 1000(ألف في المائة)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه.
وبذلك تتواصل الخسائر الاقتصادية للمملكة، خلال سنوات الحرب على اليمن، بفعل تهاوي الكثير من الأنشطة، وعزوف الاستثمارات الأجنبية بسبب الاضطرابات في المنطقة، إضافة إلى تراجع الإيرادات النفطية.
وفي مؤشرات الأسواق سجلت 50 شركة تمثل نحو 28 في المائة من إجمالي الشركات المدرجة في السوق والبالغ عددها 179 شركة، سجلت خسائر كبيرة، كما تراجعت أرباح 88 شركة أخرى، وبما يمثل نحو نصف الشركات.
وأظهرت نتائج أعمال الشركات أن 32 شركة تجاوزت خسائرها نسبة 100 واقتربت خسائر إحدى الشركات من نسبة 1000 (ألف في المائة)، في حين تجاوزت خسائر 4 شركات نسبة 2000? (ألفين في المائة).
ولا تتوقف المؤشرات السلبية التي ترسم دائرة حمراء حول مستقبل الاقتصاد بمملكة الرمال الذي واجه العديد من الصعوبات خلال السنوات القليلة الماضية، جراء السياسات المالية والقرارات السياسية والعسكرية الخاطئة من المتهور الطائش ابن سلمان.
وتتفاقم الأزمات الاقتصادية في السعودية وتلقي بظلالها السلبية على البنية الاقتصادية فيها، ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه السعودية من تبعات عدوانها على اليمن اقتصاديا، وفي ظل تكبد السعودية الكثير من النفقات على التسلح.
(تقرير – مروان أنعم)