طموحات ومؤامرات “بن زايد” الخبيثة على مستوى السياسة الخارجية
طموحات ومؤامرات “بن زايد” الخبيثة على مستوى السياسة الخارجية
متابعات:
يوصف “محمد بن زايد” ولي عهد أبو ظبي بأنه مهندس السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة في العصر الحالي وخلال الفترة الماضية تبنت دولة الإمارات دوراً هاماً وواسع النطاق في التطورات الإقليمية وهذا الامر جعل “بن زايد” واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً وتأثيراً في المنطقة، وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير أن “بن زايد” يتمتع بشخصية غامضة لها سياسات معقدة ولفتت تلك التقارير بأن هذا الاخير يتقلد منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة بصفته شقيق “خليفة بن زايد آل نهيان”، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يلعب دورًا بسيطًا كحاكم لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية بسبب مشاكل مرضية وجسدية خطيرة يعاني منها؛ ونظراً لذلك فلقد تولى “بن زايد” إدارة الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي وقتنا الحالي يعتبر “بن زايد” حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة الفعلي. وبالنظر إلى الدور الحاسم الذي لا يمكن إنكاره الذي لعبه “محمد بن زايد” في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة الماضية وعقب وصول “دونالد ترامب” إلى البيت الابيض، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو على أي المحاور قامت سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة وما هو التأثير الذي خلفته خلال الفترة الماضية على التطورات الإقليمية؟
اللوبي في أمريكا
أفادت بعض التقارير أن دولة الإمارات دفعت 20 مليون دولار في عام 2018 لعشرين جماعة من جماعات الضغط الموجودة في العاصمة الامريكية واشنطن ولفتت تلك التقارير إلى أن الأجانب المرتبطين بحكومة الإمارات العربية المتحدة لديهم خطوط اتصال تصرف على حكومة الإمارات مع أكثر من 200 مكتب للكونغرس و 18 مركزًا للبحوث ومعظم وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة. وأشارت تلك التقارير إلى أن الاستثمار في مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية يعد جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة لكسب الدعم الأمريكي والتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
التحالف الإقليمي
سعى “محمد بن زايد” خلال الفترة الماضية إلى زيادة دور الإمارات في السياسة الإقليمية ولذا لرفع مستوى ثقلها الجيوسياسي في العالم ومما لا شك فيه أن هذا كان مستحيل لعدة أسباب أبرزها انخفاض عدد سكان البلاد والافتقار إلى جيش مدرب جيد وقوي، على الرغم من وجود الدعم المالي الكافي والمعدات العسكرية الحديثة وبالإضافة إلى ذلك، كانت هناك دائمًا خلافات داخلية بين شيوخ الإمارات السبع التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لذلك تعين على “بن زايد” إقامة تحالفات مع الدول المجاورة وحتى تحمل جزء من إنفاقها على الشؤون العسكرية والاقتصادية، حتى يتمكن من متابعة سياساته الإقليمية بشكل إيجابي.
وفي هذا الصدد، كشفت بعض التقارير أن الإمارات العربية المتحدة سعت خلال السنوات الماضية إلى تقديم الكثير من الدعم المالي لحكومة “عبد الفتاح السيسي” رئيس مصر وذلك لأن هناك نظرة وموقف مشترك بين القاهرة وأبو ظبي بشأن قضية جماعة الإخوان المسلمين وهذه القضية هي التي دفعت البلدين للتعاون في المجالين الأمني والسياسي، وحتى العسكري إذا لزم الأمر، وهذا الامر يظهر جلياً في زيارات “محمد بن زايد” العديدة إلى القاهرة خلال افتتاح مشاريعها الضخمة، وخاصة الخطط العسكرية المصرية.
وخلال زيارته الأخيرة لمصر، حضر “بن زايد” حفل الافتتاح الرسمي لقاعدة “برينز” العسكرية إلى جانب الرئيس المصري، وخلال تلك المراسم، أشاد “بن زايد” بدور الجيش المصري في استتاب الاستقرار والأمن الإقليميين. ومن ناحية أخرى، ونظرًا للدور الذي لا يمكن إنكاره للمملكة العربية السعودية في المنطقة، سعى “بن زايد” خلال الفترة الماضية إلى تجاهل الخلافات المتبادلة بين البلدين من خلال تجاهل المشاكل القائمة بينهما على عملية ترسيم الحدود، وبدلاً من ذلك أكد “بن زايد” على المصالح المشتركة مع الرياض، وحتى أنه عقد العديد من المشاورات مع القادة السعوديين لإقناعهم بالمشاركة في مشاريعه الاقليمية.
تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في السياسة الخارجية
من الواضح أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة “محمد بن زايد”، تعتزم توسيع دورها في التطورات الإقليمية يومًا بعد يوم من خلال الاستعانة بجماعات الضغط داخل الولايات المتحدة واقامة التحالفات مع عدد من دول المنطقة وتوسيع تلك التحالفات من غرب آسيا والوصول بها إلى القرن الأفريقي. في الواقع، لقد وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة معارضتها لمحور جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، بقيادة قطر وتركيا، إلى جانب معارضتها لمحور المقاومة الإسلامية في جدول أعمال ومبادئ سياستها الخارجية.
ويتمثل جانب آخر من الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز موقعها الخارجي في تعزيز ثقلها الجيوسياسي والخروج من العزلة، حيث قامت أبو ظبي خلال السنوات الماضية بتشكيل جماعات فرعية لها في جنوب اليمن، مثل قوات الحزام الأمني وقوات النخبة وذلك من أجل السيطرة على الموانئ والجزر الجنوبية في اليمن. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير بأن دولة الإمارات العربية المتحدة قامت خلال الفترة الماضية ببناء قاعدة عسكرية لها هناك، وقامت باحتلال جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة بالقرب من مضيق “باب المندب” الاستراتيجي. ولفتت تلك التقارير إلى أن الإمارات العربية المتحدة سعت أيضا إلى تعزيز ثقلها الجيوسياسي من خلال بناء قاعدة عسكرية لها في ميناء “بربرة” التابع للمنطقة الصومالية المتمتعة بالحكم الذاتي للسيطرة على خليج عدن بالكامل.
وأشارت تلك التقارير إلى أن سياسات “بن زايد” في إفريقيا لم تقتصر على هذا الحد، بل أنه قام بتقديم الكثير من الدعم المالي والعسكري لقوات الجنرال “خليفة حفتر” لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا وقامت خلال الفترة الماضية ببناء قاعدة عسكرية في ميناء “العصب” القريب من مدخل مضيق باب المندب، وذلك لتوسيع نفوذه في إريتريا وإثيوبيا، وتأمين الكثير من المحصولات الغذائية التي تحتاجها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولهذا فإنه أصبح من الواضح أن خطط “بن زايد” البالغ من العمر 58 عامًا التي رسمها خلال السنوات الماضية لدولة الإمارات العربية المتحدة أدت إلى تكريس قدر كبير من مواردها العسكرية والمالية لبرامج التدخل في شؤون المنطقة، والتي خلقت الكثير من الانقسامات بين الشيوخ والقادة الإماراتيين، وهذا الامر يظهر جلياً في تدخل أبو ظبي في الازمة اليمنية والتي أدى إلى حدوث فجوة كبيرة بين مواقف أبو ظبي ودبي. وفي الختام يمكن القول بأن طموحات ولي عهد أبو ظبي لعبت حتى الآن دوراً حيوياً في زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة وتسببت في تصاعد الاشتباكات الدموية من اليمن وصولاً إلى شمال إفريقيا.
المصدر: الوقت