كل ما يجري من حولك

رسائلُ ومؤشراتُ السيّد القائد في خطاب (يمن الإيمـان)

357

 

عبدالفتاح حيدرة

أن يأتيَ خطابُ السيّد القائد للعلماءِ والشخصيات الاجتماعية ومسئولي الدولة في الجامع الكبير بصنعاءَ، معزّزاً مفهومَ الانتماء الإيْمَـاني اليمني، وبعد يومٍ من لقائه مبعوثَ الأمم المتحدة (غريفيتث)، فإن ذلك يعني أَن نستوعبَ جَيِّدًا معنى الخطاب، وأَن نركّز جَيِّدًا على خلفيات رسائل الخطاب وتوجيهاته، وواضحٌ جِـدًّا أَن الرسالةَ التي يُريد السيّدُ القائدُ إرسالَها للشعب اليمني واضحة وصريحة، مفادُها أَن المجتمعَ الدوليَّ يسعى في السلام ووقف الحرب، وأن على الشعب اليمني أَن يعرفَ جَيِّدًا أَن طبيعةَ الاستهداف القادمة أثناء أية عملية للسلام هي استهدافُ وعيه وقيمه ومشروعه.

نحنُ أمامَ حقيقتين اليومَ، الأولى: هي أَن السيّدَ وضعنا أمام مرحلةٍ جديدةٍ، أستطيعُ تسميتها (مرحلة تولي المؤمنين والصادقين)، والحقيقةُ الثانيةُ: هي أنه لم يعدنا ويصدق بوعده معنا كشعب يمني أيُّ نظام أَو قائد أَو رئيس أَو سياسيّ سابق، وأن اليمنَ سوف تصبحُ بحجم الدنيا بل أكبر منها، كما تفعل فينا خطابات وكلمات ومحاضرات وعي وقيم ومشروع السيّد القائد، أننا نندهشُ كُـلَّ يومٍ وكلَّ شهر وكلَّ سنة من توسّع وتضخّم هذا الحجم اليمني في وعينا وقيمنا ومشروعنا كمواطنين يمنيين، وطبيعة مصارحتنا وإعلامنا بمهامنا ومسئولياتنا لنكون شركاء هذا النصر اليمني العظيم.

خطابُ السيّد القائد يوضّح أَن مؤشراتِ المرحلة القادمة مرتكزةٌ على وعي وقيم شعبنا، وتتحمل النخب السياسيّة والإعلامية والعلمائية والاجتماعية والكتابية مسئوليةَ نشر الوعي والتمسّك بالقيم، فالحياةُ السياسيّةُ خلال الفترة القادمة سوف تكون مليئةً بالعدائية -بعضها علني وبعضها سري-، والنزاعُ فيها أمرٌ حتمي، وصراعاتُ القيم والأخلاق ضرورةُ إثبات وجود أَو بقاء، ولا أحد يحظى أبداً بالسلام الشامل، وبدلاً عن تصوّرِ أنه يمكن تجنب صراع كسر الإرادات بالذات، يمكن تقبلها مع الإدراك أَن طريقةَ التعامل معها هو ما سيحدّدُ نجاحَنا من فشلنا في كُـلِّ الأمور لبناء مستقبل الدولة اليمنية والشعب اليمني.

لنسأل أنفسَنا (ما الفائدةُ من ربط السيّد القائد مرحلةَ مساعي السلام الدولية بالهُوية الإيْمَـانية اليمنية وأخلاقها وعاداتها وتقاليدها ومواقفها الإيْمَـانية بالله والمتوكلة عليه؟!)؛ لأَنَّ طبيعةَ الصراع القادم هو سعيُ العدوّ لنجاح مساعيه في دفعِ الناس هنا وهناك الهُوية اليمنية، يعني: يخلق ضدَّها على المدى البعيد أعداء صامتين مننا وفينا، سوف يدمروننا لاحقاً، من خلال الحرب الناعمة ومسخ الهُوية الإيْمَـانية اليمنية، وهذا الأمرُ لا يمكن مواجهته إلّا بتفعيل ثلاثة أسس في تفكيرنا الاستراتيجي هي (الوعي – الأخلاق – المشروع)، ومن خلالِ هذه الأسس الثلاثة نستطيعُ أَن نسيطرَ على رغباتنا أثناء مقاتلةِ الأعداء والخصوم مباشرةً، ونحنُ من نحدّد ونتحكّم بنهايات أَو بدايات كُـلّ الصراعات.

خلاصةُ خطاب السيّد القائد، هو أَن توجيه الحديث للعلماء والشخصيات الاجتماعية يعني أَن التأثيرَ في المجتمع هو العلمُ الحقيقيُّ والمشيخةُ الحقيقيةُ، وخَاصَّةً ونحنُ قادمون على الدخول في عالم مساعي السلام العالمي، والبعد السياسيّ هنا، أي بعدَ إيقافِ الحروب العسكريّة، يعني أَن الهدفَ الذي يريد العدوُّ تعويضَ هزيمته العسكريّة والميدانية وتحقيق انتصاره فيه، هو خاصرة المجتمع اليمني في استهداف قيمه وأخلاقه وعاداته وتقاليده، وهُـوِيَّته الإيْمَـانية اليمنية، التي هي خاصرةُ القوة فيه.

إن الأهدافَ النهائية اليوم لانتماء المسئولية بالإيْمَـان هي انتصار تحالف (الوعي والأخلاق والمشروع) التي ضحّى من أجلها اليمنيون خمسةَ أعوام، وبها نستطيعُ أَن نحتلَّ خاصرةَ خصوم وأعداء اليمن، وننزعَ سلاحهم، وهذا يوجب علينا أَن نخمدَ حسّ القتال والصراع الداخلي، ونركّز على مواجهة صراعات كسر الإرادات والمصالح العالمية؛ لأَنَّ الإيْمَـانَ اليمنيَّ والحكمةَ اليمانيةَ وعادات وتقاليد اليمنيين تلغي كافّة النزاعات والصراعات الداخلية، وتتفرغ دوماً لمواجهة العدوّ الخارجي.

علينا أَن نتحمّلَ المسئولية اليوم كنخب سياسيّة وكُتّاب وصحفيين ومفكرين، وتقديم الرؤى والأفكار لمواجهة الحروب الناعمة وحروب استهداف الإيْمَـان اليمني وعادات وتقاليد اليمن، وَإذَا لم نعمل ونجد ونجتهد في هذا الأمر سوف نجدُ بلادَنا وشعبَنا ومجتمعاتنا وقبائلَنا يمرّون في قادم الأيّام، بأمور فاضحة وصاعقة ومؤلمة وَتصيبُ الناسَ بالجنون والهذيان، إننا نواجهُ أعظمَ نزاعات وصراعات وأكبر بكثير مما واجهت كُـلّ شعوب وأمم البشرية على مدى التاريخ البشري.

وعلينا أَن نتحمّلَ المسئوليةَ كما تحمّلها رجالُ الله في الميدان العسكريّ، فدائماً في الحروب يضع القادةُ العسكريّون الدبابيسَ أَو السهامَ على خرائط المعارك والمواجهات، وَإذَا كنا مضطرين لوضع خارطة لمعارك وصراعات ونزاعات وحروب مساعي السلام والحياة السياسيّة اليمنية اليومية التي تواجهه بلدنا وقيادتنا ومجتمعنا اليمني، فسوف نضعُ ملياراتِ الدبابيس ونضع ملايينَ السهام التي تُعبّر عن ازدحامٍ دائمٍ في حركات دسائس ومناورات مكائد هذه المعارك ودسائس تلك النزاعات.

You might also like