لماذا يتصارع المولون للتحالف فيما بينهم في تعز والجنوب؟
أسفرت مواجهات بين فصائل الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي المتمثلة بمليشات حزب الإصلاح المدعوم سعوديا وما يسمى كتائب أبو العباس المدعوم إماراتيا، عن مقتل العشرات من طرفي المواجهات إلى جانب سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين، فيما توسعت المواجهات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى أحياء عدة منها الجمهوري وشارع جمال والمدينة القديمة وباب موسى.
وتتواصل المواجهات المسلحة بين فصائل قوى التحالف السعودي الاماراتي وسط مدينة تعز جنوب غربي اليمن، حيث سقط العشرات بين قتيل وجريح. وتسعى الفصائل التابعة للامارات من جهة والسعودية من جهة اخرى الى السيطرة على المدينة، الأمر الذي ألحق دماراً كبيراً بالمؤسسات العامة والخاصة.
وأفادت مصادر محلية باستمرار اشتباكات عنيفة بين مليشيا التحالف في مدينة تعز بمختلف الأسلحة وسقوط ضحايا من المدنيين.
وذكرت المصادر أن فصيلا مسلحا تابعا لحزب الإصلاح يشتبك منذ أيام مع فصيل آخر تدعمه الإمارات تحت إمرة الداعشي المكنى بأبي العباس. وأشارت إلى أن الاشتباكات استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة وأسفرت عن سقوط خسائر من الطرفين إلى جانب مدنيين.
إلى ذلك ذكرت منظمة أطباء بلا حدود على حسابها على تويتر قبل أيام، أنه منذ اندلاع الاشتباكات العنيفة داخل مدينة تعز، استقبلت المرافق الطبية التي تدعمها المنظمات 91 مصابا و5 قتلى.
ولفتت المنظمة إلى أن الاشتباكات “تعرقل وصول المرضى والنساء الحوامل إلى الرعاية الطبية”.
ويقول الخبراء، إن الصراع الإماراتي – السعودي على المصالح في الأراضي اليمنية وفي مقدمتها المحافظات الجنوبية، هو أحد أسباب إطالة أمد الحرب في اليمن وترحيل حلول الأزمة اليمنية، التي كان من الممكن وضع حد لها في الشهور الأولى لاندلاع الحرب.
وبحسب مصدر دبلوماسي فان “استمرار الحرب اليمنية طوال هذه الفترة التي تجاوزت الأربع سنوات والمرشحة للاستمرار لأجل غير مسمى، ما هي إلا دليل واضح على الصراع الخفي الإماراتي السعودي حول مصالحهما في اليمن”.
وأن “هذا الصراع تكشفت خيوطه بشكل واضح في بعض المناطق اليمنية التي تصارع عليها الطرفان، والتي شهدت تجاذبات لسكانها من قبل أبوظبي والرياض، وتعد محافظة المهرة أبرز مثال على ذلك”.
ويوضح المصدر أن السعودية والإمارات اتخذتا من الحرب اليمنية مبررا للتدخل في اليمن، تحت غطاء محاربة انصارالله، لتحقيق المصالح التي عجزت الرياض وأبوظبي عن الحصول عليها طوال العقود الماضية، وبالتالي لعبتا دورا في إطالة أمد الحرب.
وبحسب مصدر سياسي رفيع المستوى، فان لدى كل من أبوظبي والرياض أجندات خاصة بهما في اليمن.. وتقوم كلا منهما للعمل على إطالة أمد الحرب، حتى تحقق الرياض وابوظبي مصالحهما التي تطمحان اليها في اليمن.
ويضيف المصدر ان الحرب اليمنية، أيضا أخذت شكل حرب المصالح بين السعودية والإمارات، وأنه مع اتساع دائرة المصالح السعودية الإماراتية في اليمن، بدأ الصراع بينهما يتشكل حول حجم هذه المصالح التي يسعى كل طرف منهما الحصول عليها، واستمر السباق على الهيمنة على المصالح الهامة ليشمل السيطرة على مناطق يمنية نائية، مثل جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة.
ووفقا لهذا المصدر كان التدخل السعودي الإماراتي في اليمن، تحت غطاء التحالف، لأسباب ذاتية وأجندات خاصة بها، لتحقيق مصالح اقتصادية طالما حلمت بها كل من الرياض وأبوظبي، حيث كانت السعودية تسعى منذ عقود طويلة الى الحصول على منفذ بري لانتاجها النفطي عبر الأراضي اليمنية الى المياه المفتوحة التي تبدأ في بحر العرب، المطل على الشواطئ اليمنية ومنه الى المحيط الهندي، فيما كانت تطمح أبوظبي السيطرة على المواني البحرية اليمنية لقتل نشاطها التجاري وعدم السماح لها بتنشيط حركتها الملاحية، حتى لا تنافس وتؤثر على ميناء دبي الاقليمية، التي تعد العصب التجاري للإمارات.
وذكر أن الأسباب الاقتصادية كانت وراء تدخل السعودية والإمارات في اليمن واللتين ركزتا منذ البداية على تحقيق هذه المصالح، حيث ركزت أبوظبي على السيطرة على الموانئ اليمنية ابتداء من ميناء عدن، مرورا بميناء المكلا فميناء المخا، وأخيرا محاولة السيطرة على ميناء الحديدة، في حين لا زالت السعودية تسعى الى تحقيق هدفها الاستراتيجي في الحصول على الممر البري لأنابيب نفطها الى البحر العربي عبر محافظات حضرموت أو المهرة اليمنيتان.
وأوضح أن السيطرة المبكرة للقوات الإماراتية على محافظة حضرموت، أو عبر القوات الموالية لها الممثلة بما يسمى قوات النخبة الحضرمية، أعاق تحقيق السعودية لحلمها هناك وهو ما بدأ بخلق الصراع السعودي الإماراتي على المصالح، فاضطرت السعودية الى الانتقال الى محافظة المهرة النائية التي تعد أكثر المحافظات اليمنية بعدا عن المركز اليمني، والمحاذية لسلطنة عمان، حيث أوقفت التمدد الإماراتي نحوها وسارعت في إرسال قوات عسكرية سعودية بكامل عتادها الثقيل، للسيطرة على محافظة المهرة.
وقالت هذه المصادر ان “كشف التواجد العسكري الإماراتي والسعودي في محافظات حضرموت والمهرة وكذا محافظة سقطرى أن تدخلهما في اليمن لم يكن بريئا بمبرر إنقاذ حكومة هادي كما يدعون، ولكنه كان لتحقيق مصالحهما الاقتصادية بالدرجة الأولى، وان اتساع دائرة المصالح بين أبوظبي والرياض في اليمن خلق أجواء لصراع خفي بينهما حول هذه المصالح بدأ يتشكل منذ وقت مبكر ولكن شرارته ظهرت للعلن في محافظات المهرة وسقطرى أكثر من أي وقت مضى، وهو ما قد يساهم في عرقلة الحلول للأزمة اليمنية ويلعب دورا في إطالة أمد الحرب، لأن انتهاء الحرب في اليمن معناه تعثر تحقيق المصالح الإماراتية والسعودية في اليمن قبل قطف ثمارها”.
يذكر أن الصراع يحتدم بين مليشيا التحالف في مدينة تعز والمحافظات الجنوبية المحتلة في سياق أهداف السعودية والإمارات في نشر الفوضى وتنامي نفوذ التنظيمات المسلحة من بينها داعش والقاعدة الارهابيتان.