هجومُ قاعدة العند والبحثُ عن السلام
يحيى مقبل
محارِبٌ أمريكيٌّ علّق على صورة لنفسه وهو يمسكُ بيدَيه رأسَي جنديين فيتناميين قائلًا: “ربما يكونُ أسوأَ شيء لي الآن هو العيشُ في أوقات السلم من دون أن أعودَ إلى تلك الحالة من النشوة مجددًا، لقد أحببتُ الطريقةَ التي يتدفَّقُ بها الأدرينالين إلى جسدي”.
ربما كان يشعُرُ قادةُ قُــوَّات الشرعية، أثناء العَرض العسكريّ في قاعدة العند، أن أسوأَ ما يمكنُ أن يحدُثَ هو أن تؤديَ تفاهماتُ السويد والقرارُ الأممي إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام، فقد أحبوا الطريقةَ التي تتدفَّقُ بها الدولاراتُ إلى جيوبهم، كما أحب المحاربُ الأمريكي تدفّقَ الادرينالين إلى جسده، ولا يخامرني شكٌّ أن ذلك شعورٌ عامٌّ لدى كُـلّ المنتفعين من استمرار الحرب، ساسةً وعسكراً، في الداخل والخارج.
إنَّ وقفَ الحرب يسوءُ منظّري الشرعية وأنصارَها من الاشتراكيين والناصريين والمؤتمريين؛ لأَنَّ الحربَ وما تدرُّه من مال قد أوقفت أدمِغتَهم عن العمل وشلت قدرتهم على النقد الذاتي.
أما الإخوان المسلمون والسلفيون الجهاديون فيسوءُهم انتهاءُ الحرب ما دامت مبرّرةً في نظام اعتقادهم الديني، فكُلُّ هؤلاء لا يرَون أيةَ محاولة لإجهاض اتّفاق السويد، فيما تشُنُّه طائراتُ التحالف من هجمات على مناطق سيطرة خصومهم حتى لو طالت أَهْدَافاً مدنيةً.
إذاً لا داعي لأَنْ يُبديَ أنصارُ الشرعية خوفَهم على تفاهمات السويد بعد ضربة العند، ولا داعي لإبداء حرصهم على إنجاحه، فنحن نعلم أن كُـلَّ الذين غنموا من الحرب ويغنمون أكثرَ باستمرارها يسوءُهم السلام، ومَن خاض الحربَ لأجل هدف يعتقدُه أسمى من الغنيمة فإن الحربَ هي الطريقة المُثلى لتحقيق المعنى الذي يتوهّمه.
يا للعجب!! يبرّرون قتلَهم للمدنيين بأكاذيبَ واهيةٍ لا تنطلي على أحد، وحين يستهدفُ خصومُهم أَهْدَافاً عسكريّة في أثناء الحرب يحبكون سرديةً ليقنعوا أنفسهم والآخرين بأن خصومهم ليسوا بشرًا وإنما وحوشٌ وشياطين.