هل يجري الإعداد لحرب جديدة في سوريا؟ وما هي أطرافها؟
د. شهاب المكاحلة
يبدو أن نقل الجيش الأميركي من سوريا إلى العراق يحمل في طيَاته الكثير من التأويلات والتساؤلات التي وإن تضاربت تشي بأنه لم يجرِ بعدُ التخلصُ من داعش في المنطقة ولكن يراد من بقايا التنظيم القيام بدور مستقبلي في كُـلّ من سوريا والعراق. ولمن لا يقرأ ما بين السطور، لعل في الفقرات التالية إفادة.
في الوقت الذي كان العالم مشغولاً بالأعياد (عيد الميلاد ورأس السنة)، نقلتْ القُــوَّات الأميركية العديد من قُــوَّاتها من أفغانستان وسوريا إلى العراق. سحب القُــوَّات الأميركية من سوريا — وإن كان تكتيكاً سياسيّاً وعسكريّاً خصوصاً بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب انتهاء مهمة قُــوَّاته في سوريا عقب ما أطلق عليه “هزيمة داعش” – يعني بالمُطلق أمراً واحداً وهو الخروج من المستنقع السوري في مناورة تُمكنه من الخروج من المأزق الحالي لإدارته في ظل سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي والضغط الذي يمارسه الجنرالات لزيادة ميزانية الدفاع التي يرى ترامب أنها مستحيلة في ظل الأزمة الحالية التي يشهدها العالم.
قُبيل نهاية العام 2018 قام ترامب بزيارة قاعدة عين الأسد الجوية في العراق. كما قدم الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، استقالته، ولم يُعرف السبب حينها، ولكن السبب الرئيس كان هو الخلاف على خطة الانسحاب الأميركي المفاجئة من سوريا دون إكمال المهمة ما يُعرِضُ مصالحها للخطر. لذلك يرى بعض العسكريّين أن قرار الانسحاب يعني تراجع القُــوَّات من سوريا إلى العراق بطريقة التقوقع لدرء مخاطر ما قد تصيب المنطقة.
ولعل وصول حاملة الطائرات الأميركية النووية ومعها 13 قطعة بحرية وتحَــرّكات حاملات طائرات أميركية في المحيط الهندي والبحر المتوسط والأحمر والمناورات التي أجرتها إيران مؤخراً مع إعلان عزْمِها على إطلاق صواريخ قادرة على حمل مركبات فضاء في الأشهر القادمة، يعني أن هناك توجساً لدى القيادة الإيرانية من أنَ أمراً يجري الإعداد له.
وفي يناير 2019، اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين معزياً بوفاة عدد من الروس بانهيار مبنى. كما تطرق للحديث عن الوضع في سوريا والعراق وعلى الجبهات بين حزب الله وإسرائيل. وفي الأشهر الأخيرة، بات نتنياهو ليل نهار يتحدث عن الضربات التي قام طيرانه بها ضد سوريا وضد مواقع لحزب الله وإيران كان آخرها قرب مطار دمشق الدولي. كُـلّ ذلك يشي بأن المستقبل مفتوح على كافة الاحتمالات حتى مع قرب انتهاء الأزمة السورية. ولعل الاتصال الهاتفي بين نتنياهو والقيادة الروسية الذي طلبت به تل أبيب من موسكو بأن تنشر منظومة صورايخ إس- 300 بعيداً عن طرطوس والجنوب السوري وإعادة نشرها في شرق سوريا في منطقة دير الزور يؤكّــد أنَ هناك مُخَطّطاً عسكريّاً وإن كان محدوداً لإعادة تشكيل خارطة القوى في كُـلّ من العراق وسوريا.
تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية إلى شهر إبريل 2019 يدفع بالمحاولة لرفع شعبيّة نتنياهو المتدنية من أجل اتّخاذ قرار حرب ضد حزب الله وإيران. ونظراً لما يشكله التدخل الإسرائيلي في ذلك الصراع، فإنه من الأسلم للقُــوَّات الأميركية الخروج من سوريا والتوجه إلى القاعدة الجوية في العراق التي تُشكل حصناً منيعاً ضد أية هجمات.
ولمن لا يعرف تلك القاعدة الجوية، فهي قاعدة تقع على بعد نحو 108 كيلومترات غرب الرمادي في محافظة الأنبار، القريبة من ناحية البغدادي. فقبل حرب 2003 على العراق كانت قاعدة عين الأسد مخصصة للطائرات المقاتلة وللهليكوبترات كما تحتوي على مخازن للعتاد والأسلحة. تلك القاعدة كانت تسمى في الماضي بـ ”القادسية” وبها مقر قيادة الفرقة السابعة العراقية للمشاة.
قُبيل نهاية العالم 2018، أشيع الكثير عن إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا تتولى الإشراف عليها دول عربية وهذه المنطقة هي التي تقع شرق الفرات والتي ستكون منطقة لاستقبال النازحين واللاجئين الجدد وليس السوريين الموجودين في تركيا أَوْ غيرها، ما يعني أن حرباً إقليمية قد تحدث في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2019 لتغيير موازين القوى.
باختصار قد تشارك قُــوَّات غير نظامية يطلق عليها عسكريّاً بالمرتزِقة (Mercenaries) في العمليات في كُـلّ من أفغانستان وسوريا والعراق من تلك المأجورة التي شاركت في العراق وتسببتْ في الكثير من الجرائم بحق الشعب العراقي؛ لأَنَّ كلفتها أقل من كلفة الجيوش النظامية في حال طال أمد الحرب.
* كاتب أردني- رأي اليوم