كل ما يجري من حولك

الأحزاب والتكتلات السياسية الوطنية والوفد الوطني

350

 

فاضل الهجري

ما خرج به الاجتماعُ الموسّعُ للأحزاب والتنظيمات السياسيّة اليمنية المناهضة للعدوان مع الوفد الوطني المفاوض من تأييد لاتّفاقات السويد يكشفُ إلى أي مدى ومستوى تتواءم الرؤيةُ الوطنيةُ للأحزاب والتنظيمات السياسيّة اليمنية المناهضة للعدوان مع رؤى وطروحات الوفد الوطني.

فبعدَ استماع الأحزاب والتنظيمات السياسيّة الوطنية لإحاطة الوفد حول مجريات وتفاصيل التفاوض في استوكهولم وما خرج به من اتّفاقات لاقت تأييدا أممياً أعلن اللقاء عن إشادته بتلك الاتّفاقات برغم كونها لم تبلغ مستوى الطموح الذي كان يحمله وفدنا ويحرصُ على الخروج بنتائج محقّقه له كطموح لجميع أبناء اليمن.

مشاركاتُ الأحزاب في الاجتماع كشفت كم هذه الأمة متفقةَ الرأي والرؤية فيما يتعلق بالقضية الوطنية وحق هذا الشعب في الحياة بكل كرامة وعزة وحرية واستقلالية سيادية على كامل تراب الدولة اليمنية.

فقد مثّلت الكلماتُ المشاركةُ في الاجتماع محطة مهمة على مسار التحولات الوطنية في ظل الأوضاع الراهنة باعتبارها خلاصةً لمستوى الشعور الجمعي اليمني بالمسئولية الوطنية الملقاة على عاتق الجميع بداية بالمجلس السياسيّ الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ومروراً بأطروحات أحزابنا الوطنية تجاه الوطن والمواطن وحتى رؤية وموقف المواطن العادي.

فالاجتماعُ الموسّعُ للأحزاب والتنظيمات الوطنية المنعقد بصنعاء مؤخراً من خلال تأكيده التأييد الكامل لمخرجات حوارات السويد المتمثلة بالاتّفاقات يجسّدُ الانسجامَ التامَّ مع أُطروحات ورؤى وفدنا المفاوض سواء فيما تم الاتّفاق عليه مع الطرف الآخر في الحوار أَوْ فيما يمثل طموحاً وطنياً سعى ويسعى إليه أبناء هذا الشعب الصامد والصابر والمواجه لكل صلف عدواني مع فكرة تعاطي الوفد الإيجابي من خلال الحوارات مع الطرف الآخر كرؤية تتبناها مكونات العملية السياسيّة ولكن وفق مواقف وطنية متفقة على رفض الخنوع والذل والانبطاح للمحتلّ وأدواته الساعية إلى تدمير الحياة وإفنائها.

فاللقاءُ الموسّعُ انعقد وهو يستحضرُ روحَ الرئيس الشهيد ويحاكي مبادرته الوطنية التي أعلنها قبل استشهاده ملخصةً في جناحَي العزة والكرامة والشموخ وصلابة المواجهة والاستبسال الجهادي والتي لخصها الشهيد الصمّاد بعبارة “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”؛ ولذلك وقف بكل مسئولية أمام مسودة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أعلنها المجلس السياسيّ ليؤكّد للعالم أجمع أن جميعَ اليمنيين المناهضين للعدوان مهما اختلفت رؤاهم السياسيّة وتوجهاتهم الحزبية يمثّلون جسماً واحداً لهذه الأمة في ميدان الدفاع عن الأرض والعرض بكل مسئولية وأن طموحَهم ورغبتهم في تحقيق السلام لا يقف عند حدود إيقاف إطلاق النار في بعض المحافظات أَوْ جبهات المواجهة للعدوان وانما يتجاوز ذلك إلى التحرّر الكامل لكل شبر في الوطن من المحتلّ والتعاطي الإيجابي مع طموحات كُلّ اليمنيين تقوم على أساس الشراكة الفاعلة في الدفاع عن هذا الوطن والشراكة في بناء هذه الدولة، وهو ما أكّدته توصياتُ اللقاء الموسّع في مباركته تلك الاتّفاقاتِ التي تفضي إلى التقدّم في معالجة الكثير من المشكلات سواء السياسيّة أَوْ الاقتصادية أَوْ غيرها، فليس وضع المرتبات ومطار صنعاء هو كُلّ ما يطمح إليه أبناء هذا الشعب وإن جاء ذلك انطلاقاً من المسئولية الإنْسَانية في المقام الأول كخطوات أولى على طريق الحل الشامل ولكن وفق سلام مشرّف وليس استسلاماً وانبطاحاً.

ولذلك فقد مثّلَ وقوفُ الأحزاب والمكونات السياسيّة أمام مسودة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة تجسيداً حيًّا لمبادرة الرئيس الشهيد وتأكيداً كاملاً على استعدادها للقيام بأي دور يناط بها لإثراء هذه الرؤية والوقوف بجانب القيادة السياسيّة وحكومة الإنقاذ وكافة مؤسّسات الدولة بما يحقّق بناء الدولة المنشودة وبما يلبي طموح شعبنا اليمني العظيم وهو ما جعل الأحزاب المشاركة في الاجتماع تعلنُ عن تشكيل غرفة سياسيّة استشارية مكونة من الأحزاب والمكونات السياسيّة كرافد للوفد الوطني بالأفكار والرؤى والتصورات الوطنية اللازمة، بما يعزّز من أدائه الإيجابي لتحقيق تطلعات الشعب اليمني وهو أيضاً ما أكّدت عليه كلمة المكتب السياسيّ لأنصار الله المطالبة بذلك والتي جسدت الموقف العام لأنصار الله الحريص كُلّ الحرص على الشراكة الوطنية والدفع بعجلة البناء للدولة بوتيرة صادقة وعالية.

ولذلك فقد أعلنت الأحزاب الوطنية مباركتها لما تحقّق من تقدم أفضى إلى اتّفاق وقف إطلاق النار في الحديدة واتّفاق تبادل الأسرى كما باركها وأكّد على التزامه بها المجلس السياسيّ الأعلى كالتزام دولي بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2451 وهو الأمر الذي دعمه الاجتماع الموسّع.

ولكن هذا الاستعداد في الوقوف مع اتّفاقات السويد والتأكيد على الاصطفاف خلف مخرجات استوكهولم بما يسهمُ في نجاحها وتذليل الصعاب أمامها لا يعني اننا سنقف مكتوفي الأيدي إنْ لم يتعاطَ الطرف الآخر بإيجابية مع تلك الاتّفاقات وإنما سنكون جميعاً بمختلف تكويناتنا السياسيّة والحزبية صخرة صلبة في وجه أية محاولات عدوانية مهاما كانت النتائج وكما أننا سندعم ونساند القيادة السياسيّة ممثلة في المجلس السياسيّ الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني في إطلاقها للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والعمل على إثراء مسودة الرؤية الوطنية لبناء الدولة من قبل الأحزاب والمكونات السياسيّة لتعبر عن المشروع الوطني الجامع الذي يحقّق طموحات وآمال الشعب اليمني، سنقفُ صفًّا وحداً في وجه كُلّ معتد أَوْ محتلّ لأي شبر في أرضنا اليمنية كما هو موقفنا الثابت كأحزاب وفعاليات سياسيّة ومجتمعية مع استمرارية الوفد الوطني في لقاءات مستمرّة على الصعيد الوطني واطلاع الشعب اليمني أولاً بأول بتفاصيل المشاورات والاتّفاقات بما يحقّق التكامل الوطني المنشود ويعزّز الجبهة الوطنية ويوحد الرؤى والمواقف تجاه مختلف القضايا المطروحة للنقاش في الجولات القادمة وآليات التعاطي معها مع الأخذ بالحيطة والحذر في كُلّ الجبهات دون استثناء واستمرارية التحشيد المستمرّ لمواجهة العدوان وخروقاته المتكرّرة في الحديدة.

فكلُّ الفعاليات السياسيّة اليمنية الوطنية المناهضة للعدوان في اجتماعها الموسّع أعلنت بكل صراحة واحدية الموقف والهدف والمصير مستوعبة المحاولات الساعية لإفشال الاتّفاقات الموقعة من قبل قُــوَّات العدوان ومرتزِقته المتمثلة في الخروقات المستمرّة لاتّفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ الـ18 من الشهر الجاري والتي تهدفُ إلى إحباط أية جولات تفاوضية قادمة وفق ما هو مقرّر له من قبل المبعوث الأممي ومن ورائه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

نعم ما تحقّق حتى الآن اتّفاقات بسيطة خرجت بها حوارات استوكهولم ولكنها مع ذلك تمثل قفزة في طريق الحل السلمي والخروج من ظروف العدوان أن هي تجسدت عمليا فستكون اللبنات الأساسية في مدمك تحقيق السلام لليمن إن صدق الطرف الآخر في تعاطيه معها بمسئولية المستشعر لواجبه تجاه اليمن واليمنيين.

وما ينتظره اليمنيون هو الدور الكبير الذي ستلعبه الأحزاب والمكونات السياسيّة خلال نقاش الإطار السياسيّ والعملية السياسيّة والحوار السياسيّ بين مختلف الأحزاب والمكونات السياسيّة واستمرارية اللقاءات والمشاركات الفكرية التي تصنع اليمنَ الحديثَ المتحرّرَ من كُلِّ تبعية أَوْ وصاية.

You might also like