عرض الإنسحاب من الحكومة مقابل تعز ومأرب.. هل تنجح مناورة الإصلاح في تجنيب الحزب معركته مع التحالف؟
متابعات:
يصعِّد التحالف ضد حزب الإصلاح في أبرز معاقله، فيناور الحزب سياسياً وعسكرياَّ، علَّ ذلك يجنبه المعركة المباشرة التي لطالما تطلعت لها الإمارات بشغف، لكن التطورات الأخيرة في تعز ومأرب تشير إلى أن المواجهة باتت حتمية مع اقتراب موعد اتفاق السلام في اليمن، وقد حشد لها الطرفان العدة والعتاد على أمل حسمها قريباً، وإن كلفت الكثير من الخسائر.
التحالف السعودي- الإماراتي الذي لطالما نظر للإصلاح كوجه آخر لقطر كثف مؤخراً تحركاته في مأرب، في محاولة لإحداث اختراق لأكبر إمبراطورية عسكرية واقتصادية ظلت تغذي الحزب لسنوات مضت، وقد اصطحبت قيادات التحالف مؤخراً مسئولين أمريكيين أبرزهم السفير، ماثيو تولر، ومسئولة الأمن القومي السابقة، بهدف الضغط على قادة الإصلاح لتحويل عائدات المحافظة من النفط والغاز والضرائب وما تلاها من إيرادات منفذ الوديعة ونفط شبوة وحضرموت إلى البنك المركزي المرتقب توحيده بناء على اتفاق الأطراف اليمنية في السويد، لكن رغم ذلك تشير مصادر محلية إلى أن التقدم في هذا المجال يبدو محدوداً، لاسيما وأن سلطات مأرب سبق وأن رفضت تحويل تلك الإيرادات إلى عدن وتعمل الآن على بعثرة الأموال المتكدسة في منازل بمأرب وإرسالها عبر شركة صرافة تابعة للمحافظ العرادة لتنفيذ مشاريع في تركيا ومصر وجيبوتي بإشراف حميد الأحمر.
هذه التحركات أزعجت القادة الإصلاحيين ووسعت فجوة الخلافات مع التحالف، لتنعكس بصورة فوضى عارمة تشهدها المحافظة، ليس أولها إشعال فتيل حرب قبلية بين دهم وعبيدة، ولا التحفظ على قائد سعودي في التحالف اختُطف قبل أسابيع من بوابة معسكر كوفل بينما كان برفقة اثنين من كبار مرافقي علي محسن، بل تضمنت أيضاً رسائل من صرواح التي تحدثت مصادر عسكرية عن انسحاب كتائب الإصلاح منها بالتزامن مع هجوم لقوات صنعاء، مما مكن قوات صنعاء وفقاً لناطقها السيطرة على 95% من مساحة المديرية الاستراتيجية، أضف إلى ذلك رفض التحالف إسناد مقاتلي الإصلاح في أكثر من جبهة خصوصاً نهم، حيث خسروا مئات المقاتلين خلال الأيام الماضية في محاولة للتقدم دون جدوى.
رفض الإصلاح التنازل عن مأرب أو التفريط فيها، وهي التي أصبحت مرتعاً لأرباب نفوذ كانت تقبض على كافة موارد اليمن وتكبر بها، دفع التحالف كما يبدو لخيار عسكري تجلت صوره في ضغطه حالياً على تسليم قيادة القوات المتواجدة في مأرب، تلك المتعددة الولاءات لقيادات عسكرية وقبلية، لرئيس الأركان الموالي لهادي، عبدالله النخعي، الذي وصل السبت لأول مرة في تاريخ القيادات الجنوبية بمعية قائد القوات السعودية، ودعا في اجتماع له كافة الوحدات للتوحد، في إشارة منه للانقسام الحاصل هناك، أضف إلى ذلك بدء الإمارات نقل مقاتلين من قوات طارق في الساحل الغربي إلى مأرب على أمل توطينهم في صرواح حتى يكونوا شوكة في حلق الإصلاح، وذلك مالم يتطلع له الحزب الذي ينظر لقوات طارق كأداة أخرى للإمارات لا تقل خطراً عن الحزام الأمني في عدن، ذلك الذي أذاق الحزب وقياداته مرارة الاغتيالات والتصفيات، لكن وخلافاً لعدن يبدو الحزب هذه المرة أكثر صرامة في المواجهة مع خطر الإمارات في آخر وأبرز معاقله وهو الذي ظل يجند الآلاف يومياً بانتظار هذا اليوم المشئوم في تاريخه.
الإصلاح الذي ظل خلال الفترة الماضية يناور، مع أن قياداته كانت تتلقى صنوف الأذى في عدن ومدن جنوبية أخرى، لم تعد خياراته كثيرة وقد استهلك الكثير من المناورة، لاسيما بعرضه الأخير بالانسحاب من الحكومة إرضاء لأطراف إقليمية قال إنها تتحسس من وجود الحزب مقابل ما وصفه بإبقاء الحرب ضد “الحوثيين” فقط، غير إن إجراءه تغييرات في سُلَّم قيادة الحزب مؤخراً تشير إلى أنه يعد للمواجهة ضد الإمارات وقد بدأ الحرب فعلاً على مواليها بتعز بنبش مقابر جماعية لضحايا مجهولين يتهم كتائب أبو العباس بارتكابها، ليبقى السؤال: كيف تعرف الحزب اليوم على تلك المقابر مع أن قواته بسطت لأكثر من شهرين نفوذها على مناطق أبو العباس الذي طرد من المدينة ونقلت قواتها إلى خارجها قبل أن يصدر قرار للتحالف بعودة هذه الكتائب إلى وسط المدينة التي حولتها فصائل الإصلاح إلى واحة موت يومية؟
يدرك الإصلاح بأن عودة أبو العباس، إضافة إلى دعم الإمارات للناصريين في اللواء 35 مدرع بقيادة يوسف الحمادي وسط أنباء عن تجهيز معسكر لقوات طارق في المعارف على الحدود الجنوبية الغربية لتعز، جميعها مؤشرات على أن التحالف يكمن للحزب وقد قرر فك الارتباط بين المدينة والإصلاح نهائياً، وقد شاهد ذلك قادة الحزب في عيون محمد بن زايد، وإن علت وجهه ابتسامة المكر.
(تقرير/ ناصر سيف)