هكـذا أدارت السعوديـة ظهرهـا لسقطـرى
متابعات:
لم تكن سقطرى طارئة في حسابات التدخل الإماراتي إلى جانب السعودية ضمن تحالف عسكري معلن ضد اليمن، منذ ما يقارب أربع سنوات. لكن يمكن القول بأنها كانت بعيدة عن حسابات الدور السعودي الذي تبدت وجهته الأبرز في حضرموت والمهرة وشبوة جنوباً، ومأرب والجوف شمالاً.
قبل حوالي عشر سنوات على شكل زيارات قام بها رجل الأعمال الإماراتي محمود فتح آل خاجة، إلى سقطرى، باشر نشاطات تحت مسميات خيرية وتوزيع مبالغ مالية وبناء بيوت للأيتام، فضلاً عن توزيع مولدات كهربائية على القرى والأرياف، مستغلاً حاجة المواطنين، قبل تحوّل اهتماماته لاحقاً إلى شراء أراضٍ تجاوزت مساحتها كيلومترات عدة وبملايين الريالات، علاوة على إهداء مسؤولين في الجزيرة سيارات لكسب ولائهم وتسهيل نشاطه.
وباستغلال الصمت الرسمي وانشغالات الرأي العام في البلاد بالحرب التي أعلنها التحالف أواخر عام 2015، بدأت الإمارات بناء نفوذ لها في أرخبيل سقطرى تحت لافتة العمل الخيري، ومستغلة إعصاري “تشابالا” و”ميغ”، كما أحكمت قبضتها على الجزيرة أمنياً وخدماتياً وسياحياً.
وبرغم ما رافق التواجد للإماراتي في سقطرى وتحركاتها على أصعدة مختلفة في الجزيرة، وبصورة تعكس الرغبة بتحويلها إلى مجرد اقطاعية إماراتية، إلا أن الحليف السعودي أظهر تحفظاً حيال ذلك، وأدار بالفعل ظهره للإمارات تفعل ما تشاء في سقطرى، بينما كان يتحرك في حضرموت وعلى خطوط التجارة البرية من المحيط الهندي، ولم تخلُ تحركاته من منافسة إماراتية في الوقت نفسه هناك.
وفقط، حاولت الرياض الوصول إلى سقطرى في خضم تصاعد التوتر بين حكومة بن دغر وبين الإمارات بشأن تموضعات الأخيرة عسكرياً في الجزيرة خلال العام الماضي، لكن وصول الرياض ظهر كوسيط لحل ما اعتبرته سوء تفاهم، واستقدمت قواتها لتحل كمراقب في مناطق التوتر في المنطقة. ودون أن تنسى تجهيزها لتنفيذ حزمة مشاريع خدمية تمثلت في إنشاء آبار لمياه الشرب في مديريات الأرخبيل.
هل كانت السعودية بهذا القدر من الاقتراب من جزيرة الأحلام الساحرة، تنوي امتلاك جزء من الدور والسيطرة في هذا المكان البعيد نسبياً عن مناطق طموحها، في حضرموت والمهرة تحديداً؟
عززت أبوظبي في غضون ذلك تحركاتها في المهرة وحضرموت في مقايضة حليفتها الرياض وبهدف إخلاء سبيلها في سقطرى وميون، وبالشكل الذي تريده وترغب به. وهو ما حدث بالفعل، فقد كثفت السعودية تواجدها في حضرموت والمهرة، وبدأت فعلياً العمل على مشاريعها النفطية في المنطقة، بعد أن نجحت في كبح تواجد الإمارات في المهرة، وإضعاف سلطة تشكيلاتها العسكرية التي كانت بدأتها في حضرموت.
كانت السعودية تدرك أنها ستحتكر 42.000 كم مربع من أراضي اليمن في محافظة حضرموت، فضلاً عن المهرة، حيث الثروة النفطية الهائلة والمنافذ البرية والبحرية التي تمنحها لعب دور أساسي في السيطرة على العبور في مياه بحر العرب والمحيط الهندي.
وتحدثت تقارير يومها أنه “لم يعد معسكر الخراخير، كما سمته الرياض في صحراء الربع الخالي، الحد الفاصل بين اليمن والسعودية وفق معاهدة جدة عام 2000م. فقد أقدمت السلطات السعودية على اقتلاع أعمدة الإسمنت التي وُضعت كعلامات حدودية بين اليمن والمملكة في الصحراء، من جوار معسكر الخراخير في محافظة حضرموت، ونقلها مسافة 700 كم إلى مثلث الشيبة على حدود عمان، لتقوم بغرسها ثانية داخل محافظة حضرموت بعمق 60 كم من العلامات الحدودية السابقة، مقتطعة بذلك 42.000 كم مربع من الأراضي اليمنية”، وتهدف السعودية في المنطقة تمرير أنبوب نفط إلى بحر العرب من العمق السعودي، وتواجدت تشكيلات عسكرية موالية للإمارات في حضرموت بالترافق مع التحركات السعودية، لكنها لم تحرك ساكناً، بل ساعدت على تمكين السعودية من بعض تحركاتها في المنطقة، وفقاً لشهادات سياسيين جنوبيين.
ويبدو أن تبادل الأدوار بين أبرز أطراف التحالف في الجنوب بوجه خاص، لم تعد بالشكل الذي فرضته البدايات السهلة وقبل أن تبرز مظاهر احتجاجية وغضب شعبي تجاه تواجد الحليفين وتحويلهما الجنوب إلى استحقاق خاص يُجرى التصرف به وفيه كإقطاعيات مملوكة لهما.
(تقرير/ ياسر حيدرة)