التقرير الأسبوعي عن اليمن في «مراكـز الدراسات الغربية»: أمريكا طرفٌ في الحرب على اليمن وليست بريئة من الجرائم والمأساة الفظيعة
يرى الباحث في مركز البحوث الاقتصادية والسياسية، مارك ويسبروت، أن «دعوة وزير الدفاع جيمس ماتيس لوقف إطلاق النار في اليمن، هي نتيجة مباشرة لتحركات الكونغرس لإنهاء التدخل العسكري الأمريكي».
وكشف ويسبروت، الذي كتب العديد من المقالات حول مسؤولية الولايات المتحدة في إحداث أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بما في ذلك «كيف يمكن للكونغرس إنهاء الحرب في اليمن»، عن أن ماتيس أبلغ أحد الحضور في «المعهد الأمريكي للسلام» أن «الطريقة الوحيدة التي سنحل بها حقًا الحرب في اليمن، هي وقف إطلاق النار في الشهر المقبل».
وأشار ويسبروت، في مقال تحليلي نشره المركز، إلى أن ماتيس «قال ذلك لأنه يخشى أن يتم تمرير مشروع قرار بيرني ساندرز في مجلس الشيوخ، الذي كان قريباً من الحصول على الأغلبية بحصول على 44 صوتاً في المرة الأخيرة، قبل فضيحة خاشقجي، التي أثرت على عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، الذي سيصوتون ضد مساعدة السعوديين على تنفيذ هذه الحرب، وتجويع الشعب اليمني».
ونوه ويسبروت إلى أن ماتيس سبق وأن «وجه دعوة ممثلة لدعم التسوية التفاوضية، في العام 2017»، وأَضاف مستدركاً «لكن وزير الدفاع زعم زوراً، أن لتحالف الذي تقوده السعودية، يبذل كل جهد للحد من سقوط المدنيين، كما أن عارض جهود الكونغرس لإنهاء التدخل العسكري الأمريكي في الحرب باستخدام قرار سلطات الحرب لعام 1973 للمطالبة بسحب القوات الأمريكية، عندما تم التصويت في نوفمبر من العام الماضي، في مجلس النواب بـ366 مقابل30، لإعلان أن التدخل العسكري الأمريكي في الحرب في اليمن كان غير مصرح به».
وأضح أنه «يفضل ماتيس التوصل إلى تسوية تفاوضية قبل أن يقوم الكونغرس بإجبار الجيش الأمريكي على الخروج، أو قبل أن يكون واضحاً بنسبة 100% للعالم بأنه سيتم إجباره على الخروج».
وأكد ويسبروت أن ماتيس «يعلم أن الجيش الأمريكي سوف يُجبر على الخروج، لأن قرار سلطات الحرب للعام 1973، يسمح الأعضاء في الكونغرس، بما في ذلك بيرني ساندرز، ومايك لي في مجلس الشيوخ، ورو خانا في مجلس النواب، الذين قدموا قراراً مشابهاً لسحب الجيش الأمريكي من النزاع، مواصلة جهودهم حتى ينجحوا في تحقيقها».
وأوضح ويسبروت إلى أنه «من وجهة نظر القانون، يمكن لخانا وحلفائه في مجلس النواب، وساندرز وحلفائه في مجلس الشيوخ، الاستمرار في إعادة تقديم هذه القرارات، كما أنه يجب على المجلسين إجراء نقاش والتصويت على المشاركة العسكرية الأمريكية المستمرة».
وختم ويسبروت تحليله بالتأكيد على أنه في «ظل الدعم الكبير الذي حظيا بهما المشروعين اللذان تقدم بهما خانا وساندرز، لأول مرة مجلس النواب في نوفمبر 2017 ، وفي مجلس الشيوخ في فبراير 2018، فإن الأمر بات مسألة وقت فقط حتى يتم تمرير هذه القرارات، وأنه إذا فاز الديمقراطيون في مجلس النواب، فسوف تتسارع العملية».
أمريكا ليست بريئة من مأساة اليمن
أشار «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكي (مؤسسة بحثية)، إلى أنه «وحتى تفجير المدمرة الأمريكية كول في أكتوبر من العام 2000، كان اليمن بالنسبة لصانعي السياسة في الولايات المتحدة، مكاناً لمضغ القات وخطف السياح والذكريات الدافئة، كدرس صيفي لتعلم اللغة العربية في صنعاء أو عدن».
ولفت المجلس إلى أن «هذا النوع من القصص الطريفة والمبهجة التي يروّج لها المسؤولون الأميركيون والطلاب في كثير من الأحيان حول وقتهم يميلون من خلالها إلى التعتيم على السياسة الغامضة والخطرة في هذا البلاد، التي وصف حكمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح السابق بما يشبه الرقص على رؤوس الثعابين».
وأضاف المجلس الأمريكي بالقول:«على الرغم من حقيقة أن صالح كان شخصية تافهة تماماً، فإن إدارتي جورج دبليو بوش وأوباما، اعتبروه شريكاً مهماً في ما وصفوه الحرب العالمية على الإرهاب». لكنه عاد ليستدرك بالقول «حتى مع معايير سوء حكم صالح، فإن الوضع في اليمن اليوم مروع بشكل فضيع».
وأكد المجلس على أن الولايات المتحدة «ليست بريئة من المأساة التي يعيشها اليمن، كون هذا البلد لطالما كان هدفاً لضربات الطائرات بدون طيار على مدار الـ16 عاماً الماضية، والتي على الرغم من أنها تمكنت تدمير تصفية العديد من قادة التنظيمات الإرهابية، فأن هناك أيضاً الكثير من الأخطاء التي أدت إلى محو عائلات بأكملها من الوجود، وتسببت في إصابة الأشخاص الذين يحضرون حفلات الزفاف، وتفجير الأشخاص في الشاحنات الصغيرة الذين تصادف وجودهم في المكان الخطأ، وفي الوقت غير المناسب».
ونوه المجلس إلى أنه «بالنظر إلى حجم المعاناة الإنسانية في اليمن، أصبح دور الولايات المتحدة في دعم السعوديين وشركائهم، الإماراتيين، في الحرب التي يخوضونها في هذا البلد، موضع جدل عميق، باعتبارها طرفاً في الحرب التي أدت إلى انهيار البلاد».
وأشار المجلس إلى أن «في وقت لا يزال اليمنيون يموتون بسبب القتال والجوع والمرض، واصلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة دعمها للسعودية، حيث تم هزيمة مشروع القرار التي وضع للتصويت في الكونغرس، بشأن وقف مبيعات الأسلحة للسعوديين في يونيو 2017، وتكرر الأمر ذاته في ربيع العام 2018، حين قام وزير الخارجية الأمريكي بتجاوز موظفيه ووقع تنازلاً مثيراً للأمن القومي يشهد على جهود المملكة العربية السعودية لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين».
ساحة واحد ولاعبون كُثر
وذهب إلى القول «الحرب بين السعوديين والحوثيين، ليست هي المعركة الوحيدة في اليمن، حيث يوجد الإماراتيون الذين استفادوا من القتال إلى جانب الولايات المتحدة في أفغانستان وفي عمليات مكافحة الإرهاب الأخرى، ويمتلكون جيشاً أكثر فعالية من السعوديين، لكنهم لا يستطيعون إدخال العديد من الطائرات والمروحيات والجنود والضباط».
وأكد المجلس على أن «الإماراتيين، الذين يشاطرون المملكة العربية السعودية الخوف من التدخل الإيراني، قد عملوا تأسيس مع ما يشار إليه في التقارير الإعلامية باسم قوات الحكومة اليمنية لهزيمة الحوثيين، لكنهم ركزوا أيضًا على محاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، حيث حققوا بعض النجاحات التي تم تجاهلها في الغالب».
واعتبر المجلس إن «واحدة من تلك التقلبات التي تميل إلى الظهور في ساحات المعارك المعقدة مع العديد من الجهات الفاعلة التي لديها مجموعة متنوعة من الأهداف السياسية، هو أن الإماراتيين والأمريكيين والحوثيين، يتشاركون في العداء لتنظيم القاعدة» لكنه أكد على أنه بـ«النظر إلى علاقات الحوثيين مع إيران وحزب الله، فأن كل من الإماراتيين والأمريكيين، يرون مسألة تشكيل تحالف معهم ضد القاعدة في اليمن، غير قابلة حتى للنقاش».
واستبعد المجلس أن «يتمكن الحوثيون من الإطاحة بالحكومة السعودية، وإقامة دولة على أساس القرآن»، لكنه أكد في المقابل على قدرتهم في «إجبار السعوديين على إنفاق المزيد من المال على صراع يقدر أنه كلفهم ما بين 100 إلى 200 مليار دولار حتى الآن، وزرع الخوف في قلوب السكان السعوديين بالهجمات الصاروخية التي قد تثير معارضة الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، وتسهم أكثر في كارثة العلاقات العامة العالمية التي شهدتها الرياض من خلال إطالة أمد النزاع».
وقف الحرب لمصلحة السعودية
وأكد المجلس على أن «الإماراتيبن لا يريدون أن يخسر السعوديون، ويريدون توجيه ضربة إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ما يعني أن لديهم التزاماً مفتوحاً لليمن»، ولكنه بيّن في المقابل أن الأولية بالنسبة للولايات المتحدة، والتي ترغب أيضاً في تدمير القاعدة، الآن هي «وقف الحرب، لأنه كلما طال أمدها، كلما ازداد الأمر سوءً بالنسبة للمملكة العربية السعودية، على الرغم من أن مصنعي الأسلحة الأمريكيين يستفيدون من الصراع».
وأوضح المجلس أن «عدم الاستقرار في شبه الجزيرة العربية النابع من خسارة سعودية في اليمن، سيكون انتكاسة إستراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، خاصة وأن إدارة ترامب تشير إلى وجود خط أكثر صرامة على إيران»، مرجحاً أن يكون قرار وزير الخارجية مايك بومبيو «بالسماح للولايات المتحدة بمواصلة بيع الأسلحة وتقديم الدعم اللوجيستي للرياض، هو لكي يزيد الضغط العسكري لهزيمة الحوثيين، أو إجبارهم على الاستسلام».
عواقب «الربيع العربي»
وفي سياق آخر، لفت المجلس، إلى أن التاريخ الحديث لليمن «يقدم تصحيحاً آخر حول عواقب سلطة الشعب التي أطاحت بالزعماء في جميع أنحاء المنطقة في عامي 2011 و 2012 ، بما في ذلك صالح»، مبيناً أن «ذلك لا يعني أن المطالب بالحكومة الأفضل مثل الانتفاضة التي هزت اليمن في عام 2011 كانت سيئة، ولكن بالأحرى كيف يمكن أن تسير السبل على ما يرام، وكيف أن الهوية والثقافة السياسية هي عوامل لا تقدر بثمن في ظل تعقيد ديناميكية التحولات بعد الانتفاضة».
وأشار المجلس إلى أن «الخلافات حول ما هو اليمن، وماذا يعني أن تكون يمني، ومن يمكن أن يقرر هذه الأسئلة التي يتم لعبها في ساحة سياسية تكون فيها كل الثعابين سامة، وتتشابه فيها الديناميات، مع عواقب مختلفة ولكنها مأساوية في كثير من الأحيان».
وأكد المجلس على أن «الأهم من ذلك كله، أن يؤكد صانعو السياسة والمحللين، أن النظام القديم بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة يموت، ولم يعد حلفاء الولايات المتحدة يتصلون بواشنطن قبل أن يتخذوا إجراءات في المنطقة، حيث قام السعوديون بشن حرب في اليمن، من دون أي اعتبار يذكر لوجهات نظر الولايات المتحدة، بينما طالبوا في نفس الوقت بالدعم اللوجيستي للبنتاغون وتدفق الذخائر دون انقطاع، معتبراً ذلك مؤشراً على أن ثقة المسؤولين السعوديين بالولايات المتحدة لم تعد موجودة، لكونهم يشعرون أنهم لا يقدرون مخاوفهم أو دعمهم».
وختم المجلس تقريره بالتنويه إلى أن «الأمريكيين، باتوا متخندقين في حرب ثقافة، ومشغولون بالتهكم على حساب تويتر دونالد ترامب، ولا يبدون شهية تذكر للحروب الحقيقية التي تدور رحاها في الشرق الأوسط، مما يجعل المنطقة في مأزق، حيث سيتم قتل الكثير من الناس».