دعوات وقف الحرب: الغرب يقفز من مركب «التحالف» الغارق
تصاعدت في الآونة الأخيرة الدعوات الغربية، لا سيما الأمريكية، لوقف الحرب في اليمن. وهي دعوات، تختلف في جوهرها عن سابقاتها، لترافقها مع ظروفٍ سياسية صعبة تمر بها المملكة العربية السعودية، على إثر قضية مقتل الصحافي، جمال خاشقجي، وما تلقته من اهتمامٍ دولي، يدين في معظم جوانبه العائلة الحاكمة. إلى جانبِ ذلك، فإن إخفاق الرياض بتحقيق هدفها الأبرز من الحرب، على الرغم من قرب دخولها العام الخامس، شكّل عاملًا ضاغطًا على الدول الداعمة لها، لا سيما وأن الانتهاكات الإنسانية جرّاء القصف والحصار، بات من الصعب تمويهها.
التصريحات الأمريكية تبدو أكثر جديةً هذه المرة وإنْ لم تخرج من دائرتها الإعلامية حتى الآن
تبدو التصريحات الأمريكية الرسمية، أكثر جديةً هذه المرة في إيقاف الحرب، وإنْ لم تخرج من دائرتها الإعلامية حتى الآن، فقد أصبحت الحرب في اليمن مادة تجاذبٍ بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي المتنافسين في الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي المزمع إجراؤها في السادس من الشهر الحالي. وقد عبّرت واشنطن عن رغبتها بإيقاف الحرب من خلال وزير دفاعها، جيمس ماتيس، الذي لم يكتفِ بالدعوة الى إيقاف إطلاق النار، بل وضع جدولًا زمنيًا، لذلك في خلال ثلاثين يومًا.
من جهتها، تلقفت الدول الأوروبية الدعوات الأمريكية، بدعواتٍ مماثلة، تشي إلى حدٍّ ما، بتنسيقٍ غربي شامل، يخفي في طياته محاولاتٍ لإنقاذ الرصيد الاستراتيجي لتلك الدول، في المنطقة، والذي بات مهددًا، بسبب فشل السعودية في الحسم العسكري والسياسي، على الرغم من التغطية السياسية والعسكرية والحقوقية، التي أمنتها الدول الغربية للرياض خلال سنوات الحرب المستمرة. لتعلوا الآن في الدول الغربية، دعوات المنظمات الحقوقية الداعية الى إيقاف الحرب، على تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي ما انفكّ يقول منذ بداية الحرب، إنه «قادر على الحسم خلال أيام».
في الظاهر، يمكن وضع العديد من الاحتمالات للتوجه الغربي – الأمريكي المستجد، والداعي إلى وقف الحرب. لكن في المضمون، فإن تلك الدعوات لا ترتبط بالوضع الإنساني اليمني المتدهور كما هو معلن، والذي ساء بمجرد بدء الحرب وازداد سوءًا تباعًا تحت أعين الدول ذاتها ودعمها للمتسبّب به، بل إن تلك الدعوات، ترتبط بالمصالح الغربية الخاصة، إذ إن الدول الداعمة للمملكة، أصبحت تنظر إلى الحرب على أنها «تورط في الإخفاقات السعودية»، من دون أي مكاسب تستحق التضحية بالرصيد الأخلاقي المزعوم، فالمنظمات الحقوقية الدولية وما يصدر عنها من تقارير تدين «التحالف»، كان من الممكن غربيًا القفز فوقها أو تمويهها على أقل تقدير، في حال قدّمت الرياض مكاسب سياسية وعسكرية يمكن استغلالها والترويج لها. وفي هذا السياق، يبقى السؤال الأبرز، كيف سيتعامل أطراف الصراع في اليمن، مع الدعوات الغربية، في ظلِّ تباينِ واضح لوجهات النظر منها؟