كل ما يجري من حولك

أمريكا تسعى لتوريط أوروبا في حرب ترمب على اليمن لدفع التكاليف وتحمّل جزء من الهزيمة

51

أمريكا تسعى لتوريط أوروبا في حرب ترامب على اليمن لدفع التكاليف وتحمّل جزء من الهزيمة

خاص – المساء برس|

نشر موقع National Interest تقريرًا تحليليًا بعنوان: “لماذا ينبغي لأوروبا أن تبذل المزيد من الجهود لردع الحوثيين؟”، كتبه الباحث الأمريكي تشاد كونكل، تناول فيه تعثر الإستراتيجية الأمريكية بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب في اليمن، مسلطًا الضوء على حجم التناقضات في النهج الأمريكي إزاء الأمن والتجارة العالمية، وتراجع فعالية العمليات العسكرية ضد أنصار الله في البحر الأحمر.

🇺🇸 أزمة استراتيجية أمريكية: قصف بلا نتائج

وسلط التقرير الضوء على فشل الحملة الأمريكية المكثفة في ردع القوات المسلحة اليمنية رغم إنفاق 4.86 مليار دولار على العمليات في البحر الأحمر، حيث لم تتمكن الغارات والضربات الصاروخية – رغم كثافتها – من إضعاف قدرات اليمن أو إعادة حركة التجارة الإسرائيلية وقبلها الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية إلى طبيعتها، وهو ما يشكّل ضربة قاسية لما يسمى بـ”عملية الفارس الخشن” التي أطلقها ترمب منتصف مارس الفائت.

وبحسب التقرير، فإن الولايات المتحدة تستهلك ذخائر باهظة ومحدودة في هذه الحملة، مثل طائرات MQ-9 Reaper وصواريخ توماهوك، في حين يستخدم الحوثيون طائرات وصواريخ منخفضة الكلفة لكنها فعّالة. وهو ما يجعل المعركة أشبه بحرب استنزاف فاشلة للولايات المتحدة.

اعتراف ضمني بالفشل العسكري

ويشير الكاتب إلى أنه “حتى لو نجحت الغارات مؤقتًا في تقليص هجمات الحوثيين، فإن النتائج لن تكون دائمة، فطالما لم تُهزم الجماعة ميدانيًا أو تُحل جذور الصراع في غزة، فإن التهديد سيعود مجددًا، خاصة مع قدرة الحوثيين على استعادة قوتهم وابتكار وسائل جديدة للهجوم”.

ويُبرز التقرير المعضلة التي تواجهها واشنطن بتساؤل: كيف تقاتل لحماية التجارة العالمية بينما تدمرها داخليًا عبر الحروب التجارية؟ في إشارة إلى سياسات ترامب الاقتصادية المتشددة، والتي تتناقض مع تحركاته العسكرية لحماية طرق التجارة الدولية.

🇪🇺 دعوة لتوريط أوروبا ودفع التكلفة

التقرير لا يحمّل أمريكا وحدها العبء، بل يطالب أوروبا – خصوصًا القوى المعتمدة على قناة السويس – بتحمّل ما يسميها التقرير “مسؤولياتها الدفاعية في البحر الأحمر”، معتبرًا أن أمن التجارة يجب أن يُدار من قبل الأطراف الأكثر استفادة منها، بدلًا من استمرار الاعتماد على أمريكا التي بدأت تتراجع عن التزاماتها العالمية.

وفي هذا السياق، استشهد الكاتب بتصريح نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في محادثة مسربة، عبّر فيه عن امتعاضه من أن واشنطن “تُنقذ أوروبا مجددًا”، مشيرًا إلى أن صراع البحر الأحمر يجب أن تتحمل أوروبا كلفته السياسية والعسكرية.

ويبدو من التقرير الأمريكي أن واشنطن تمارس حملة ضغط إعلامية على أوروبا لتحمل تكاليف وتبعات مغامرات ترامب وإدارته في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي لا ترى فيه أوروبا أي ضرورة لشن حرب على اليمن طالما أن تجارتها التي تمر عبر البحر الأحمر لا تتأثر بقرارات صنعاء وحصارها على الاحتلال الإسرائيلي فهي في مأمن ولا تريد أن تدخل في عراك وصراع عسكري مع اليمن كي لا تخسر هذا الممر الحيوي الهام لتجارتها التي تمر منه 40% منها سنوياً.

توصية: كفى تورطًا في حروب الشرق الأوسط

واختتم التقرير، يدعو تشاد كونكل الرئيس ترامب إلى التخلّص من إرث التدخلات المكلفة في الشرق الأوسط، وقال إن على واشنطن أن تضغط على القوى الإقليمية مثل مصر وأوروبا لما أسماها “تحمل مسؤوليتها في أمن البحر الأحمر”، وقال إن خوض أمريكا هذه الصراعات ليست في صرب مصلحتها الاستراتيجية وعليها أن تحرر نفسها من هذا العبء والتركيز على المواجهة الكبرى المحتملة في المحيطين الهندي والهادئ مع الصين.

التقرير الأمريكي الذي نشرته “ناشيونال إنترست” رغم دفاعه الضمني عن انسحاب أمريكي جزئي من الشرق الأوسط، إلا أنه يكشف بوضوح حجم النجاح الإستراتيجي للعمليات اليمنية في البحر الأحمر، التي أدّت إلى فشل الردع الأمريكي رغم الإنفاق العسكري الهائل، وعجز التحالف الدولي بقيادة واشنطن عن استعادة السيطرة البحرية، واعترافاً ضمنياً بأن الحل ليس عسكريًا، بل سياسي ودبلوماسي مرتبط بوقف العدوان على غزة.

وما يتناوله اليوم الإعلام الأمريكي يُثبت أن الجبهة اليمنية استطاعت تغيير موازين القوة، وفرض معادلة ردع غير مسبوقة في وجه أعتى الجيوش العالمية، مستفيدة من قوة الإرادة والارتباط بالمظلومين في غزة.

You might also like