كل ما يجري من حولك

تفاصيلُ واقعة كويا: السوريون يلفُظون الاحتلال

46

متابعات..| تقرير*

شهدت بلدة كويا في ريف درعا الغربي، أول أمس، اشتباكات عنيفة عقب محاولة قوات إسرائيلية اقتحامها واعتقال شبان منها، ما دفع الأهالي إلى التصدي لها، الأمر الذي قوبل بهجوم إسرائيلي عنيف، تخلله قصف جوي ومدفعي، أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من أبناء البلدة، وموجة نزوح جماعي منها ومن القرى المحيطة بها، تبعتها عودة عشرات العوائل إلى البلدة أمس، وسط مخاوف من تكرّر هذا العدوان.

ويشرح مفلح السليمان، وهو شقيق أحد الشهداء الذين ارتقوا خلال المواجهات مع العدو، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «توغل قوات الاحتلال بدأ قرابة الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء، ومع علم سكان القرية باقتراب العدو، توجّهت على الفور مجموعة من الشبان، حاملين بنادق كلاشينكوف إلى أطراف منطقة وادي اليرموك، وتمكّنوا بالفعل من محاصرة القوة الراجلة التي كان العدو قد أرسلها في اتجاه القرية، لكن تدخل الطيران المروحي والمُسيّر وقصف البلدة بنيران المدفعية والدبابات أفضيا إلى استشهاد ستة من الشبان، بالإضافة إلى إصابة 7 مدنيين، بينهم ثلاث نساء، واحدة منهن بُترت ساقها».

وعلم مراسل «الأخبار»، خلال تواجده في منطقة حوض اليرموك، المستهدفة بشكل مستمر من قبل العدو، أن العوائل التي نزحت «توزّعت بين الأراضي الزراعية في محيط كويا، والمدارس في قريتَي الشجرة وجلين». ويقول أبو محمد الحسين، أحد سكان كويا النازحين، في حديثه إلى «الأخبار»: «بعضنا بات في العراء بعد أن فرّ على قدميه، والبعض الآخر تمكّن من حزم بعض الأمتعة الضرورية من بيته، ليتجه إلى منطقة آمنة بعد أن كان من المحتمل أن تقوم قوات الاحتلال باقتحام البلدة وممارسة أي نوع من الانتهاكات المعروفة عن الكيان»، لافتاً إلى أن «أهالي القرى المحيطة قدّموا لنا يد العون، من دون أي مبادرة رسمية».

أما حسن الحسين، وهو من سكان بلدة كويا الذين لم يغادروها رغم التهديدات الإسرائيلية، فيقول إن «العدو احتلّ نقطة الصفر وثكنة الجزيرة من اليوم الثاني لما بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومنذ ذلك الحين وهو يستفز السكان ويضيّق على حياتهم المعيشية من خلال حظر دخول السكان إلى منطقة وادي اليرموك، وتحديداً الجزء الواقع بالقرب من قرية معرية، وسط عمليات اقتحام مستمرة لقرى المنطقة، من دون أي رد فعل من قبل السلطات في دمشق، أو حتى من قبل «قوات مراقبة فضّ الاشتباك التابعة للأمم المتحدة» (يوندوف) والتي تتواجد في نقطة بالقرب من قرية جملة. ويعرب الحسين عن خشيته من «التطبيق الإسرائيلي لسياسة التهجير لسكان الجنوب السوري، في حال عدم حدوث أي تحرك جاد من قبل الحكومة السورية والمجتمع الدولي».

توالت المواقف الدولية التي أدانت العدوان الإسرائيلي على كويا

وإزاء العدوان الإسرائلي، حمّل محافظ القنيطرة المعيّن من قبل الحكومة الانتقالية، أنور الزعبي، في تصريحات إعلامية، «جيش الاحتلال مسؤولية وقوع الضحايا». ودان «انتهاكاته المتكررة في عدوانه على الأراضي السورية»، في حين أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً دعت فيه السكان إلى التمسك بأرضهم و«رفض أي محاولات للتهجير أو فرض واقع جديد بالقوة»، مؤكدة أن «هذه الاعتداءات لن تثني السوريين عن الدفاع عن حقوقهم وأرضهم». كما طالبت الخارجية السورية المجتمع الدولي بـ«إجراء تحقيق» في الجرائم المرتبكة بحق الأبرياء والاعتداءات الإسرائيلية.

كذلك، توالت المواقف الدولية المُدينة للعدوان الإسرائيلي على كويا، ومن بينها ما صدر عن الأردن والسعودية. كما أعرب المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، ستيفان شنيك، عن «قلق» بلاده العميق إزاء التقارير الواردة حول سقوط ضحايا مدنيين في غرب درعا، مشدّداً على «ضرورة التزام جميع الأطراف بأقصى درجات ضبط النفس». وإذ طالب بـ«انسحاب القوات الأجنبية» من سوريا، فهو أشار إلى «أهمية تهيئة بيئة مستقرة تُمكّن السوريين من التركيز على مسارهم السياسي الوطني».

وإذ تزامن العدوان الإسرائيلي مع عقد اجتماع لـ«مجلس الأمن»، ناقش الملف السوري، وخصوصاً المجازر التي ارتُكبت في الساحل، شهدت تلك الجلسة إدانات للاعتداءات الإسرائيلية من قبل قطر وتركيا. وفي الوقت نفسه، دعا المندوب الروسي، ديمتري بوليانسكي، إسرائيل، إلى «العودة للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية فض الاشتباك، وسحب وحداتها من المنطقة العازلة والأراضي السورية الأخرى المحتلة منذ كانون الأول 2024»، الأمر الذي ردّ عليه القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في روسيا، ألكسندر بن تسفي، بتصريحات نقلتها وكالة «تاس الروسية»، ادّعى فيها بأن التحركات الإسرائيلية في سوريا تهدف إلى «ضمان الأمن القومي لإسرائيل».

وزعم أن التحركات الإسرائيلية في سوريا تتعلق حتى الآن بالمناطق الحدودية، مشيراً إلى أن عدة عمليات، غالبيتها نفّذها سلاح الجو الإسرائيلي، استهدفت عمق الأراضي السورية، وذلك في إطار العمليات العسكرية لتل أبيب، مضيفاً أن «المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان تعرّضت لهجمات في هذا الإطار، لكن ليس لدى إسرائيل أي خطط على الإطلاق لغزو سوريا أو أي شيء من هذا القبيل»، على حدّ وصفه.

* الأخبار البيروتية
You might also like