كل ما يجري من حولك

الاحتلال الدائم لسوريا ليس خياراً: أصواتٌ إسرائيلية «من خارج الصندوق»

26

متابعات..| تقرير*

على الرغم من «الإنجازات» التي دأبت على الترويج لها في حربها المتواصلة في المنطقة، لا تزال إسرائيل، على ما يبدو، غير مقتنعة بإمكانية تحقيق أهدافها التوسعية عبر الاحتلال العسكري المباشر للدول المجاورة لها، وهو ما يدفع بالعديد من المراقبين الإسرائيليين والغربيين إلى التأكيد أنّ تطبيع العلاقات مع بلدان من مثل سوريا ولبنان، أو اللعب على وتر الأقليات لجذبها إلى «الحضن» الإسرائيلي، يبقيان من بين غايات بعيدة المنال إلى الآن.

وعليه، وفي ما يتعلق بسوريا تحديداً، فإنّ تهاون السلطة الجديدة في دمشق مع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، ساهم في بروز بعض الدعوات والخطط إلى «تطبيع غير مباشر» بين إسرائيل وكلّ «الأطراف» المختلفة في سوريا، جنباً إلى جنب إنتاج «إطار جديد للعلاقات الثنائية».

وفي هذا السياق، يجادل مراقبون، ومن بينهم ديفيد شينكر، الذي يتولى حالياً منصب مدير «برنامج السياسة العربية» في «معهد واشنطن»، بأنّه فيما ينبغي «تشجيع» إسرائيل على تعزيز أمنها من خلال الاستمرار في «بناء شراكات عبر حدود» الدول المجاورة لها، إلا أنّ أي جهود لتشكيل «قوة جديدة تعمل بالوكالة» عنها في سوريا، لن تكون بمثابة قرار «حكيم»، على غرار ما حصل عندما دعمت إنشاء «جيش لبنان الجنوبي» قبل عقود.

وفي حال أبقت إسرائيل قواتها متمركزة خارج منطقة «قوة الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك»، فإنّ ذلك قد يشجّع، طبقاً للمصدر نفسه، «ظهور المزيد من التطرف والتهديدات الإرهابية بمرور الوقت»، و«يقوّض، بالتالي، الأمن الإسرائيلي والاستقرار السوري»، ولا سيما أنّه «على الرغم من تصريحات أحمد الشرع السابقة حول نيته تجنب الاحتكاك مع إسرائيل، إلا أنّ حكومته المحاصرة تشكو، حالياً، من انتشار الجيش الإسرائيلي»، وسط معلومات تفيد بـ«بدء تشكّل مجموعات (مقاومة) لمحاربة الاحتلال».

وعلى الرغم من إعلان واشنطن، في عهد دونالد ترامب، نيتها «عدم الانخراط في سوريا»، باعتبار أنّ الأخيرة هي «أرض الفوضى»، فإنّ أصحاب الرأي المتقدّم يجادلون بأنّه في غياب التدخل الدبلوماسي الأميركي، فمن المرجّح أن يزداد الوضع «فوضوية»، ما سيؤثّر سلباً على «أولويات ترامب السياسية الأوسع في الشرق الأوسط»، ولا سيما في ما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية – التركية المتوترة؛ إذ إنّه في حال تحوّلت سوريا إلى «دولة ضعيفة مقسّمة بين نفوذ تركي وآخر إسرائيلي دائميْن»، فهي ستصبح موقع «احتكاك وصراع مستمريْن بين حليفين رئيسيين للولايات المتحدة».

وفي خضمّ تولّد قناعة بعدم جدوى استمرار «الاحتلال» الإسرائيلي للأراضي السورية، بدأ البعض، في إسرائيل، بطرح «استراتيجيات» لتطبيع «غير مباشر» للعلاقات بين «تل أبيب» ودمشق. وفي هذا الإطار، يوضح المعلّق والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إيهود يعاري، في تقرير نشره «معهد واشنطن» أخيراً، معالم خطة إسرائيلية محتملة في سوريا، ترتكز، بشكل رئيسي، على فتح «حوار مباشر» مع الحكومة الانتقالية هناك، بهدف إنتاج «إطار جديد» للعلاقات الثنائية، يضمن إنهاء «حالة القتال الدائم بشكل فعّال، وقبول العلاقة الإسرائيلية (الخاصة) بدروز سوريا»، جنباً إلى جنب التنسيق في جميع أنحاء الجنوب السوري، والتعاون ضدّ «حزب الله» وإيران.

إذا أبقت إسرائيل على قواتها في سوريا، فإنّ ذلك سيشجّع «المزيد من التطرف والتهديدات والمقاومة»

وينصح معدّ التقرير إسرائيل بالتخلي عن فكرة إحياء «دولة درزية»، كتلك التي كانت موجودة خلال معظم فترة الانتداب الفرنسي لسوريا، لأسباب عدة، من بينها أنّ الأكراد، وبتشجيع من واشنطن، تمكّنوا من إبرام صفقة مع حكومة الشرع، لدمج قواتهم في الجيش السوري الجديد. والأهم، طبقاً للمصدر نفسه، أنّ المحادثات التي أجريت مع المسؤولين المحليين، جنباً إلى جنب المراقبة اليومية للتطورات في الجنوب السوري، تشير إلى أن العديد من الدروز يفضّلون البقاء جزءاً من سوريا، على الرغم من سعيهم إلى إرساء علاقة «مختلفة» مع الحكومة في دمشق، على أساس اللامركزية وتقييد وجود القوات الأمنية التابعة للسلطة وسائر أجهزتها. وينسحب الأمر نفسه على فكرة ضمّ إسرائيل للمناطق ذات الأغلبية الدرزية، نظراً إلى أنّ «الأقلية» منهم، أعربت عن اهتمامها بمثل ذلك الخيار، وإن كان عدد كبير منهم يؤيّدون علاقات «أوثق وأكثر انفتاحاً» مع إسرائيل.

وإذ يبدو من الواضح أن الشرع يطمح إلى تجنب المواجهة مع إسرائيل «خلال السنوات القليلة المقبلة، إن لم يكن بشكل دائم»، بينما لدى إسرائيل «مصلحة واضحة في استقرار جبهة الجولان»، فإن من بين أبرز «الالتزامات» التي يجب التوصّل إليها، طبقاً للرأي المتقدّم، موافقة إسرائيل على عدم دفع الدروز أو أي من الجماعات الأخرى في الجنوب السوري إلى «الانفصال عن دمشق»، بشرط أن تقبل حكومة الشرع بـ«العلاقات الخاصة» بين الطائفة الدرزية وإسرائيل، والتي سترتقي إلى مستوى «التطبيع»، بالإضافة إلى استبدال «اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل عام 1972»، بأخرى ترسّخ «توسيع نطاق القيود المفروضة على أعداد القوات وأنواع الأسلحة»، فضلاً عن إنشاء آلية للرصد والتنسيق.

ويمكن، بحسب التقرير، ضمان مراقبة طرف ثالث للاتفاقية الجديدة، إما عبر «الأمم المتحدة»، أو تشكيل «منظمة جديدة بقيادة أميركية». كما تشدّد التوصيات المشار إليها على ضرورة تبادل المعلومات الاستخباراتية للمساعدة في «تفكيك الخلايا المسلحة الفلسطينية في سوريا»، والتي تتطلب «المزيد من الجهود» من السلطة السورية، التي باشرت ذلك بالفعل. وفي إشارة إلى ضرورة تعزيز «التواصل» السوري – الإسرائيلي، يردف المصدر نفسه أنّ على إسرائيل أن تنسّق أنشطتها، في «المحافظات الحدودية السنية»، مع العشائر المحلية، منعاً لـ«الاصطدام» بها، جنباً إلى جنب التعاون لمنع عودة «الحرس الثوري الإيراني» و«حزب الله» إلى سوريا.

وإذ يشدّد الخبير الإسرائيلي على أن «حسم» الشرع لقضية مزارع شبعا، «بأنها أرض سورية»، سيساعد في إضعاف «سردية حزب الله»، بالإضافة إلى تسهيل المفاوضات، التي عادت إلى الواجهة مجدّداً، حول ترسيم «الحدود اللبنانية – الإسرائيلية»، فهو ينصح، كـ«حل» لمشاكل سوريا الاقتصادية، ينصح الخبير الإسرائيلي بإعادة إحياء خطة المبعوث الأميركي السابق، عاموس هوكشتين، حول «خط الغاز العربي»، والذي يمر عبر الأردن، بهدف «ضخ الإمدادات الإسرائيلية إلى سوريا».

* الأخبار

You might also like