العدو يستأنف المجازر في غزة: قادة حكوميون وإعلاميون من بين الضحايا
متابعات..| تقرير*
أعاد جيش الاحتلال، في ليلة واحدة، مشاهد خمسة عشر شهراً من الحرب: نحو ثمانين غارة استهدفت في تمام الساعة الثانية بعد منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء، عشرات المنازل المأهولة بالسكان من أقصى شمال القطاع إلى جنوبه. وقضى في العملية الجوية المركّزة، والتي أٌعلن من خلالها انتهاء وقف إطلاق النار والعودة إلى الحرب، كوكبة من القيادات السياسية والحكومية لحركة «حماس»، وقادة عسكريون وإعلاميون في حركة «الجهاد الإسلامي»، علماً أن الاحتلال تعمّد إيقاع أكبر عدد من الضحايا في الوقت نفسه؛ إذ ألقت الطائرات الحربية قنابل ثقيلة تسبّبت بدمار مربعات بأكملها مكتظة بالأهالي النائمين.
ووفقاً لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد تسببت العملية الجوية بارتقاء أكثر من 400 شهيد، 174 منهم من الأطفال و89 منهم من النساء، و32 من كبار السن و109 من فئة الرجال، ما يعني أن نسبة الضحايا من الأطفال والنساء والمسنين بلغت 73% من إجمالي عدد الشهداء. ومن بين هؤلاء، نعت «حماس» ستة من قياديّيها، وهم: رئيس مكتب متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، وعضو المكتب السياسي للحركة ياسر حرب، ووكيل وزارة العدل المستشار أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية في غزة اللواء محمود أبو وطفة، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي بهجت أبو سلطان، وقائد جهاز الأمن العام أيمن اصليح.
كذلك، نعت «الجهاد الإسلامي» الشهيد القائد ناجي أبو سيف (أبو حمزة)، وهو الناطق العسكري باسم سرايا القدس، والقائد حسن الناعم، وهو قائد «سرايا القدس» في المناطق الجنوبية. كما نعت «ألوية الناصر صلاح الدين»، القائد محمد البطران، وهو قائد وحدة المدفعية وعضو المجلس العسكري في لواء الوسطى، علماً أن هؤلاء استشهدوا برفقة عدد كبير من أفراد عائلاتهم وجيرانهم وأقربائهم.
وفي مدنية جباليا البلد شمال القطاع، حيث استهدفت الطائرات الحربية بناية سكنية، كان واضحاً أن حجم القنابل المستخدمة في الهجوم، تجاوز ما يتطلّبه الهدف بأضعاف؛ إذ أتى القصف على مربع سكني بأكمله، قضى فيه العشرات من جيران المنزل وهم نيام. وتكرّرت الحالة نفسها في استهداف منزل عائلة قريقع في حي الشجاعية، حيث تسبب القصف بارتقاء أكثر من ثلاثين شهيداً من أبناء العائلة وسكان المنازل المحيطة. كما تكرّر الأمر في الغارات التي طاولت مخيم النصيرات وسط القطاع، ومدينة خانيونس جنوبه.
وفي المستشفيات، بدا المشهد مأساوياً، حيث كان المئات من الشهداء والجرحى يصلون عبر العربات التي تجرّها الدواب والسيارات المدنية إلى الباحات الخارجية ويُلقى بهم على الأرض، بعدما امتلأت الأسرّة، وسط انهيار تام في المنظومة الصحية المتهالكة أصلاً. وفي الصباح، تكررت مشاهد الجنازات السريعة والمقابر العشوائية مجدّداً، والتي لم تغادر ذاكرة الغزيين أصلاً، في حين ألقى جيش الاحتلال منشورات تطالب الأهالي في مدينة بيت حانون شمال القطاع وبلدة خزاعة وعبسان الكبيرة والصغيرة شرق مدنية خانيونس، بالإخلاء إلى المناطق الغربية والمناطق الآمنة لأن الأولى ستتحول إلى «منطقة قتال خطيرة».
في المقابل، دار حديث طويل، في الإعلام العبري، عن حدود العملية الجوية وأهدافها. وقدّر محللون عسكريون أن العملية التي أطلق عليها جيش الاحتلال اسم «السيف والشجاعة»، ستكون «متدرّجة»، وتقتصر على الاغتيالات لقيادات عسكرية، بما يهدف إلى تقويض البنية الحكومية لحركة «حماس»، وتسليم غزة لحكم عشائر موالية لإسرائيل، وأن الهجوم لن يتطور في الوقت القريب إلى عملية برية كبرى. لكنّ رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قال في مؤتمر صحافي مساء أمس: «مدّدنا وقف إطلاق النار لأسابيع دون أن نتسلّم أسرى، وأرسلنا وفوداً إلى الدوحة كما قبلنا مقترح المبعوث (الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف) ويتكوف، لكن في المقابل، حماس رفضت كل العروض، سنواصل الحرب حتى تحرير كل المختطفين والقضاء على حماس وضمان ألّا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل».