كل ما يجري من حولك

سببٌ آخر للموت في غزة: انهيار المباني المتضرّرة

25

متابعات..| تقرير*

تدخّلت العناية الإلهية، مساء أمس، لإنقاذ ثلاث عائلات من موت محقّق، إثر انهيار منزل مكوّن من ثلاثة طوابق في حي الفاخورة غرب مخيم جباليا شمال قطاع غزة. وكانت الحادثة بدأت عندما سمع سكان المنزل أصوات حجارة تتساقط، واستشعروا من بعدها اهتزازاً في أرضية البيت. ويقول محمد خريس، أحد سكان المنزل، في حديثه إلى «الأخبار»: «لم نتخيّل أن ينهار المنزل بهذه السرعة، شعرنا فجأةً بتحرّك مخيف في الأرضية، فهربنا إلى الشارع في اللحظة الأخيرة قبل أن يسقط علينا».

ويضيف: «لجأنا إلى هذا البيت ونحن نعلم أنه آيل إلى السقوط وغير صالح للسكن بسبب تدمير الاحتلال لأعمدته الرئيسية، لكنّ البقاء تحت سقف من الإسمنت، حتى لو كان مهدّداً بالسقوط، أهون بكثير من العودة إلى الخيمة، التي هي جحيم آخر كنا ننتظر نهاية الحرب للخلاص منه».

وعلى إثر الانهيار، تجمّعت العائلات المنكوبة قرب الركام الذي كان حتى لحظات مضت منزلها الوحيد. وتقول أم محمد التي تقف حائرة أمام مصير مجهول: «أصبحنا الآن في الشارع، لا نملك حتى خيمة نحتمي بها، بذلنا ما بوسعنا لترميم البيت بعد وقف إطلاق النار، وأنفقنا آخر ما تبقّى لدينا من مال في سبيل أن نعيش هنا في انتظار الفرج، لكننا اليوم أمام كارثة أكبر من كل مصائب الحرب». على أن حادثة الفاخورة ليست الأولى من نوعها؛ إذ شهد قطاع غزة، خلال الشهرين الماضيين، عشرات الحوادث المشابهة، والتي كان أبرزها انهيار مبنيين سكنيّين في حي الكرامة شمال غرب غزة، مطلع الشهر الجاري، بالإضافة إلى انهيار مبنىً آخر في مخيم جباليا.

يجد السكان أنفسهم مجبرين على البقاء في البيوت المهددة بالانهيار لانعدام البدائل

ولتجنّب سقوط ضحايا، يطلق جهاز الدفاع المدني تحذيرات مستمرّة إلى السكان بضرورة عدم الإقامة في هذه المباني. وفي هذا السياق، يقول محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، إن «هناك آلاف المنازل التي تعرّضت لتدمير جزئي خلال الحرب الأخيرة، والمهدّدة بالانهيار في أي لحظة على رؤوس ساكنيها، ورغم تحذيراتنا، إلا أن السكان يجدون أنفسهم مجبرين على البقاء فيها لانعدام البدائل»، في حين يحذّر المهندس فتحي أحمد من أن الخطورة قد تتفاقم بصورة كبيرة في حال تجدّد القتال، خصوصاً إذا لجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى استخدام القنابل الارتجاجية مرة أخرى.

ويشير أحمد، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «عشرات آلاف المنازل التي لم تُدمّر بالكامل، قام الاحتلال الإسرائيلي خلال عملياته الأخيرة في شمال القطاع بتفجير الأعمدة الرئيسية فيها بأسلوب احترافي، ولذلك، فإن أي قصف جديد سيؤدّي إلى انهيارها بشكل فوري»، مضيفاً أن «الأسر التي تعيش تحت هذه الأسقف معرّضة لخطر الموت أكثر من أي وقت مضى، في ظلّ إصرارها على البقاء بعيداً عن مراكز الإيواء والخيام».

ويأتي ذلك في وقت تزداد فيه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، سوءاً، في ظلّ تنصّل سلطات الاحتلال الإسرائيلي من التزاماتها الإنسانية في المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، إذ كان من المقرّر إدخال نحو 22 ألف «كرفان» (بيت جاهز) مخصّص لإيواء العائلات التي فقدت منازلها، إلا أن العدو لا يزال يرفض إدخالها، كما يعرقل دخول المعدّات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وفتح الطرقات.

* الأخبار

You might also like