كل ما يجري من حولك

جاهزون لصدّ «أيّ عدوان»: إيران تواكبُ التصعيد الأمريكي

28

متابعات..| تقرير*

مع انطلاق الغارات الأميركية على اليمن، مساء السبت، لم يوفّر المسؤولون الأميركيون، بدءاً بالرئيس دونالد ترامب، ووزير خارجيته ماركو روبيو، وصولاً إلى مستشار الأمن القومي مايكل والتز، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، إيران من تحذيراتهم، بعدما أكّدوا أنهم يبعثون بـ»رسالة» إلى الجمهورية الإسلامية، من خلال العملية ضدّ «أنصار الله»، من أجل «وقف دعم» الحركة. وفي أحدث تصريحاته، قال ترامب، أمس، إن «إيران ستُحاسب، وستتحمّل عواقب وخيمة عن كل رصاصة يطلقها الحوثيون من الآن فصاعداً»، متّهماً إيّاها بـ»تزويد الإرهابيين بالأموال والمعدات العسكرية المتطوّرة».

وفي طهران، تبلور انطباع بأن العدوان على اليمن يمثّل خطوة إضافية على طريق تضييق الخناق على الجمهورية الإسلامية، وعلى «جبهة المقاومة»، ولا سيما بعد رسالة ترامب الأخيرة إلى المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، أمس، رداً على سؤال حول تهديد الولايات المتحدة، إيران، بعد الهجمات العسكرية على اليمن: «سنردّ بشكل حاسم على أيّ عدوان على سلامة أراضينا وأمنها ومصالحها الوطنية». ورأى أن «محاولة ربط عمليات الشعب اليمني المقاوم والبطولي بالآخرين، تأتي في إطار محاولة التعويض عن إخفاقاتهم وفشلهم في الأشهر العشرين الماضية»، لافتاً إلى أن «اليمنيین، سواء الشعب أو الحكومة، يتّخذون قراراتهم بشكل مستقلّ».

وعلى المنوال نفسه، جاء تعليق القائد العام لـ»الحرس الثوري»، حسين سلامي، أولَ أمس، الذي قال إن «إيران لن تبادر إلى الحرب، لكن إذا هدّدنا أحد، فإنّنا سنردّ عليه رداً ساحقاً». وأكّد أن ربط عمليات «أنصار الله»، بطهران، «غير صحيح»، وأن «اليمنيين شعب مستقلّ وحرّ في وطنهم، ويتابعون سياسات مستقلّة». ورداً على تحذير ترامب للجمهورية الإسلامية على خلفية دعمها الجماعة اليمنية، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي توجّه، الأحد، إلى العاصمة العمانية مسقط، إنه «لا يحقّ لواشنطن إملاء السياسة الخارجية لإيران».

إلقاء نظرة على العقوبات الأوروبية الأخيرة، يُظهر أنهم اتّخذوا من إجراءات «أنصار الله»، مستمسكاً لفرض عقوبات على إيران

وتزامناً مع العدوان العسكري الأميركي على اليمن، لفتت الزيارة المفاجئة لعراقجي إلى مسقط، انتباه المراقبين، وأثارت تكهنات عما إذا كان الردّ الإيراني على رسالة ترامب، قد حُمل إلى سلطنة عمان. ومع ذلك، فإن هذا الاحتمال يبقى ضئيلاً، بالنظر إلى أن العرف الدبلوماسي يقتضي أن يتمّ تسليم الردّ للإمارات، بوصفها القناة الوسيطة. على أن سلطنة عمان تُعدّ أقدم قناة للتواصل بين إيران وأميركا، ما يرجّح أن يكون رئيس الدبلوماسية الإيرانية قد توجّه إليها لإجراء مشاورات على خلفية الهجوم الأميركي على اليمن.

مشاوراتُ ربّما تتمثّل في توجيه تحذير إلى الجانب الأميركي، أو تسلُّم رسالة وتسليم أخرى، على اعتبار أن التصعيد ضد صنعاء، وردّ «أنصار الله» عليه، يشيران إلى احتمال اندلاع أزمة جديدة. وبالفعل، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن زيارة عراقجي كانت بهدف إجراء «مشاورات حول تطوّرات اليمن والعدوان العسكري الأميركي، فضلاً عن دراسة آخر مستجدات العلاقات الثنائية»، فيما لفت بقائي إلى أن «زيارة وزير الخارجية إلى عمان لم تكن مرتبطة برسالة ترامب، وتمّ التخطيط لها مسبقاً، والحقيقة هي أن التطوّرات في المنطقة سريعة إلى درجة أنها تتطلّب من دول المنطقة إجراء مشاوراتها بشكل مكثّف».

من جهتها، تطرّقت صحيفة «جوان» القريبة من «الحرس الثوري»، إلى محاولات ترامب ربط إيران باليمن، لافتةً إلى أن «أميركا تسعى، في هذه المرحلة، وبدقّة عالية، إلى بدء لعبة جديدة من عدّة طبقات ضدّ طهران». وأضافت أن «ترامب توصّل، في التحليلات الجديدة التي يكمن مصدرها في اللوبي العبري والعربي، إلى هذه النتيجة، أي أن يبدأ مواجهة لعدة أشهر ضمن عملية تزايد التصعيد، لتكون نتيجتها تراجع المقاومة في المنطقة».

وفي مقال تحليلي، رأت صحيفة «خراسان»، بدورها، أن «الغارات الأميركية على اليمن، يمكن اعتبارها رسالة إلى إيران، وجزءاً من الضغوط القصوى الفعلية، بهدف إرغام (طهران) على الدخول في محادثات (مع واشنطن)، فضلاً عن كونها ردّ فعل على رفض إيران طلب ترامب إجراء مفاوضات، وعدم اهتمامها بالرسالة التي بعث بها ترامب، والتي لم يتّضح مضمونها بعد؛ بيد أن بعض وسائل الإعلام ذهبت إلى القول إنه طُلب بطريقة ما من إيران أن تتخلّى عن دعمها لحلفائها في اليمن ولبنان والعراق». واستبعدت الصحيفة أن «يُنهي الحوثيون هجماتهم. وعلى رغم أنه قد يحصل توقّف قصير فيها، لكن أغلب الظنّ أن يعتبر اليمن وإيران أن وقف الهجمات في هذا الظرف بالذات، يعطي إشارات ضعف لترامب، وهو ما يؤدي إلى تجرّؤ الأخير أكثر».

من جانبها، أشارت صحيفة «هم ميهن» إلى أنه «في حال استهدف الحوثيون القواعد الأميركية في المنطقة وفقاً للتهديدات الأخيرة، فإن أزمة شاملة لا تستسيغها إيران، ستندلع. إن القواعد الأميركية موجودة في جنوب الخليج الفارسي، والأزمة التي ستندلع ليست بحاجة إلى إعادة قراءتها». ورأت أنه «في حال استؤنفت الهجمات على إسرائيل مرّة أخرى، فإن أزمة البحر الأحمر ستدخل مرحلة جديدة. إن إيران تركّز، في الوقت الراهن، جلّ اهتمامها على حلحلة العقدة المتشابكة للملفّ النووي، والتي أصبحت أكثر تعقيداً، بعد أحداث السابع من أكتوبر، والحرب في أوكرانيا، بينما ستزيد أزمة البحر الأحمر من تعقيداتها. ويُظهر إلقاء نظرة على العقوبات الأوروبية الأخيرة، أنهم اتّخذوا من إجراءات أنصار الله، مستمسكاً لفرض عقوبات على إيران. والشيء الوحيد الذي تُعدّ إيران في غنًى عنه الآن، هو أزمة جديدة».

* الأخبار
You might also like