كل ما يجري من حولك

تقرير أمريكي حول اليمن والبحر: حلفاء واشنطن يكتفون بالمشاهدة دون تحمل التكاليف

42

متابعات..|

كشف موقع ريسبونسبل ستيتكرافت الأمريكي عن التناقضات العميقة في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الأزمة في البحر الأحمر، حيث تواصل الولايات المتحدة تنفيذ عمليات عسكرية مكلفة ضد صنعاء لحماية الملاحة الدولية، بينما تبقى الدول الأوروبية والخليجية، الأكثر تأثراً بالأزمة، متفرجة ومستفيدة من الجهود الأمريكية دون تحمّل أي مسؤولية.

أمريكا تخوض الحرب وحلفاؤها يجنون الفوائد

أشار التقرير إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال مقابلة تلفزيونية في برنامج Face the Nation يوم 16 مارس، حين قال:
“نحن نقدم للعالم أجمع خدمة كبيرة بالتخلص من هؤلاء الأشخاص وقدرتهم على ضرب الشحن العالمي”.

لكن التقرير أوضح أن هذه التصريحات تثير الارتباك بدلاً من الامتنان، متسائلاً عن سبب استمرار إدارة ترامب في تحمّل عبء العمليات العسكرية في البحر الأحمر، بينما تظل أوروبا والخليج غير مستعدين لتقديم أي دعم فعّال.

وذكر التقرير أن هجمات قوات صنعاء ضد السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي بدأت قبل 16 شهراً كرد مباشر على العدوان الإسرائيلي على غزة، وتوقفت بشكل مؤقت مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في يناير 2025.

واشنطن تدفع الثمن بينما تعاني أوروبا والخليج

أكد التقرير أن الولايات المتحدة لم تتأثر بشكل كبير بالأزمة في البحر الأحمر، حيث أن اعتمادها على نفط الشرق الأوسط منخفض، كما أن لديها بدائل ملاحية أخرى، ما جعل أسعار الشحن عبر موانئها ترتفع بشكل طفيف فقط، دون الوصول إلى مستويات الذروة التي شهدتها خلال جائحة كورونا.

في المقابل، كانت أوروبا هي الأكثر تضرراً، حيث يعتمد اقتصادها بشكل كبير على التجارة عبر البحر الأحمر لاستيراد البضائع من آسيا ونفط الخليج. ونتيجة للحصار البحري الذي فرضته صنعاء، عانت سلاسل التوريد الأوروبية من اضطرابات واسعة النطاق، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وإغلاق مصانع في ألمانيا وبلجيكا، وإبطاء النمو الاقتصادي الأوروبي.

أما في الخليج، فقد انخفضت حركة الموانئ بنسبة الثلثين، ومع ذلك، لم تقدم دول الخليج أي دعم حقيقي للجهود الأمريكية في البحر الأحمر، على الرغم من أن تداعيات الأزمة تؤثر عليها بشكل مباشر.

التكاليف الباهظة للحرب الأمريكية في البحر الأحمر

كشف التقرير أن الولايات المتحدة أنفقت نحو مليار دولار حتى يناير 2025 فقط في عمليات الدفاع ضد الهجمات اليمنية، حيث أطلقت:

120 صاروخًا من طراز SM-2
80 صاروخًا من طراز SM-6
20 صاروخًا من طراز ESSM
صاروخًا واحدًا من طراز SM-3
وكل هذه التكاليف لا تشمل تكاليف الغارات الجوية داخل اليمن، والتي استؤنفت مؤخرًا بأمر مباشر من ترامب بعد أن قررت صنعاء استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “هاري ترومان” في رد عسكري غير مسبوق على الغارات الأمريكية.

حلفاء واشنطن يكتفون بالمشاهدة دون تحمل التكاليف

رغم هذا الإنفاق الأمريكي الضخم، فإن الدعم الذي تلقته واشنطن من حلفائها كان ضئيلاً للغاية. فبينما شاركت بريطانيا بشكل محدود في العمليات العسكرية خلال فترة حكم بايدن، فإن الاتحاد الأوروبي لم يرسل سوى 4 فرقاطات بحرية للدوريات فقط، بينما ظلت دول الخليج مترددة في تقديم أي دعم عسكري فعّال.

وانتقد التقرير بشدة إدارة ترامب، التي كانت قد وعدت منذ توليها السلطة في يناير 2025 بالتخلي عن دور “الضامن الأمني العالمي”، وطالبت حلفاءها في أوروبا وتايوان واليابان والخليج بتحمل أعبائهم الدفاعية. لكن في البحر الأحمر، وجدت نفسها تتحمل التكاليف العسكرية الهائلة دون أن تطالب هؤلاء الحلفاء بدور أكبر.

هل يتراجع ترامب عن التورط في البحر الأحمر؟

أكد التقرير أن المصالح الأمريكية ليست مهددة بشكل مباشر، وأن الضربات الجوية لم ولن تضعف قوات صنعاء، مشيرًا إلى أن الأخيرة صمدت لسنوات طويلة أمام القصف السعودي المكثف، وأنها اكتسبت دعماً شعبياً واسعاً نتيجة استهدافها لإسرائيل ومواجهة العدوان الأمريكي.

واختتم التقرير بتوجيه نصيحة مباشرة لترامب، تدعوه إلى إعادة النظر في الدور الأمريكي في البحر الأحمر، والتوقف عن تحمل نفقات حماية المصالح الأوروبية والخليجية، معتبراً أن النهج الحالي يعيد واشنطن إلى الدور الذي أرادت التخلص منه، ويعفي حلفاءها من مسؤولياتهم، وفي ظل هذه التناقضات، يبقى السؤال: هل سيتراجع ترامب عن حرب البحر الأحمر، أم أن الولايات المتحدة ستواصل دفع تكاليف حرب تخدم الآخرين أكثر مما تخدمها؟

You might also like